المعارضة الآن في الشارع وداخل المؤتمر الوطني والقوات النظامية
الإمام الصادق المهدي رئيس حزب الأمة القومي وزعيم طائفة الأنصار أصدر بياناً نارياً عقب الأحداث التي تلت قرارات رفع الدعم وكانت له خطبة سياسية في الجمعة الشهيرة ولحزبه تعقيب على كلمة السيد رئيس الجمهورية الأخيرة التي صرح فيها بوجود اتفاق بين حزب الأمة القومي والمؤتمر الوطني وكلف الأخير د الحاج آدم ناب رئيس الجمهورية لوضع الترتيبات، محلنا كل هذا الحراك بالإضافة للأحداث الماقبلية التي قام بها السيد رئيس حزب الأمة القومي من رسائل شفهية وأخرى مكتوبة للسيد رئيس الجمهورية بالإضافة للعلاقة التي رشحت لدينا في الإعلام بين الحزب ومجموعة غازي صلاح الدين الإصلاحية، حاولنا في هذا اللقاء أن نلتزم منبر الحياد قدر الإمكان لذا وجهنا النقد للمعارضة السودانية بأطيافها المختلفة التي أثرت في بعض أحزابها الشهيرة أن تهاجر من حرارة الأحداث في الخرطوم إلى بلد تموت من البرد حيتانها وفي أحزاب أخرى علت الحكمة المأثورة (ذا ندمت على الصمت مرة فلقد ندمت على الكلام مراراً) بينما وجه البعض لحزب الأمة انتقاداً لاعتناقه مذهب (المعارضة الكلامية)، بينما كان الشارع مفتقداً للقادة الذين يصنعون الحدث ولا يعقبون عليه فأتى رد الإمام في هذا الحوار..
حوار: عفراء فتح الرحمن
في خطاب السيد رئيس الجمهورية الأخير وردت إشارة إلى اتفاق تم بين الأمة القومي والمؤتمر الوطني وكلف د. الحاج آدم برئاسة اللجنة المفاوضة.. ما هي تفاصيل الاتفاق؟
حزب الأمة نشر (المشروع في نظام جديد) بناءً عليه كلف لجنة للاتصال بكل القوى السياسية بمن فيهم المؤتمر الوطني والجبهة الثورية بهدف الوصول إلى حلول ناجعة، وحوى المشروع مسلكين: الأول الشروع في انتفاضة شعبية.. والثاني مائدة مستديرة مثلما تم في جنوب أفريقيا لأجل إحلال نظام جديد والاتصال الذي تم بين الأمة القومي والمؤتمر الوطني هو في هذا الإطار لم نصل إلى اتفاق ولم نصل إلى أي اتفاق
– البعض فسَّر هذه الجزئية على أنها اتفاق ثنائي بينكم والوطني؟
ما أنا بقول ليك الأمر الذي حدث فقط في هذا الإطار، على كل حال نحن نعتقد أن الذي حصل هو جزء من حوار مع كل القوى السياسية بهدف حل قومي لقضايا السودان وعلى أرض الواقع لابد أن نجتمع بكل الأطراف لمعرفة إلى أي مدىً توفر القبول لهذا المشروع.
وعلى كلٍ حزب الأمة أخرج بياناً من اللجنة المعنية بأمر الحوار مع كل القوى السياسية يؤكد أن حوارنا مع الوطني هو جزء مع حوارنا مع الكل السياسي بمن فيهم الجبهة الثورية، وحتى الآن لم يحدث أي اتفاق على القضايا، لكن نحن سنقوم بتجميع ردود الفعل من الأطراف المختلفة لأننا نريد حلاً للمشكل السوداني لا يعزل أحداً ولا يسيطر عليه أحد.
– هل تتوقع أن تكون مقترحاتكم الداعية إلى انتفاضة شعبية أو مائدة مستديرة لتغيير الراهن السياسي مقبولة من الوطني؟!!
والله ما عارف؛ لكن هذا موقف حزب الأمة، لكن حسب قراءتي أنهم إذا أحسوا بالضغط من الشعب وأنهم معزولون سيقبلون حينها بالمقترح، وهذا يتوقف على مدى إدراكهم لفداحة الواقع، فهم الآن في عزلة داخلية وخارجية، لديهم الآن خياران، إما البطش بالشعب أو الاستجابة لمطالبه.
– ما هو رأي حزب الأمة القومي في الأحداث التي أعقبت رفع الدعم عن المحروقات؟
الموقف هو أن الزيادات غلط وظلم.. وليست علاجاً، وأن المشاركين في تيار الرفض ونحن منهم معهم الحق.. أما الشغب فنحن ندينه، أما الموقف الجوهري هو إدانة الزيادات والعمل على إلغائها.. وهي دليل على أخطاء النظام لذا نود أن نؤكد أن السبيل هو في البحث عن نظام بديل.
تحدثت عن إدانتكم لأعمال الشغب ماذا بشأن الأرواح التي أُزهقت؟
ندين هذا المسلك المشين، وندعو إلى لجان تحقيق عادلة، ولدينا دلائل على جهات مخططة للقيام بالتخريب إذ لا بد من المساءلة.
– بعض التصريحات التي رشحت من قياديين بالوطني أثناء الأزمة كانت تتهم المعارضة بالمشاركة في التخريب؟
لابد من تحقيق عادل لكشف الغطاء عما خُفي.
– ما هي النصائح التي قدمتها للسادة وزير المالية ومحافظ بنك السودان بحل الأزمة الاقتصادية بعيداً عن زيادة المحروقات؟
رأيي أن الأزمة المالية سببها الحرب والصرف البذخي السياسي والإداري والدبلوماسي وسوء إدارة المال العام، فهذه هي المشاكل الرئيسية ولمعالجتها يجب أن ندعو إلى ملتقى قومي اقتصادي لأجل التشخيص ثم الحل.. أما جزئية رفع الدعم عن المحروقات، هذا يعني الفشل في الإدارة الاقتصادية مع تحميل الشعب أخطاء اُرتكبت في إدارة الاقتصاد الوطني، فالرأي أن تطرحوا بشفافية الميزانية والعجز ومقترح الحلول وذلك من خلال مؤتمر اقتصادي عام، ثم الالتزام بالقرار القومي، وهذه كانت نصيحتنا لهم.
ـ ما هي فحوى الرسالة الشخصية التي أرسلتها لرئيس الجمهورية عبر د. مصطفى عثمان؟
في يوم الجمعة {12 سبتمبر} جلس بالقرب مني د. مصطفى عثمان، فأرسلت للرئيس رسالة عبره فحواها أن الانفراد بموضوع الدعم بشكل انفرادي بعد أن شاورتوا الأحزاب، فإذا خالفتوها هذا يعني نسف الجسور مع كل القوى السياسية ورأيي هو أن يُطبق ما حدث {في ديسمبر 1988م} عندما خرجت مظاهرات احتجاجية فما كان مني إلا أن جمدت القرارات ودعوت إلى ملتقى قومي يود الخروج بإجراءات حقيقية، وأيدت الميزانية وانتهى الموضوع {دحين يا مصطفى كلم الرئيس بهذه النصيحة لأن عدم العمل بها سيؤدي إلى استفزاز الشارع وهدم الجسور مع المعارضة.. ثانياً رأيي في موضوع ذهاب الرئيس إلى أمريكا لو تحقق سيجعله في مواجهة الرأي العام الأمريكي
ـ لكن رئيس الجمهورية في خطابه الأخير استند على عدم توقيع الولايات المتحدة ضمن الدول التابعة للجنائية وبالتالي تنتفي الملاحقة القضائية؟
هناك قرار مجلس الأمن الدولي {1593} ولعلمك مجلس الأمن هو الذي دفع بالقضية إلى الجنائية بالإجماع وكان بوسعه إقامة محكمة خاصة، بالإضافة لوجود {لوبيات} ضد حكومة السودان ومحرضة للرأي العام الأمريكي، مثلاً شخص مثل جورج كلوني قام بتأجير قمر صناعي خاص لأجل ملاحقة وكشف والهجوم على حكومة السودان، فكانت نصيحتي للرئيس شفاهة هي (لو أدوك من قبل الحكومة) ستواجه بالقضاء والرأي العام الأمريكي، (ولو ما أدوك) حتكون صفعة قوية للحكومة السودانية.. فرجاءً اسحب الطلب عشان لا تبقى صفعة ولا شرك.. و د. مصطفى عثمان قال لي (بشيل الكلام دا حسه بكلمو بيه) وعرفته من هذا مصطفى إنه موافق على رأيي.. وطبعاً النصيبحة لم تُقبل مثلها مثل نصائح أخرى، وفي رأيي الآن بكونوا حاسين (قدر إيه النصح كان مخلصاً)، وعلى فكرة هم ما قادرين يفهموا أن موضوع المحكمة الجنائية الدولية موضوع خطير جداً وحتى لو الحكومة قالت إنها غير موقعة، القضاء مستقل ويمكن أن يتصرف مثلما حدث مع بينوشيه رئيس شيلي عندما قُبض في لندن ولم يطُلق سراحه إلا باستئناف لمجلس اللوردات وسبب إطلاق السراح كان حالته الصحية فهو في التسعين من العمر وقت الحادثة.
– هنالك حديث حول (مذكرة ما بعد النظام) الصادرة عن حزب الأمة القومي الذي يسعى لخلق ائتلاف حولها مع بقية أحزاب المعارضة ألا تعتقد أنها خطوة استباقية لم تستصحب معها بقاء النظام رغم تيار الرفض؟
يا سيدتي قبل عام ونصف كان لدينا مشروع لنظام جديد وكل ما قلته لك قبل عام ونصف ونحن نتكلم على أن السودان بعد ذهاب النظام كيف يحكم و…
– هذه المذكرة موازية في فكرتها لتوثيقة الفجر الجديد؟
وثيقة الفجر الجديد قصتها كالآتي.. أنا التقيت مع سكرتير الجبهة في لندن (في نوفمبر 2012)، وقلت له إنكم لن تستطيعوا القيام بعمل يجد القبول قومياً فتكوينكم وتجربتكم وعند إصراركم على العمل المسلح هذا يعطي النظام حقاً في قتالكم تحت لافتة الدفاع عن السودان وخصوصاً أنتم منطلقون من جهة خارجية فلا بد من المراهنة على حل سياسي وهذا يمكننا جميعاً من العمل في جبهة موحدة، لكن هذا الأمر لا يتم إلا بالتحاور لذا أقترح أن نلتقي في جنوب أفريقيا لأجل التناقش في استراتيجية واحدة تبحث الحل السياسي لا العسكري (ما في زول يقول ليكم) أسقطوا سلاحكم ابقوا عليه ودافعوا عن أنفسكم ولكن لا يستخدموه إلا للدفاع عن النفس فقط، لذا لابد أن نلتقي في بلد محايد ونخلق آلية لتحديد الزمان والمكان والمدعوين، اتفقنا على هذا الأمر في لندن وقتها لذلك (ما مشوا في الخط) وقرروا إجراء اجتماع في كمبالا وبدون المشاورة في الأجندة ولا المدعوين ولا المكان ولا الزمان واعتبرناها خطوة مخالفة لما اتفقنا حوله، ثم جاءت وثيقة الفجر الجديد المحتوية على ثلاثة أشياء مرفوضة أولاً إعطاء شرعية وقبول للعمل المسلح وهذا مرفوض، ثانياً: معنى تقرير المصير واعتقادنا للحل أنه يتم داخل وحدة السودان، ثالثاً: حل مؤسسات الدولة وهذا أمر مرفوض فحديثنا نحن عن الإصلاح وليس الحل، هذا ما جعلنا نرفض الوثيقة.
– الشئ بالشئ يذكر لذا عندما أجريت مقابلة مع السيد عبدالعزيز خالد أفادني أن المهدي والترابي والخطيب كانوا على دراية وموافقة بجزئيات وثيقة الفجر الجديد وأنكروا مخافة حل أحزابهم؟
يا أستاذة أنا بقول ليك كلامي.. فما تقولي لي قال فلان وقال علان، وعبدالعزيز ما عارف أي حاجة عن الموضوع دا وهو يتحدث عن أمانيه ونحن لما أخطرونا بأنهم اجتمعوا في كمبالا أرسلنا مندوباً عشان يطرح وجهة نظرنا التي أقولها لك الآن، وعندما وجدناهم مخالفين للنهج الأول تركناهم.
– أرجو أن تجيب عن سؤال عكوف حزب الأمة القومي على مذكرة ما بعد النظام؟
هذه المذكرة قديمة ولكنها نشرت قبل أربعة أشهر تقريباً.
– تحاولون الآن خلق ائتلاف سياسي حولها؟
هذه المذكرة ربطت بتذكرة التحرير فنحن طرحنا المقترح منذ ذلك الوقت والآن حدثت تداعيات تجعل الناس يقبلون عليها أكثر وهي مشروع لنظام جديد.
– إبان أحداث الرفض التي أعقبت رفع الدعم عن المحروقات ثمة من سرب لي أن المجموعة الإصلاحية بقيادة د. غازي العتباني انضمت لكم؟
لا هسي أنا ما حأتكلم عن أي مجموعة.. فنحن على صلة بكل المجموعات، ولن أعلن أي شئ إلا كل مجموعة تعلن هي موقفها، على العموم كل المجموعات والأحزاب لديها نسخة من هذا المشروع.
– البعض يصف أداء المعارضة في أحداث ما بعد رفع الدعم بالضعف الشديد تقسموا بين معتصم بالعواصم الضبابية وبين صامت وبين معارض مع وقف النزول إلى الشارع وهذا أمر مشين إذا قورن بالأزمة المصرية التي كان فيها القادة في التحرير ثم مات أبناؤهم في رابعة؟
والله أنا ما بعرف أبناء الناس التانيين، لكن أنا أولادي وبناتي خرجوا مع الناس وموجودين معاهم وكل شئ، لكن على كل حال الناس البتكلموا معاهم ضعف المعارضة هم أبواق للنظام لأنها ليست فقط في الشارع وإنما في المؤتمر الوطني في القوات النظامية، وأكرر أبنائي البنات والأولاد شاركوا في المظاهرات.
– قصدت من سؤالي المعارضة الحزبية؟
لا ما بتقدري تعممي، هنالك أحزاب لديها قدرات حيوية ونشاط وأخرى لا، لذا لابد من تحديد حزب بعينه، فهناك أحزاب أسماء وأخرى أفعال، لكن المعارضة الآن طيف عريض للغاية، وهذا ما أعطى الحكومة جرعات من (البنج) فهي تعتمد على ضعف المعارضة حسب رؤيتها و…
– إذن أنت راضٍ عن أداء المعارضة؟
لا لست راضياً عنها.. لكن لا يقال ضعيفة ممكن تكون مشتتة وغير متحدة لكنها ليست ضعيفة لأنها واسعة وقادرة.
– أنت وصفت الأحداث بأنها دموية فهل حاولت التأثير على العقيد عبدالرحمن للخروج من الحكومة؟
نعم.. أنا مش عبدالرحمن فقط، بل كل المستشارين والمساعدين رأيي أن هذه الأحداث (حوبتم)، إما أن يكونوا مساعدين حقيقيين أو لا، عليهم أن يقولوا للرئيس ينبغي وقف العنف، ثانياً: إلغاء الزيادات.. قام بها السادات من قبل وعليهم أن يصبحوا مساعدين ومستشارين حقيقة وليس مجازاً، لابد من توصيل رفض القاعدة الشعبية لهذه الإجراءات وأن ما حدث من قتل وموت هذه الإجراءات عنيفة وغير صائبة، أما ما يتعلق بالتخريب فلابد من إجراء تحقيق، ثالثاً: لابد من تعضيد المطلب الشعبي الداعي إلى نظام جديد وإن كان دورنا ونصائحنا لا قيمة لها فإننا مستقلون.
– كيف كانت ردة فعل العقيد عبدالرحمن المهدي على هذه النصائح؟
امشي اسأليه.. أنا كلامي ما بالشكل الفردي، دا كلام عام لكل المستشارين والمساعدين، ومثلما نصحت البشير فهذه نصيحتي لكل مستشار ومساعد أنكم تقولوا كلمة نصيحة فهذه الإجراءات لن تعالج المشكلة الاقتصادية في السودان وأفضل طريقة لتغيير النظام هي التفاهم على نظام جديد لأن هذه الدعوة موجودة داخل المؤتمر الوطني.
– شكراً جزيلاً لك يا إمام على وقتك وسعة صدرك؟
بارك الله فيكم.
صحيفة الجريدة