دمرت المدارس وشردت الطلاب.. حرب السودان تنذر بأزمة تعليمية ممتدة

مزدلفة عثمان

الخرطوم- يواجه ملايين الطلاب والتلاميذ في السودان مصيرا غامضا مع استمرار الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع وامتدادها لنحو 9 ولايات من أصل 18، حيث تعطلت العملية التعليمة كليا في ظل نزوح واسع ودمار كبير للمؤسسات التعليمية، كما تحولت مئات المدارس في المناطق الآمنة لمعسكرات تأوي الفارين من القتال.

وتسبب النزاع الدائر على مدى 9 أشهر، في نزوح قرابة 6 ملايين نسمة داخليا، نصفهم من الأطفال وحوالي مليون ونصف آخرين لجؤوا لدول مجاورة.

ويجد 5 ملايين طفل أنفسهم محاصرين في مناطق النزاع النشط، وهو ما يعرضهم لخطر فقدان الوصول الحاسم إلى التعليم وخدمات الحماية الأساسية، وفق منظمة إنقاذ الطفولة.

ومع تمدد القتال خارج العاصمة الخرطوم، يؤكد المتحدث باسم لجنة المعلمين السودانيين سامي الباقر، للجزيرة نت، أن أغلب مؤسسات التعليم العام في المناطق المتأثرة بالنزاع غير جاهزة لاستقبال الطلاب بسبب تدميرها جراء القصف أو استخدامها منصة للحرب أو ثكنات عسكرية.

في المراحل التعليمية الأولى -الصف الأول والثاني والثالث ابتدائي- هم عرضة الآن للأمية بسبب الغياب الطويل عن مقاعد الدراسة.

كما يواجه قرابة مليون و100 طالب من طلاب الشهادة الثانوية مصيرا غير معروف بعد تعذر إنجاز الامتحانات التي كانت مقررة في مايو/أيار 2023.

وتلقي هذه العقبات، وفق المتحدث باسم لجنة المعلمين، بظلالها الكثيفة على مستقبل وأوضاع طلاب المرحلة الثانوية في الصف الثاني وطلاب المرحلة المتوسطة الذين باتوا عرضه للتسرب.

وبحسب منظمة الأمم المتحدة لرعاية الطفولة “يونيسف” فإن نحو 19 مليون طفل في السودان باتوا خارج المدارس، وهي إحصائية أعلنتها بعد 6 أشهر من بدء النزاع المسلح، محذرة من “كارثة لجيل بأكمله”.

وقالت المنظمة -في بيان في أكتوبر/تشرين الأول الماضي- إن حوالي 6.5 ملايين طفل فقدوا إمكانية الوصول إلى المدرسة جراء تزايد العنف وانعدام الأمن في مناطقهم، مع إغلاق 10 آلاف و400 مدرسة على الأقل في المناطق المتضررة من النزاع.

وينتظر أكثر من 5.5 ملايين طفل يقيمون في مناطق أقل تأثرا بالحرب، أن تؤكد السلطات المحلية إمكانية إعادة فتح المدارس.

وتمدد القتال الضاري لولايات عديدة بما سيرفع أرقام التلاميذ غير القادرين على الوصول للتعليم المستقر.

ورصدت الجزيرة نت إغلاق المدارس في ولايات عدة بينها كسلا والقضارف شرق البلاد وهي من المناطق التي لم تتأثر بالحرب، لكن غالب المباني تحولت لمراكز إيواء للنازحين من ولايتي الخرطوم والجزيرة.

ويُقدّر المعلم بالمرحلة الابتدائية والمتوسطة إلياس باسيل، عدد التلاميذ في السودان بـ11 مليون طالب وتلميذ بينهم 9 ملايين في المرحلتين الابتدائية والمتوسطة، موزعين على قرابة 22 ألف مدرسة في كل أرجاء البلاد، ويحذر من ارتدادهم إلى الأمية وارتفاع نسبة التسرب مع استمرار الحرب والواقع الاقتصادي المتردي.

ويرى باسيل، في حديثه للجزيرة نت، أن نزوح ملايين الأُسر يعد مؤشرا خطيرا على مستقبل العملية التعليمية علما أن ثلث المعلمين والطلاب والتلاميذ في السودان كانوا موجودين في الخرطوم، حيث دارت أشرس المعارك.

ويصف رجل التعليم الظروف التعليمية الحالية بأنها “أسوأ أزمة” يمر بها هذا القطاع في السودان منذ بداية التعليم النظامي، حيث أصبح كل الأطفال في سن المدرسة معرضين للارتداد للأمية في الصفوف الدنيا والتسرب في الفصول العليا.

وانتقد باسيل “غياب دور وزارة التربية والتعليم في ظل هذا الواقع غير المفهوم وغير معلوم النتائج”. ولفت إلى أن إنقاذ العملية التعليمية يبدأ بإيقاف الحرب وتوفير أماكن ومسارات آمنة، مؤكدا أن كافة المؤسسات التعليمية غير مؤهلة لاستقبال الطلاب حاليا بعد تدميرها أو تحولها لمراكز إيواء وربما ثكنة عسكرية.

وجزم باسيل بتوقف الدراسة في كل ولايات دارفور الخمس، وولايات القضارف وكسلا والنيل الأزرق الخرطوم والجزيرة، معتبرا أن محاولات استئناف الدراسة في الولايات الشمالية ونهر النيل والبحر الأحمر، تهدف إلى “تحقيق مكاسب سياسية”.

الجهد لاستعادة العملية التعليمية.

ويضيف سامي الباقر “لحكومة الأمر الواقع دور في توفير رواتب العاملين والكتاب المدرسي وغيره، والأمر ذاته بالنسبة لمنظمات المجتمع المدني السوداني، إذا تم تنسيق هذه الجهود يمكن استعادة العملية التعليمية ويجب علينا -كمجتمع- إنهاء هذه الحرب التي جاءت وبالا على السودان”.

 

المصدر : الجزيرة

موقع المنبر
Logo