تقرير – المنبر 24
عندما تصل درجة الحرارة إلى 100 درجة مئوية، فإن بعض جزيئات الماء، وفي مرحلة معينة يبدأ الماء بالغليان، هكذا بلغت التوترات والأزمة بين السودان والإمارات ذروتها.
الثلاثاء الماضي، وقع صدامٌ عنيفٌ بين السودان والإمارات في مجلس الأمن الدولي الماضي بشأن اتهامات من الحكومة السودانية بأن الإمارات تقدم السلاح والدعم لمليشيا الدعم السريع في الصراع المستمر بالسودان منذ أكثر من 14 شهراً.
في أغسطس المنصرم، نقلت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية عن مسؤولين أوغنديين قولهم، إنهم عثروا على أسلحة في طائرة شحن كان يُفترض أن تنقل مساعدات إنسانية إماراتية إلى لاجئين سودانيين في تشاد.
تقرير لجنة الخُبراء
يقول المدير التنفيذي لمركز فكرة د. أمجد فريد في حديث لـ”بي بي سي”، إن الاتهامات لدولة الإمارات لم تأتِ من مندوب السودان للأمم المتحد فحسب، وردت من عدة منصات إعلامية عالمية ودولية سواء أكانت نيويورك تايمز، وكالة رويترز و”سي. إن. إن” ووكالة بلومبيرغ الأمريكية.
ويضيف فريد أن تقرير الخبراء بشأن القرار 1591 تحدث عن تورط الإمارات في دعم مليشيا الدعم السريع عن طريق تشاد وليبيا وأفريقيا الوسطى.
قرار مجلس الأمن
وفي 2005، أصدر مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة، قراراً بالرقم (1591)، طَالبَ فيه جميع الدول باتخاذ تدابير لمنع تزويد الكيانات العاملة في إقليم دارفور بالأسلحة والمواد ذات الصلة، بما في ذلك التدريب والمساعدة التقنية.
وقيّد القرار (1591)، إمداد السودان بالأسلحة والعتاد، بشرط تقديم وثائق تحديد المُستخدم النهائي، ويتضمن حظر أشخاص من السفر وتجميد أصول.
وشكّل مجلس الأمن الدولي، لجنة تمده بتقارير سنوية عن أنشطتها التي تشمل صد تنفيذ تدابير الجزاءات والنظر والبت في طلبات الإعفاء من هذه التدابير.
ويضيف المدير التنفيذي لمركز فكرة للدرسات بأنّ اللجنة المعنية بحظر السلاح في دارفور لديها الحق في فرض العقوبات على الأفراد والدول التي تخالف القرار.
ويقول إن اللجنة المعنية بمراقبة الوضع في دارفور، خلصت إلى ارتكاب الدعم السريع لجرائم ترقى للإبادة الجماعية في يونيو ونوفمبر 2023 بولاية غرب دارفور التي صاحبت الهجمات الإثنية والعرقية تصفية الوالي خميس أبكر.
ونوة فريد إلى أنّ أبوظبي تسخدم نفوذها لحجب الحقائق وعدم المحاسبة، وهو ما أكدته وكالة “بلومبيرغ” الأمريكية في مطلع شهر مايو الماضي، بأن الإمارات “ألغت اجتماعات مع مسؤولين بريطانيين، وذلك في ظل الخلاف بين البلدين بشأن الدور المزعوم للإمارات في الحرب الدائرة بالسودان”.
رؤيةٌ حقوقيّةٌ
من جهته، يشير رئيس مجلس أمناء هيئة محامي دارفور المكلف د. الصادق علي حسن في حديثه لـ (المنبر 24) إلى أن الإمارات طرفٌ أساسيٌّ في الحرب وليس داعماً فقط، وقد أكد ذلك تقرير لجنة الخبراء المُشكّلة بموجب قرار مجلس الأمن الدولي بالرقم (1593) والمُودع لدى مجلس الأمن رسمياً في يناير 2024م.
ويضيف: (لقد تضمن التقرير السلاح والعتاد العسكري والمؤن التي تأتي لقوات الدعم السريع من دولة الإمارات. أما بشأن التهمة المنسوبة لدولة الإمارات فبحسب تقرير مجلس الخبراء المذكور، فقد ثبت من خلال التحقيق توافر أدلة ذات موثوقية تُـؤكِّد ضلوع الإمارات)..!
ويعتقد الصادق أن تبادل التهم بين الدولتين، يكشف عن حجم تطور الأزمة بين قيادتي الدولتين وخروجها عن نطاق السيطرة.
دفوعات أبوظبي
في مذكرة مكتوبة، قال سفير الإمارات لدى الأمم المتحدة محمد أبو شهاب، إن سفير السودان لدى المنظمة الدولية الحارث إدريس الحارث أدلى باتهامات سخيفة وباطلة لتشتيت الانتباه عن الانتهاكات الجسيمة التي تحدث على الأرض. وكان السفيران يجلسان بجانب بعضهما بعضاً إلى طاولة مجلس الأمن.
واندلعت الحرب في أبريل من العام الماضي بين الجيش السوداني ومليشيا الدعم السريع بشأن خلاف حول خطة الانتقال إلى حكم مدني.
دبلوماسيةٌ خشنةٌ
وقال سفير السودان أمام مجلس الأمن، إنّ العدوان العسكري الذي تشنه مليشيا الدعم السريع بدعم من أسلحة الإمارات، يستهدف القرى والمدن بشكل متعمد ومنهجي..!
ووصف مراقبو العقوبات بالأمم المتحدة، الاتهامات التي تقول إن الإمارات قدمت دعماً عسكرياِ لقوات الدعم السريع بأنها “موثوقة”. ونفت الإمارات تقديم الدعم العسكري لأيِّ طرفٍ من الطرفين المتحاربين في السودان.
اعترافٌ ضمنيٌّ
وبدون تسمية أي دولة، أصدر مجلس الأمن، قراراً الأسبوع الماضي يحث الدول على الامتناع عن التدخل الخارجي الذي يسعى إلى تأجيج الصراع وعدم الاستقرار، وأعاد تذكير “الدول الأعضاء التي تسهل نقل الأسلحة والمواد العسكرية إلى دارفور بالتزاماتها والامتثال لتدابير حظر الأسلحة”.
مُساجلاتٌ في نيويورك
والتفت سفير الإمارات إلى نظيره السوداني، وقال: “إذا كانوا يسعون إلى إنهاء الصراع ومعاناة المدنيين، فلماذا لا يأتون إلى محادثات جدة؟ لماذا يعرقلون وصول المساعدات؟ ماذا تنتظرون؟”.
وأضاف: (يجب أن تتوقفوا عن المزايدات في مثل هذه المنتديات الدولية، وعليكم بدلاً من ذلك تحمل مسؤولية إنهاء الصراع الذي بدأتموه).
ورد سفير السودان بغضب على أبو شهاب وقال (من يريد إرساء السلام في السودان عليه أن يأتي أولاً بنوايا خالصة، والإمارات العربية المتحدة هي الدولة التي ترعى الإرهاب).
مذكرة الإمارات
الجمعة الماضية، وجّهت دولة الإمارات، رسالة إلى مجلس الأمن، تدحض فيها بشكل صريح ما وصفته بالادعاءات المفبركة التي أطلقها مندوب السودان ضد الدولة، مؤكدة استمرار دعمها للشعب السوداني ولجهود خفض التوترات وتنفيذ وقف إطلاق النار، ودفع المفاوضات قُدُماً، مما يفضي إلى استعادة حكومة شرعية تمثل أفراد الشعب السوداني.
وقالت الإمارات في بيانها الصادر عن بعثتها الرسمية الدائمة لدى الأمم المتحدة، إن “رسالة ممثل السودان المؤرخة في 10 يونيو 2024 مليئة بالمغالطات والادعاءات المفبركة بشكل صريح ضد دولة الإمارات، التي تشعر بقلق بالغ إزاء الآثار المدمرة للنزاع في السودان، وبشكل خاص إزاء التقارير حول العنف الجنسي ضد النساء والفتيات، وقتل وتشويه الأطفال وتجنيد الأطفال والقصف الجوي العشوائي، وارتفاع خطر حدوث مجاعة، واستمرار معاناة وتهجير آلاف المدنيين، خاصة الأطفال والنساء وكبار السن”.
فلاش باك
بدأ التصعيد بتصريحات نارية للفريق أول ياسر العطا مساعد القائد العام للقوات المسلحة السودانية، اتهم فيها الإمارات بأنها “دولة مافيا” سلكت “طريق الشر” بدعمها قوات الدعم السريع التي يقودها الفريق دقلو.
وفي خطاب حماسي أمام جنوده في 28 نوفمبر الماضي، اتهم الفريق ياسر الإمارات – أيضاً – بأنها ترسل منذ اندلاع الحرب أسلحة إلى قوات الدعم السريع عبر أوغندا وأفريقيا الوسطى “بمساعدة فاغنر”، مجموعة المرتزقة الروس التي كانت في وقت من الأوقات تنتشر بقوة في بانغي.
وأضاف: “بعدما ضعفت فاغنر، صارت طائراتهم تمر من تشاد. ومنذ أسبوع تهبط تلك الطائرات في مطار نجامينا”، مشيراً بأصابع الاتهام – كذلك – إلى المشير خليفة حفتر الرجل القوي في شرق ليبيا.
في 10 ديسمبر الماضي، طلبت وزارة الخارجية السودانية من 15 دبلوماسياً إماراتياً مغادرة البلاد خلال (48) ساعة، بعدما عدّتهم أشخاصاً غير مرغوب فيهم.
الإمارات، صارت لاعباً نشطاً بصورة متزايدة في القارة الأفريقية، وقّعت صفقات تجارية قيمتها عشرات المليارات من الدولارات لتطوير مناجم في جمهورية الكونغو الديمقراطية، والحصول على أرصدة الكربون في ليبيريا، والسيطرة على الموانئ في تنزانيا والصومال، كما تحاول وضع قدم لها في موانئ السودان..!!!