متابعات ـــ المنبر 24
منذ بدء الحرب في الخرطوم و تمددها إلى بقية الولايات عبر آلاف السودانيين الحدود إلى دولة ليبيا للبحث عن الأمان المفقود وفرص حياة أفضل من التي وجدوا أنفسهم فيها بسبب ويلات الحرب، هذا في وقت أكدت فيه بيانات الأمم المتحدة ارتفاع اعداد اللاجئين السودانيين الواصلين ليبيا إلى نحو 195 الف لاجئ حتى اغسطس المنصرم، و يواجه هولاء اللاجئين السودانيين ظروفًا إنسانية قاسية ومعقدة في دولة ليبيا، وغالبيتهم في بداية رحلته يتكدسون في المزارع بمدينة الكفرة الحدودية، وآخرين في مقرات الجالية السودانية بالمدن الليبية الأخرى بعد مغادرتهم محطة الكفرة كما يعانون من تأخر إجراءات منحهم بطاقة اللجوء من قبل المفوضية السامية لشؤون اللاجئين.
عقبات أخرى
وأدى تدفق اللاجئين السودانيين إلى ليبيا أسهم في زيادة الاحتياجات داخل المجتمعات المحلية، مما أدى إلى إجهاد الموارد الضعيفة أساساً، والنظام الصحي الهش، إذ تفتقر المرافق الصحية الأولية إلى القدرة على تقديم المساعدة الطبية الكافية للعدد المتزايد من اللاجئين.
ورغم التسهيل الذي يجده اللاجئين السودانيين من سلطات الحدود الليبية خاصة الأسر والأقرباء من الدرجة الاولى الذين تسمح لهم بالدخول، إلا ان هنالك عقبات أخرى تواجه السودانيين الواصلين الى الكفرة منها بطء اجراءات الكرت الصحي التي قد تستغرق أسبوعين او يزيد بسبب كثرة اعداد اللاجئين السودانيين الواصلين الذين تتراوح اعدادهم حسب لجنة الانقاذ الدولية إلى مابين 2000 الي 2500 لاجئي أسبوعيا.
وقال “م عابدين” المقيم بأحد المناطق الليبية بحسب “دارفور 24” إن هذا الوضع خلق نوعا من التكدس للاجئين في الكفرة حيث باتوا يتخذون بعض المزارع المجاورة سكنا لهم وعائلاتهم، ريثما تكتمل اجراءت حصولهم على الكرت الصحي والتي بدونها لا يسمح لهم بالدخول إلى ليبيا.
ويواجه اللاجئين السودانيين تحدياً آخر وهو ان الكرت الصحي المستخرج من مدينة الكفرة تسري نطاق صلاحيتها في مناطق الشرق الليبي الذي يقع تحت سيطرة حكومة أسامة حماد حتى آخر مدينة في الشرق سرت.
ويحتم على اللاجئين السودانيين الذين يقصدون الوصول إلى الغرب الليبي التي تقع تحت سيطرة حكومة الوحدة الوطنية بقيادة الدبيبة استخراج الكرت الصحي عند وصولهم إلى منطقة أبو قرين الفاصلة بين الشرق والغرب.
فرص التوظيف
هذه الزيادة الكبيرة في اعداد اللاجئين السودانيين في ليبيا في الشهور الأخيرة فرض تحديا جديدا على سوق العمل في ليبيا منها تقلص فرص التوظيف واشتداد المنافسة على الوظائف المتاحة في ظل اعداد كبيرة من العمالة المصرية والتونسية وجنسيات آخرى.
وقال “م- جمعة” اللاجئ السوداني المقيم بمدينة البيضاء، بحسب “دارفور24″ ان فرص الحصول علي وظيفة أصبحت صعبة وربما تتطلب في بعض الأحيان التوسط للحصول عليها فضلا عن ضعف في الرواتب التي تتراوح مابين 1000 الى 1300 دينار ليبي ما يعادل 150-200 دولار أمريكي.
وأضاف أن”هذا المبلغ بالكاد يكفي قيمة إيجار شقة للسكن اما فرص العمل الحر في المجال الصناعي والحرفي فالعمل يتم بالإنتاج ويمكنك إيجاد عمل واحيانا لا”.
وقال جمعة ان هنالك تحديات إضافية تواجه العمال ويتعلق بطول مدة دوام العمل الذي يمتد إلى 12 ساعة في اليوم من الساعة ويبدأ من 8 صباحا وحتى 11 ليلا.
وذكر أن هنالك اعداد كبيرة من السودانيين خارج سوق العمل يعانون من العوز والفاقة وان عددهم لايستهان بهم يعيشون في الشوارع ولا يجدون ما يسدون به رمقهم.
وأشار الى اكتظاظ دار الجالية السودانية بمدينة البيضاء باللاجئين الذين حولوها إلى مسكن لهم.
تعقيدات الدراسة
برغم اعلان السلطات الليبية معاملة الطلاب السودانيين أسوة بالطلاب الليبين في مختلف مراحل التعليم والسماح لهم بدخول المدارس والجامعات الليبية دون أي رسوم إضافية إلا ان هنالك تحديات اخرى تتعلق باختلاف المنهج المدرسي الليبي عن السوداني، وان جوانب تفوق اي منهج علي الآخر في بعض المواد قد يؤثر احيانا على معادلة الشهادات، حسب الدكتورة “س ع أدم” الأستاذة الجامعية المقيمة في طرابلس.
وقالت إن هناك تحديا آخر يتعلق باختلاف اعمار الطلاب السودانيين من اقرانهم الليبيين في نفس الصفوف بسبب اختلاف اعمار إدخال التلاميذ للمدارس في البلدين، ولا يتحاوز عمر تلميذ الصف الأول في السودان 5 سنوات في أغلب الأحوال بينما ترتفع معدل التلميذ في ليبيا الى 10 سنوات لتلاميذ الصف الأول.
وأضافت أن هذه الوضعية المختلة حتمت على التلاميذ السودانيين الانتظار لمدة قد تتجاوز العامين لردم هوة فارق العمر حتى يتسنى لهم الدخول إلى المدارس في ليبيا مع وجود صعوبات أخرى تتعلق بأيلولة امر إلحاق التلاميذ السودانيين بالمدارس الليبية إلى مدرسة الأخوة السودانية التي تتبع للسفارة السودانية والتي تقوم ببعض الإجراءات البروقراطية غير اللازمة مقابل دفع رسوم من قبل أولياء أمور التلاميذ، ومع ذلك فإن السلطات الليبية تقوم بمعادلة شهادات التلاميذ السودانيين بكل سهولة ويسر ودون أدني تعقيدات او مقابل مادي.
اتهامات للأمم المتحدة
وتعد مدينة طرابلس واحدة من اكثر المدن الليبية التي تكتظ باللاجئين السودانيين الذين يقصدونها بحلم الحصول علي حق الحماية بعد التسجيل في المفوضية السامية لشؤون اللاجئين ومنظمة الهجرة الدولية اللتين لا تتواجدان فيه الا في هذه المدينة غير أن أحلام اللاجئين دائما ماتصطدم بنظام إجراءات المنظمات وآليات عملها التي تتسم بالبطء في الاستجابة.
وقال لاجئون بطرابلس انهم ظلوا يقصدون المفوضية السامية لشؤون اللاجئين UNHCR بصورة منتظمة بصدد التسجيل للحصول على حق الاعتراف بصفة لاجئ التي تمنح صاحبها حق الحماية وحق تلقي المساعدات الانسانية المادية والعينية دون جدوى، إذ تكتفي المفوضية بتسجيل بياناتهم فقط مع منحهم إشعار تتضمن اسماء بعض المنظمات الشريكة لتقديم المساعدات لهم إلا انهم لم يتلقوا اي مساعدات منها او من اي جهة أخرى.
وأشاروا الى ان التسجيل في المفوضية مؤخرا أصبح عن طريق الرسائل النصية وان اللاجئين يقومون بإرسال بياناتهم وبيانات أسرهم للتسجيل دون أن يحصلوا على اي إفادة تشير الى تسجيلهم.
كما اوضحوا أن منظمة الهجرة الدولية IOM هي الجهة الوحيدة التي قامت في أوقات سابقة بمنح حق الحماية وتقديم المساعدات الانسانية لبعض اللاجئين السودانيين قبل أن تتوقف، فضلا عن وزارة الاوقاف الليبية التي تقوم كالعادة بمنح بعض المواد التموينية وأدوات الطبخ للاجئين السودانيين الواصلين توا الى مدينة الكفرة في الحدود مع السودان.