متابعات ـــ المنبر 24
استضاف مقر الأمم المتحدة في نيويورك اجتماعا وزاريا بعنوان: “تكلفة التقاعس عن العمل في السودان”. عقد الاجتماع مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) ومفوضية شؤون اللاجئين مع المملكة العربية السعودية ومصر والولايات المتحدة الأمريكية والاتحادين الأفريقي والأوربي.
ودعت الأمم المتحدة والدول الأعضاء إلى تعزيز العمل لإنهاء الحرب وزيادة الجهود الإنسانية في السودان والمنطقة.
“أشخاص حقيقيون وليسوا محض أرقام”
تحدثت في الفعالية الناشطة السودانية نسرين الصائم، الرئيسة السابقة لفريق الأمم المتحدة الاستشاري المعني بتغير المناخ. وأعقب كلمتها تصفيق من المسؤولين والمندوبين والحضور إعرابا عن تقديرهم ودعمهم. وفي حوار مع أخبار الأمم المتحدة عقب الاجتماع، قالت إنها حاولت من خلال كلمتها لفت الانتباه إلى أن الإحصائيات المتعلقة بالحرب قي السودان “ليست فقط أرقاما جامدة، بل هم أشخاص حقيقيون يعيشون هذه المشكلة”.
وأشارت إلى أن “التقاعس الكبير” عن دعم الحكومة الانتقالية في السودان كان أحد الأسباب الرئيسية للحرب، مشيرة إلى أن الحكومة الانتقالية تلقت “وعودا كثيرة وكبيرة لكنها تأخرت”.
“السبب الوحيد للموت هو أنك سوداني”
وتحدثت نسرين الصائم أيضا عن شباب السودان ووضعهم وآمالهم وطموحاتهم في ظل الحرب، وأشارت إلى ما وصفته بـ “الموت المجاني” الذي قالت إنه يحدث في السودان ومضت قائلة: “إذا لم تمت بسبب رصاصة أو دانة، ستموت بسبب الكوليرا أو الحمى أو الجوع أو العطش. والسبب الوحيد حاليا للموت هو أنك شخص سوداني”.
وأبرزت الصائم مساهمات الشباب في غرف الطوارئ وجهودهم الإنسانية، ودعت إلى تقديم عون إنساني يركز على الناس ويصل إلى المحتاجين مباشرة بدون وسطاء، وطالبت بتوطين العمل الإنساني.
وحذرت الصائم من أن المجتمع الدولي يكرر الأخطاء نفسها التي ارتكبت في الماضي بأنه يتقاعس عن المساعدة، وأكدت أن ما يجري حاليا هو عبارة عن أعراض للحرب “ولابد للحرب أن تتوقف”.
لا مستقبل بدون وقف الحرب
عقدت الأمم المتحدة خلال الأسبوع الماضي قـمة المستقبل. وفي هذا السياق سألنا نسرين الصائم عن مستقبل السودان، فردت بالقول: “لا يوجد مستقبل للسودان من غير وقف الحرب. يجب أن تكون الأولوية هي وقف الحرب حاليا. هناك مستقبل كبير وواعد. أغلبية سكان السودان هم من الشباب. هناك كفاءات وقيادات تتمتع بالكفاءة في وسط الشباب السوداني وهم قادرون تماما بأن ينقلوا السودان من الوضع الحالي لوضع أفضل. لكن الحرب لا تبقي ولا تذر”.
حرب على النساء
توصف الحرب في السودان بأنها “حرب على النساء”. وقالت نسرين الصائم إن هذا التقليد متبع في الحرب السودانية منذ عشرين عاما ومضت قائلة:
“القوات المتحاربة تستعمله كاستراتيجية للتجنيد. لأن لديهم مشكلة مالية وبالتالي يحدث التجنيد مقابل النساء والغنائم باعتبار أن هذه ساحة حرب ويمكن من خلالها أخذ السبايا والغنائم. جزء كبير من المشكلة طابعه ثقافي وهي ثقافة حرب دخيلة. وهي برغم قبحها إلا أنها ليست أمرا مستغربا”.
“متى تتوقف الحرب وبأي كلفة؟”
دعت الصائم المجتمع الدولي إلى الضغط على الأطراف التي تدعم طرفي النزاع لكي يجففوا مصادر السلاح والتمويل، وقالت إن مصير الحرب أن تضع أوزارها “لكن السؤال هو متى وبأي كلفة”.
وقالت الصائم إن الشعار الرئيسي للشباب السوداني الذي رفع خلال “ثورة ديسمبر هو الحرية والسلام والعدالة، وإنهم يستحقون أن يعيشوا في دولة معافاة تتضمن لهم حقوقهم كي يتمكنوا في المقابل من أداء واجباتهم تجاه الدولة”.
وختمت الصائم كلمتها برسالة إلى أطراف النزاع، قائلة: “تعبنا يا برهان. تعبنا يا حميدتي. عليكم بإعلاء كلمة السودانيين. عليكم بإعلاء الوطنية. ضعا السلاح كي نتمكن من بناء وطن نستحقه ونحلم به”.
لماذا يسود الإفلات من العقاب في السودان؟
من جانبه، أكد المحامي السوداني منعم آدم أن الوضع في السودان يمثل أحد المواقف المدمرة على مدى العقود الثلاثة الماضية، مشيرا إلى أن السودان ظل يمثل دائما أحد المناطق الصعبة للغاية للنظر إليها من منظور حقوق الإنسان بما في ذلك انتهاكات حقوق الإنسان والجرائم التي تحدث.
وقال آدم لأخبار الأمم المتحدة إن الإفلات من العقاب سائد في السودان “لأن المجتمع الدولي لم يخصص تمويلا كافيا لمعالجة هذا الأمر، ولم يمارس ضغطا كافيا، ولم يبذل دبلوماسية كافية لدعم الشعب السوداني”.
وأضاف منعم آدم أن الحرب الحالية تعد واحدة من أكثر المواقف فظاعة، خاصة في دارفور، لكنه قال إن المجتمع الدولي “لا يملك الرغبة لتقديم الدعم لأنه متردد في دعوة الأطراف المتحاربة في السودان لوقف الحرب وكذلك دعوة القوى الإقليمية التي تدعم الأطراف المتحاربة في السودان”.
ودعا آدم إلى تقديم الدعم الإنساني والمناصرة ودعم المجتمع السوداني ليكون قادرا على تحقيق العدالة، قائلا إن العدالة هي المسألة التي تمس إليها الحاجة.
وأكد ضرورة وقف الحرب في أقرب وقت ممكن حتى يتمكن الشعب السوداني من العودة إلى دياره وكذلك ليكون قادرا على تحقيق العدالة وربما المساءلة مستقبلا.