تقرير : محمد جمال قندول
مع بدايات العام الجديد، بدأت البشريات تترا للشعب السوداني الذي احتفل يوم أمس (السبت) بتحرير حاضرة ولاية الجزيرة مدينة ود مدني، في مشاهد بطولية رسمتها قوات شعبنا المسلحة والقوات المساندة.
وبعد سلسلة من المعارك المتصلة، دخلت القوات المسلحة وفي انتصار كاسح وتحول ميداني كبير، كتب الجيش نهاية حكاية الميلي. شيا بمدني السني.
دخول الجيش لمدني ومواصلة الزحف والتطهير في هذا المحور، سيكون له أثر كبير على مسار (معركة الكرامة) بشكل كامل.
مرحلة حاسمة
وكانت الميلي.. شيا المتمردة عولت كثيرًا على تمترسها في مدينة ود مدني التي اعتبرتها قاعدة للتمدد شرقًا وجنوبًا. وبالفعل، منها دخلت مناطق سنجة، والدندر، والسوكي، وجبل موية، التي طهرتها القوات المسلحة مؤخرًا توطئةً لاسترداد مدني الذي تم أمس عنوة واقتدارا، والاستيلاء على عتاد الميل.. يشيا الذي تعمدت تكديسه فيها لخدمة مآربها في التمدد كما أسلفنا، والتي تبخرت سرابًا مع أعمدة الدخان ونيران القوات المسلحة الظافرة المنتصرة.
واستطاع الجيش الدخول لحاضرة الجزيرة من المحور الشرقي بعد عدة معارك وتطهير لمناطق على طول الطريق القومي من تخوم الفاو والخياري مرورًا بالشبارقة، وأم القرى والعريباب، وحنتوب حتى ود مدني. واشتركت في العمليات القوات المسلحة والمشتركة والمستنفرين من المقاومة الشعبية.
ويرى خبراء عسكريون أن تحرير مدني من المنظور العملياتي له أبعاد عديدة. فهو يعني نهاية مرحلة حاسمة في مسار (معركة الكرامة) لصالح القوات المسلحة، التي تملك زمام المبادرة أصلًا، وينهي مغامرة الميلي.. شيا بتوسيع مسرح العمليات لاستنزاف القوات المسلحة وجرها لحرب مدن تفرض عدة تعقيدات على الأرض.
وأضافوا أن تطهير ود مدني يضاف لما تم إنجازه في كبريات المدن في ولايتي الجزيرة وسنار، وما يجري شمالًا في محور الجيلي، لتصبح الميلي.. شيا المتمردة في كماشة تضيق ولا تنفرج داخل ولاية الخرطوم بدون أي فرصة للمناورة أو التمدد.
بعدٌ آخر مهم، يشير خبراء عسكريين إليه وهو: أن القوات التي دخلت ود مدني ودحرت الميلي.. شيا لن يكون هدفها التمسك بالأرض فقط، وإنما يعد ذلك تمهيدًا لدخول الكاملين والحصاحيصا والخرطوم، وتطوير العمليات لمراحل لاحقة.
معركة فاصلة
ويقول الكاتب الصحفي الأستاذ الهندي عز الدين رئيس تحرير المجهر السياسي إنّ انتصار الجيش في كل ولاية الجزيرة وليس مدني وحدها يعتبر قاصمة الظهر لقوات الميليش.. يا في كل السودان.
ويضيف بأنّ الجزيرة كانت تعد الولاية الأهم بالنسبة للتمرد من حيث السيطرة لأنها ولاية الإنتاج، حيث تضم في حضنها أكبر مشروع زراعي في العالم 2.2 مليون فدان، وقد سيطرت الميلي.. شيا عليها من أقصاها لأقصاها، خلافًا لولاية الخرطوم التي كانت السيطرة عليها جزئيًا، إذ ظلت القيادة العامة ومحيطها في منطقة الخرطوم وسلاح الإشارة ببحري ومحلية كرري بكاملها وأم درمان القديمة بعد التحرير، خارج سيطرة التمرد والآن تبقت للميلي.. شيا بعض الجيوب في شرق الخرطوم ومحلية شرق النيل.
وبالتالي، أتوقع معركةً فاصلة وكبرى عند مدخل الخرطوم عند منطقة سوبا شرقًا وغربًا.
وبشر الهندي عز الدين الشعب السوداني بأنّ نهاية التمرد في الخرطوم قد أزفت، وستكون المعركة القادمة في دارفور وبعض مناطق كردفان.
وهنأ الهندي رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان القائد العام للقوات المسلحة، ونائب القائد العام الفريق أول ركن شمس الدين كباشي عضو مجلس السيادة، المشرف على متحركات ولاية الجزيرة على هذا النصر الكبير المؤزر، متوقعًا بأن تحرير الجزيرة سيكون له آثارًا اقتصادية كبيرة، حيث إنّها كانت المدينة الثانية بعد سقوط الخرطوم، حيث انتقلت إليها الشركات والمؤسسات الاقتصادية والمصانع، وبالتالي، سيخف الضغط على بورتسودان وينعكس ذلك على الجنيه السوداني الذي ارتفع مقابل الدولار مؤخرًا، وبالتالي بداية إعادة الإنتاج في أكثر من مليون فدان كانت الميلي.. شيا تمنع زراعتها وحصادها، بينما كان الإنتاج محصورًا في امتداد المناقل في حوالي مليون فدان.