الخرطوم: المنبر24
سعاد امرأة سودانية عاشت قسوة الحرب وضراوتها في دارفور، محاطة بالخوف على حياة أسرتها، كانت تقيم في الفاشر وتحلم بحياة مستقرة لأبنائها، خصوصاً طفلها اليافع المصاب بمرض الشلل الرعاش، الذي يحتاج إلى عناية خاصة.
وبينما كانت تواصل كفاحها اليومي من أجل ذلك، سقطت قذيفة على منزلهم، مدمّرة كل شيء من حولهم.
بفضل الله، نجا جميع أفراد عائلتها من الحادث، لكن الرعب الذي عاشوه لم يترك لهم خيارًا سوى الرحيل.
مع زوجها وبناتها الثلاث، حملت سعاد طفلها المصاب بالشلل على ظهرها، وشدت الرحال من الفاشر، طالبة النجاة.
ركبت الأسرة شاحنة كبيرة وبدأت رحلة خطرة، وانطلقت بهم الشاحنة عبر الصحارى القاحلة نحو الحدود الليبية.
أمضت الأسرة أياماً شاقة في الصحراء، محتمية بالأمل رغم قسوة الطريق.
وصلوا أخيراً إلى الكفرة في ليبيا، حيث لقوا مساعدة سخية من سائق الشاحنة، الذي وفّر لهم المأوى وساعدهم في إنهاء الإجراءات الأولية من فحص طبي وتسجيل.
وبعد استراحة قصيرة، توجهت سعاد وعائلتها نحو بنغازي، حيث اجتمع شملهم ببعض اهلهم ومعارفهم، وبدأت مرحلة جديدة مليئة بالتحديات.
في بنغازي، حاولت سعاد تأمين حياة كريمة لعائلتها، فبدأت بصنع العطور البسيطة وبيعها.
بذلت كل جهدها، مدفوعة بحبها لأبنائها ورغبتها في تأمين الرعاية لطفلها الذي يحتاج إلى رعاية طبية خاصة.
رغم المعاناة، استطاعت سعاد أن تُرسل إحدى بناتها إلى السودان لأداء امتحاناتها النهائية في الجامعة، فعادت الابنة حاملة شهادة نجاحها، لتكون سندًا للعائلة في الغربة.
لم تكن الرحلة سهلة؛ فعندما حددت المفوضية موعدًا لتسجيلهم في طرابلس، اضطرّت سعاد لقطع مسافة تزيد عن ألف كيلومتر من بنغازي إلى طرابلس مع أسرتها، ليعيشوا مجددًا مشقة الانتقال.
ومع استقرارهم أخيرًا في طرابلس، بدأت سعاد بالبحث عن أي فرصة تمكنها من مساندة أسرتها.
في عيني سعاد، يسكن الحنين إلى وطنها، إلى أرض احتضنت أحلامها وأمانيها، ورغم الحنين والشوق، تأمل سعاد وزوجها أن يعودوا يوماً إلى السودان، إلى وطن يسوده السلام، حيث يعيش أبناؤهم بأمان بعيدًا عن الغربة والحروب.
نقلاً عن دبنقا