“فصل دارفور”… بقلم.. زهير السراج

كنتُ وما زلت وسأظل من الداعين لايقاف الحرب وانقاذ الشعب السوداني من المحنة الصعبة التي يعيشها منذ اكثر من عام ونصف بسبب حرب قذرة على السلطة والمال، لا ناقة له فيها ولا جمل ولا مصلحة!

كما انها تهدد وجود السودان خاصة مع المطامع الخارجية الواضحة في خيراته وموراده وارضه، فضلا عن المحاولات السافرة الخبيثة للبعض لفصل إقليم دارفور عن السودان، ظناً منهم أن السودان (الموحد) يقف ضد طموحاتهم السياسية في الحكم أو العودة الى الحكم مرة أخرى، وهو بالفعل كذلك !

ولكى اكون اكثر وضوحا فإنني أقصد قائد ملي.. شيا الجنجويد (حميدتي) من جانب، ومن الجانب الآخر (بعض) قادة النظام البائد وحزب المؤتمر الوطني المحلول، ويتضح ذلك من الإستراتيجية التي تُدار بها الحرب والواقع الميداني، والأمنيات المعلنة لبعض قادة النظام البائد عن تكوين (دولة النهر والبحر) باعتبارها الوسيلة الوحيدة للعودة الى الحكم بعيدا عن حميدتي ودارفور !

كما ان (حميدتي) يعلم أنه من المستحيل أن يحكم السودان بسبب الكراهية الشديدة والعداء المتنامي له ولعصابته والجرائم والانتهاكات الفظيعة التي انتهكوها ضد الشعب، وأن الوسيلة الوحيدة لتحقيق طموحه السياسي هى فصل دارفور!

أى أن كلا الطرفين يعتقد ويؤمن، بأن الفصل هو الحل الوحيد لتحقيق طموحاته ورغبته الجامحة في الحكم، ولا أستبعد على الاطلاق أن يتفق الإثنان في أي وقت من الأوقات على هذا الحل، أو الذي (يعتقدون) انه الحل أو الوسيلة لتحقيق الطموح، خاصة أن تحقيق النصر العسكري بواسطة أي طرف شبه مستحيل في الوضع الراهن إلا إذا حدثت تطورات في المستقبل تجعله احد الاحتمالات الممكنة!
في رأيي الشخصي أن الشئ الوحيد الذي منع الطرفين من الاتفاق على فصل دارفور هو الموقع الاستراتيجي بالغ الاهمية لمدينة (الفاشر) بالنسبة للسودان وبعض الدول الحدودية، وإصرار الجيش (تحت ضغوط خارجية قوية) على التمسك بها والزود عنها بكل ما يملك من جهد وعدم التخلي عنها لـ(حميدتي) بسهولة مثلما حدث في بقية ولايات إقليم دارفور، كما أنها الموطن لبعض الحركات المسلحة التي تحارب بجانب الجيش!

ولولا ذلك لتخلى عنها قادة النظام البائد والمؤتمر الوطني بسهولة كما تخلوا من قبل عن إقليم جنوب السودان قبل بضعة اعوام ظنا منهم ان ذلك سيُسهِّل عليهم حكم السودان ويقوي قبضتهم على السلطة، وكلنا نذكر عبارات السخرية للمخلوع البشير التي يُظهر فيها فرحه وسروره بانفصال الجنوب مما سيتيح لهم تطبيق (الشريعة الاسلامية) بدون (جغمسة أو دغمسة) ــ بدون مواربة ــ ولم يكن يقصد بالطبع سوى تشديد قبضتهم على السلطة، وليس تطبيق الشريعة التي لم نرهم يطبقونها طيلة فترة حكمهم الفاسد الذي يتناقض مع حكم الله وعدالته، ولكن هل سيؤدى فصل دارفور لتحقيق احلام الطرفين (قادة النظام البائد وحميدتي)، ام سيكون وبالا عليهم كما كان فصل الجنوب وبالا على النظام البائد ؟!

ولكن بعيدا عن احلام وامنيات زعيم عصابة الجنجويد وقادة النظام البائد بفصل دارفور حتى يتيسر لهما الحكم (لو حدث ذلك)، فإلى متى يظل الشعب بلا منقذ ولا حامٍ من القتل والنهب وهتك العرض والجرائم التي يتعرض لها كل يوم بل كل لحظة، ام يجب ان يهرب من وطنه ويتذوق طعم الهوان والاهانة والتشرد كما حدث لغيره، أم أن قدره أن يبيد عن بكرة أبيه حتى يرضى عنه الجيش والجنجويد وعصابة النظام البائد والمؤتمر الوطني المحلول ؟!

موقع المنبر
Logo