(المنبر) يفتح ملف نجاح أغنياتنا بحناجر عربية .. ووقفات مع تجربة منير وميامي الكويتية.
فنون: المنبر24
* قوالب العرض.. التنفيذ المحكم.. التوزيع الموسيقي.. حضور المغني.. اللغة البصرية التي تتحدث بها الأغنيات.. سهولة وعمق الكلمات.. عذوبة وجمال الألحان.. توفر مساحات مقدرة للبث عبر الشاشات الفضائية، وتكثيف عرض الأغنيات، وغيرها من العوامل تمثل وصفة النجاح والذيوع حتى تخرج أغنياتنا من نفق المحلية وتنتشر في المحيط العربي وتحلق في فضاءات الإقليمية، فالقصة يا سادتي ليست توافر عنصري نجاح أو ثلاثة، فغزو الأذن العربية وتحريك برك السكون الجامدة يحتاج لحزمة ممتدة ومتمددة من العناصر التي تشكل في نهاية المطاف سبيكة واحدة ..!
* نجاح أغنية سودانية ووصولها للأذن العربية عبر (صوت غير سوداني) ليس مقياساً على قدرة أغانينا على غزو الوجدان العربي، كما أن تقاعد مطربينا عن الطرق المتكرر على الأبواب بغية تقديم أغنياتنا للآخر يجب الا يجعلنا نعتقد أن المستمع العربي إن وصلته أغنية سودانية مكتملة العناصر بصوت صاحبها سيشيح بأذنه عنها نكاية في الحنجرة السودانية التي جاءت تحمل النص والنغم على متنها ..!
* الذين يتحدثون عن رواج الأغنيات السودانية التي رددها الفنان المصري الأسمر محمد منير ومن بعده فرقة ميامي الكويتية – التي كانت آخر أعمالها السودانية المصورة أغنية المامبو السوداني – يظنون أن معظم الفنانين السودانيين بإمكانهم تحقيق ذات الذيوع إذا تغنوا بتلك الأعمال ويغفلون حقيقة مهمة مفادها أن الصوت الجميل وحده لم يعد الناطق الرسمي بإسم الإنتشار ..!
* نجح منير بامتياز عندما ردد (وسط الدايرة) لمحمد وردي التي كتبها أسحق الحلنقي، وقلب موازين بورصة الكاسيت عندما طرح ألبوم (مساكن شعبية) للشاعر القامة الراحل محجوب شريف الذي حقق أعلى الأرقام في التوزيع والمبيع، وحفظ الجمهور العربي رائعة أحمد المصطفى (البعدو يحنن) عندما صدح بها (شادياً مغنياً)، وكل ذلك النجاح لم يأت صدفة؛ فعلينا الا نغفل حقيقة أن الكلمات التي يختارها منير من أغنياتنا برغم بساطتها إلا أنها تنفذ للأعماق دون أن تقف برهة للطرِق على أبواب الاستئذان، كما أن الألحان ليس فيها تقعر وتعقيد، بينما كل تركيز الفتى منصب في التوزيع والتنفيذ الموسيقي وذاك أمر للأسف الشديد لا يوليه مطربونا أدنى مساحة اهتمام .
* جاذبية قوالب العرض الموسيقي تلعب دوراً كبيراً في جذب الانتباه، ويتضح ذلك جلياً في (البعدو يجنن) التي ضخ منير النغم في أوردتها، وشحنها بالموسيقى بشكل آسر جاذب لتلبس “حُلة فنية عصرية مواكبة” تشد الأذن وتُشبِع الوجدان، فإن أضافت هذه الأغنيات ل(الكينغ) طعماً مختلفاً، فينبغي الا نكابر ونعترف بأنه أضاف إليها بعداً جديداً ..!
* أس البلاء يكمن في محدودية سقف طموح معظم المطربين السودانيين الذين لا يفكرون في غزو العالم العربي وطرق أبواب القنوات الفضائية بقدر ما أنهم مشغولون بـ (نجومية زائفة) داخل أرض الوطن، ناسين أنه في عصر العولمة لابد لك من فرض ثقافتك بشتى السبل مع تكرار المحاولات أكثر من مرة، فيجب أن تكون (منتجاً) لا (مستهلكاً) فقط..!!
* الملاحظ أيضاً أن عدد كبير من مطربينا يتهيبون تقديم أنفسهم ومنتوجهم الغنائي للآخر، وحتى في الرحلات الخارجية بالدول العربية تجد معظم المطربين يقومون فقط بإحياء حفلات للجاليات السودانية بتلك الدول الأمر الذي يجعلهم يجسدون صورة قاتمة للانكفاء على الذات، والدوران في فلك الخطاب الغنائي السوداني (إنتاجاً وتلقياً)..!!
* من الإشكالات أيضاً الطريقة (الخجِلة) التي يقدم بها الفنانون السودانيون أغنياتهم عبر قوالب عرض تفتقد للجاذبية وتفتقر لأدنى عناصر المواكبة من حيث التنفيذ والتوزيع الموسيقي، لدرجة أنك تشعر بأن كثيراً من الأغنيات (الجديدة) ما هي إلا مجرد أعمال (قديمة بالية) تخاطب الأذن على استحياء !!
* ضعف الإعلام السوداني عبر وسائله المختلفة (المقروءة ـ المسموعة ـ المرئية) في تحقيق وجود إقليمي له أثر كبير أيضاً، الأمر الذي جعل مهمة الأغنية السودانية في الإنتشار أكثر صعوبة إذ أن ما يبث مثلاً من أعمال معظم من يشاهدونه خارج أرض الوطن الحبيب هم السودانيون فقط .
* ترجو النجاة ولم تسلك مسالكها
إن السفينة لا تجري على اليبس !