الكاتبة نعمات حمود في بوح (ما قبل الرحيل).. في غربتي بعيدة بالمسافات ولكنني ألتف وأدور حول الوطن

نعمات حمود

الروائية والكاتبة الراحلة نعمات حمود [أرشيفية]

لدي حالة مزاجية في الكتابة ورواياتي تجسد تجاربي

الكورونا أفسدت الكثير والمشهد الثقافي العربي بخير وهناك حالة وعي كبير لأهمية الإنتاج

“همس النوارس” نصيرة المرأة والفتاة المغتربة التي ضحت بالكثير من أجل أسرتها ورفعة وطنها

تعرضت لنقد لاذع وتقبلته بروح طيبة وهو دليل النجاح

 

حاورتها: نهلة مجذوب

 

نعمات حمود اسم يستحق الالتفات وتسليط الضوء عليه، وإبراز ما تقوم به في جانب الأدب ليس باعتباره فعلا عابرا، بل تشريفا مستحقا للأدب والإعلام ألذان أفلحا في القيام بدور بالغ الأهمية في أوقات جعل المثقف من نفسه فيهما رائدا صاحب رسالة، وموجها لمجتمعه للخروج من سلبيات ومنعطفات الحياة.

فنعمات حمود روائية لها ثلاث روايات (همس النوارس) و(في ذاكرة القلب) ولها تحت الطبع (من بعيد.. مرافئ الغربة). درستُ الصحافة في كلية الدعوة والإعلام بالسودان، فضلا عن أنها صحافية وكاتبة مقال ومراسلة قناة النيل الأزرق، وموظفة بحكومة الشارقة، دائرة الثقافة قسم الإعلام، ناشطة بالحراك الثقافي بدولة الإمارات، وحمود استطاعت تنمية علاقة دافئة بوجودها ككاتبة وصحافية، في الساحة الأدبية لا سيما وجودها الطاغي في دولة الإمارات العربية المتحدة تحديدا إمارة الثقافة الشارقة، ودائما ما تحتفي نعمات بالإبداع السوداني ونظرتها إليه مغايرة، وتعمل على دعمه، وكما تقول في معرض الحوار التالي: الرواية السودانية عظيمة ولكن مظلومة لم تجد طريقها الصحيح للعالم، وسوداننا الحبيب ملئ بمبدعين في فن الرواية، فقط الظروف ظلمتهم، ولكن كل من وجد طريقا للعالم الخارجي فاز بالتقدير ونال كبريات الجوائز بلا منافس، والدليل الطيب صالح وبركة ساكن وحامد الناظر وحمور وأمير تاج السر ومناهل فتحي وآخرين كثر، فالي مضابط الحوار :

*نعمات حمود كيف استطاعت إيجاد نفسها في فضاء الكتابة، وهل خططت لذلك كرغبة أم قادك الطريق؟

هذا الوطن الحبيب الذي يسكن دواخلنا يحملنا كيفما نكون.. المسافات التي باعدت بيننا وهذه الأشواق التي تضج بقلوبنا  كفيلة أن تصنع منا أدباء أو كتاب، وعملي قربني من أهل الثقافة والأدب، وقدمت لهم كثير من المساعدات فربما جعلت إسمي بينهم أكثر من كتاباتي نفسها، لكنني لم أخطط أن أكون كاتبة يوما الأمر محض صدفة، والكتابة عندي حالة مزاجية كلما اشتعل الشوق والحنين بصدري.

* كيف تنظرين إلى المشهد الثقافي في الوطن العربي في ظل الظروف التي نعيشها  لاسيما جائحة كورونا؟

المشهد الثقافي في الوطن العربي انتعش قليلا ولكن كورونا أفسدت الكثير، وبصورة عامة المشهد بخير وعوالم الإبداع في إزدهار وهناك حالة وعي كبيرة لكل منتوج والناس فطنت لأهمية الإنتاج الإبداعي.

*استطاعت الشارقة بصنيعها الثقافي العظيم أن تكون أم الصناعات الثقافية بالعالم، حدثينا عن هذا الدور وأنت تعملين بدائرة الثقافة بحكومة الشارقة؟ 

إمارة الشارقة يحكمها رجل الثقافة والأدب الرجل المثقف والكاتب المسرحي والأديب الذي يعي دور نهضة الثقافة لذلك اهتم بزراعة هذه نبتة الثقافة، وحصد ثمارها وما يزال وسيحصد المزيد، فهو الذي أسس بيوت الشعر في الوطن العربي، وعمل على تنظيم ملتقيات السرد والمسرح في البلدان العربية، وظل يدعم كل أمور الثقافة، لديه مشروع ثقافي كبير في شتى مجالات الأدب والفنون.. ومؤسسة دائرة الثقافة هي المنفذ لرؤى صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، ونحن ننفذ، رؤاه وما يريد.. وأنا محظوظة بأن أكون معهم، ودائرة الثقافة لها إدارات فرعية في المسرح والتراث ومعارض الفنون والشؤون الثقافية.

*الغربة والوطن والشجن والأسرة عند نعمات محطات و وقفات ترتبط هذه الكلمات بمعاني عدة، كيف استفدت من هذا الوضع وتوظيفه في أعمالك الأدبية عامة؟

الوطن قيمة من قيم الحياة يعرف معناها من يفارقه ولو لحظات.. الشوق والحنين والغياب، ومشاجبه هي أدوات الغربة وحالة تتلبس مشاعرك أينما تكون.. لذلك نعمات (مليانة فل) بهذه الأدوات وتؤثر في تماما.. أنا في غربتي بعيدة فقط بالمسافات ولكنني أدور وألتف حول الوطن أحن إليه وإلى كل ما فيه، أحمل همومه وأهتم بقضاياه وأعمالي الأدبية تجسد هذه الحالة وتدور في فلك الوطن والاغتراب.

* هل من طقوس للكتابة لديك؟ 

لدي طقوس للكتابة فعندما أذهب لبيتي وأكون مهمومة لشيء ما أو تنتابني بعض الضغوط أجد نفسي أرتب غرفتي وسريري وأضع كوب عصير أو شاي بالنعناع وأكتب، وهذه الحالة المزاجية حتى في أعمدتي الصحفية.

*نعمات والحالة الخاصة فهنالك النصوص التي تحاكي الواقع كما في روايتك الأولى (همس النوارس) إلى أي مدى يستمد ويستدعى الكاتب تجربته الذاتية والواقعية في الرواية؟

الكاتب يكتب ما يجيش في نفسه من جمال أو واقع تأثيرات الضغوط، ورواياتي تجسد تجاربي لحد ما.. وعندما أكتب لا أفكر في شيء محدد فتخرج كما تكون، وروايتي “همس النوارس” كانت نصيرة المرأة والفتاة المغتربة الغلبانة التي ضحت بالكثير من أجل أسرتها ورفعة وطنها.

*هل ترى أن الإبداع هو الحافز لسبر أغوار اللغة عند نعمات حمود وتقودك اللغة نحو المتخيل أم تعملين اللغة لخدمة المتخيل؟

اللغة هي شفرات لتوصيل المراد لذلك لا أنتبه كثيرا يجب فقط أن أستخدم التعابير والمفردات التي تفهم بسهولة للقارئ.. ولكن الزخم المعرفي منها يجعل الكتابة سلسلة وتسير بسهولة وأنا خريجة الجزيرة لغة عربية بجانب الإعلام.

*يقولون أن الكلمة والمضمون والموهبة أدوات الكتابة التي يمسك بها أي كاتب ناجح؟

نعمات

نعمات حمود

الموهبة هي مربط الفرس للإبداع وقلوب القراء، ولكن أن تمتلك ناصية الكلم دون موهبة لن يكون ابداعا ابدا.

*كيف تنظري لواقع الإعلام السوداني وأنت تلعبين باحترافية في المجال صحافية وكاتبة ومذيعة؟

إعلامنا شيق وطاعم ومميز ولكن الحكاية (جاطت) مؤخرا واختلطت الأهداف، كما تغيرت أمور الحياة بفعل النظام السابق والقهر والفقر ولكن الإعلاميين بخير وسنعبر وننتصر في سماء الحرية والسلام والعدالة في ظل الوطن الجديد وبشريات الغد الآتي المشرق.. وسيكون الإعلام على ما يرام.. ولن يحيد عن مواثيقه وعهوده.. سيترتب وسيعلم العالم أجمع كم نحن أهل الإعلام عظماء وأفذاذ وواقعنا في المؤسسات الإعلامية الخارجية يحكي ذلك.

*هل أنت مع موجة الحداثة في الأدب وهل تقبيلين النقد وتعرضت له كتاباتك؟

تعرضت لنقد لأذع وتقبلته بروح طيبة والنقد دليل النجاح وأهتم به وعملت على الإصلاح في الأعمال التالية وهناك نقد الحسد والحقد لا أقف عنده.. النقد مدارس وكليات فهو أساسي في عملية الإبداع ومكمل لها.. يجب أن نؤمن به ونسعى له، والحداثة نوع وجانب ضروري وملازم للأدب والعالم يتجدد فلا رأي لي في ذلك، وهي مدارس يرتادها من يرغب.

*الرجل في رواياتك الأدبية هل تعتبريه جزء أساسي أم ركن من أركان الرواية بما أنه يمثل نصف المرأة؟

الرجل هو الشريك المكمل للحياة وهو الملهم لإبداعاتنا وكلما كبونا معه نكتب ونكتب، وروايتي في ذاكرة القلب تدور جميعها في هذا الكائن الجميل ويمثل ما أقول دوما إن من رحم المرأة تولد الحياة، فالرجل من يضع هذه النبتة إذن هو شريك ذهبي.

*نعمات تكتب أكتر من فن بالفنون الأدبية المقال والقصة والرواية ومدونة، مقالاتك بماذا تشغلينها دائما؟

أنا أكتب وافضفض على الورق ليلا دوما ثم آتي للتصنيف في الصباح بعد قراءة ما كتبت وأحيانا أمزق بعضه.

*هل تناولت في الأدب الوقوف مع المرأة والمطالبة بحقوقها ورفع الظلم عن كاهلها بوعي كبير بعيدا عن المجادلات الكلامية؟

أنا نصيرة المرأة فهي أنا وأمي وأختي وزميلتي، المرأة من رحمها تولد الحياة.. فهي بهذه العظمة تستحق المناصرة، أكتب عنها في كل ما يمسها مناصرة ودعماً ونصحا، المرأة هي أنا وأنت، هي الحياة والمجتمع وإن صلحت صلحت الحياة.

*كيف تنظرين للرواية السودانية؟

الرواية السودانية عظيمة ولكن مظلومة لم تجد طريقها الصحيح للعالم، السودان الحبيب ملئ بمبدعين في فن الرواية، الظروف ظلمتهم ولكن كل من وجد طريقا للعالم الخارجي فاز بالتقدير ونال كبريات الجوائز وأعظمها بلا منافس والدليل الطيب صالح وبركة ساكن وحامد الناظر وحمور وأمير تاج السر ومناهل فتحي وآخرين كثر، المبدع السوداني جدير بالكثير فلينتظرنا العالم نحن قادمون في شتى المجالات الإبداعية سنحصد الجوائز وسنبهر العالم من حولنا فنحن عظماء في كل ما نقدم.

* نعمات حمود لك ختام الحديث؟

أقول ختاما شكرا للوطن العظيم الذي أنجبني، شكرا لك الحبيبة نهلة ولكل من يدعم مسيرتي المتواضعة ومن يفتح لي نوافذ الفرح.

صحيفة الجريدة

We will be happy to hear your thoughts

Leave a reply

موقع المنبر
Logo