التدخُّلات الخارجيّة في حرب السُّودان.. فوبيا أم  حقيقة؟!

 

خاص: المنبر 24

بنظرة إلى المتغيرات الداخلية في كثير من الدول، نجد أنّها لم تعد بعيدة عن مصالح الدول الكبرى أو الغنية وأطماعها الاقتصادية والسياسية والأمنية، بل أصبحت هي المحرك الفاعل لكل أشكال الاتجاهات والصِّـراعات السياسية والأمنية للمكونات الهشّة، خَاصّةً في الدول الأفريقية التي تعاني من الهشاشة.

هنا الوضع  في السودان يُجسِّد تلك المؤشرات التي  ذكرناها آنفاً، صار البلد مترامي الأطراف، ضحية صراعات إقليمية ودولية ساهمت في تأجيج الحرب وإطالة أمد النزاع الذي اقترب من العام.

نظرة من عدة زوايا

يقول د. الرشيد محمد إبراهيم في مقال حديث له نُشر في منصة الدراسات  الأمنية والسلام، اطلع عليه المنبر 24: “يأخذ التدخُّل الخارجي في السودان عدة أبعاد ومستويات، ولأغراض هذا البحث سنقسمها وفق الموضوعات والأهداف وليس الشخوص والجغرافيا، وأهمها  العقوبات الدولية من لجان التحقيق الدولية كلجنة حقوق الإنسان والمحكمة الجنائية، بجانب الدعم السياسي والعسكري المباشر، كالإمداد بالاسلحة والمعدات القتالية، إضافةً إلى الدعم والتدخُّل تحت ستار العون الإنساني، وهو استنساخٌ لتجربة برنامج شريان الحياة والتي تبنّتها الأمم المتحدة، ووظّفتها دوائر مخابراتيةأمريكية ولوبيهات داعمة للانفصال والمتمردين، بغرض تسليح حركة جيش تحرير السودان بقيادة الراحل جون قرنق، وتناول الرشيد حالة استنفار المرتزقة من تشاد والنيجر وأفريقيا الوسطى ومالي، والتي تشمل المُقاتلين، ولكن وفق التصنيف القبلي والإثني والتحفيز بالغنائم والسلب والنهب بغرض الثراء كحال  مليشيا الدعم السريع المدعومة من دولة الإمارات وجماعات فاغنر الروسية وعدد آخر من البلدان الأفريقية.

اتّهاماتٌ للإمارات

ويعتقد محمد وداعة رئيس حزب البعث السوداني لـ(المنبر 24) أنّ قضية التدخُّل الأجنبي مثبتة، تناولتها كبرى المؤسسات الصحفية العالمية من خلال تحقيقات استقصائية، أكّـدت تورُّط الإمارات في دعم مليشيا الدعم السريع.

وحسب وداعة، فإنّ طائرات إماراتية تم رصدها في مدينة أم جرس التشادية وهي تحمل كميات مهولة من الأسلحة للمتمردين، يتم إدخالها عبر الحدود إلى دارفور.

وبحسب وداعة، فإنّ أدلة دامغة تم رصدها من خلال  المدرعات والأسلحة الخفيفة من الرشاشات والبنادق  الآلية ومضادات الطائرات إمارتية الصنع، ويضيف وداعة بأنّ الأدلة التي تؤكد تورُّط الإمارات موجودةٌ لدى حكومة السودان ودول غربية أخرى.

ويرى وداعة أن مساعد  القائد العام  للجيش ياسر  العطا لم يتحدّث عن فراغ عندما اتّهَـم أبوظبي بدعم ومساندة مليشيا الدعم السريع في حربها ضد القوات المسلحة السودانية، وهو يملك الأدلة الكافية التي  تعضِّد اتّهاماته بما فيها الوثائق وغيرها من القرائن، بجانب مُسيّرات تمّ ضبطها، كما وفّرت الإمارات، منظومة اتصال وتشويش مُحمّلة على السيارات للدعم السريع وأجهزة تصنُّت أي دعم لوجستي كامل، ويقول وداعة إنّ كميات أيضاً من الأسلحة وصلت عبر طائرة شحن إماراتية إلى مطار الكفرة الليبية، لكن طيران الجيش السوداني تمكّن من  تدمير أرتال من الشاحنات كانت تحملها في الطريق إلى  دارفور والعاصمة الخرطوم.

دفوعات أبوظبي

لكن  أنور بن محمد قرقاش، المستشار الدبلوماسي لرئيس دولة الإمارات يقول إن علاقة أبوظبي مع الشعب السوداني تاريخية ونعمل مع الشركاء لإيجاد حل سياسي للأزمة التي تشهدها البلاد من أبريل  الماضي، وأضاف قرقاش في تغريدة على إكس (تويتر سابقاً) الثلاثاء الماضي: “رمي التهم جزافاً ضد الإمارات من بعض المحسوبين على جهات سودانية رسمية أسلوب ممجوج لإعادة إنتاج الأزمات وللتنصل من المسؤولية”. وأكد أن “علاقة الإمارات مع الشعب السوداني الشقيق تاريخية في جميع الظروف ولن تثنينا المهاترات عن العمل مع الشركاء لإيجاد حل سياسي عاجل يحفظ السودان واستقراره”.

أما الإمارات وفقَاً لمعطيات، تعتبر اللاعب الجديد نسبياً في الملف السوداني – فقد وجدت في “حميدتي” وقواته ضالتها، وهي الدولة التي لها تاريخٌ في دعم المليشيات في المنطقة على حساب المؤسسات الرسمية. دخلت الإمارات السودان وحاولت منذ اندلاع الثورة التأثير على المشهد بصورة فظّة للغاية.

أطماعٌ ومصالح اقتصادية

ربما كان ذلك في البداية نوعاً من المنافسة مع إحدى الدول الخليجية، خصمها اللدود في المنطقة والمقرب من نظام البشير حينها، إلّا أنّ تلك الأجندة اليوم تتشكّـل من عدة عوامل تأتي في مقدمتها مصالح اقتصادية ضخمة تسعى الإمارات للحفاظ عليها وزيادتها، من تدفق غير منقطع للذهب السوداني نحو أراضيها، إلى النفوذ على البحر الأحمر والمشاريع الزراعية (كمشروع الهواد)، وصولاً إلى مشروع أصبح واضح المعالم لدولة الإمارات في شرق أفريقيا يستهدف السيطرة على حركة التجارة البحرية والموانئ. وجدت الإمارات في “حميدتي” ضالتها كرجل يمتلك المال والنفوذ والسلاح، فلم تبخل عليه ومدّته بالمزيد من السلاح والأموال في سبيل تحقيق أهدافها، حيث تتخوّف من عودة السلطة كاملةً إلى الجيش وحده، وهو الملئ بكوادر الإخوان المسلمين والمؤتمر الوطني والذين تخوض الإمارات ضدهم منذ سنين حرباً أيديولوجية شاملة.

ما وراء تصريحات العطا

وجْـه عضو مجلس السيادة السوداني، الفريق ياسر العطا،  في نوفمبر الماضي، انتقادات لاذعة لدولة الإمارات العربية المتحدة، مُتّهماً إيّاها بتوفير الإمداد العسكري لقوات الدعم السريع التي تقود حرباً ضد الجيش السوداني.

ويُعد تصريح العطا الذي يتولى أيضاً منصب مساعد القائد العام للجيش السوداني، أول تصريح رسمي من مسؤول حكومي بشأن الدور الذي تلعبه الإمارات حيال الحرب التي يشهدها السودان.

في قمة  الإيقاد الـ41  التي استضافتها جيبوتي في العاشر من ديسمبر الماضي  التي خصّصت لبحث الأزمة السودانية، قال رئيس مجلس السيادة السوداني الجنرال عبد الفتاح البرهان، إنّ أولويات حل أزمة البلاد تتمثّل في تأكيد الالتزام بإعلان جدة للمبادئ الإنسانية ووقف إطلاق النار، مُحذِّراً من خطر التدخُّـلات الخارجية في شؤون بلاده.

وأوضح البرهان “يقتضي واجب المسؤولية الوطنية والجماعية أن أنبِّه إلى خطر التدخُّلات الخارجية في أزمتنا الحالية، متمثلاً في تواصل إمدادات السلاح من داخل الإقليم وخارجه، بل ومن خارج القارة الأفريقية”، وأشار إلى استمرار وصول المرتزقة من بعض دول الجوار القريب والبعيد، مما يؤدي إلى إطالة أمد الحرب.

صحيفة “وول ستريت جورنال”

وكانت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية، قد كشفت في 13 أغسطس 2023م أن الإمارات تُقدِّم دعماً عسكرياً لقوات الدعم السريع، التي يقودها محمد حمدان دقلو، الشهير باسم “حميدتي”.

وحسب الصحيفة، فقد هبطت طائرة شحن إماراتية في مطار أوغندي بداية يونيو الماضي، تأكّد أنها كانت تحمل أسلحة وذخيرة، في الوقت الذي كانت تُظهر فيه وثائق رسمية أنّ الطائرة تحمل مُساعدات إنسانية إماراتية إلى اللاجئين السودانيين، وسُمح للطائرة بمواصلة رحلتها إلى مطار أم جرس شرق تشاد.

ووفق ما ترى “وول ستريت جورنال”، فإنّ الإمارات تُراهن على دعم قوات “حميدتي” لحماية مصالحها في السودان، والاستفادة من موقعه الاستراتيجي على البحر الأحمر ونهر النيل، والوصول إلى احتياطات الذهب السودانية الهائلة.

علماً بأنّ من أهم مصالح الإمارات بالسودان: مساحات شاسعة من الأراضي الفلاحية، وحصة في ميناء مخطّط له على البحر الأحمر بكلفة 6 مليارات دولار.

ونقلت “وول ستريت جورنال” عن مسؤولين أمريكيين قولهم إنّ نقل شحنات الأسلحة الإماراتية، لمليشيا الدعم السريع، يزيد من حدّة الاحتكاك بين الإمارات والولايات المتحدة، التي تحاول التوسُّط لإنهاء الحرب.

وأكّدت الصحيفة أنّ مصادر أمريكية مطّلعة كشفت أن واشنطن على عِلمٍ بشحنات الأسلحة الإماراتية إلى قوات الدعم السريع، وسبق وأبلغت أبو ظبي بمخاوفها.

صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية

قالت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية في 30 سبتمبر 2023م، إن الإمارات تتحدث عن السلام في السودان، لكنها في الواقع “تُقدِّم الأسلحة والتشوين لمليشيا الدعم السريع عبر قاعدة طيران في تشاد المحاذية للسودان غربي البلاد”.

وحسب الصحيفة الأمريكية: “يقول مسؤولون إنّ الإمارات تُقدِّم من قاعدة جوية نائية في تشاد الأسلحة والعلاج الطبي للمقاتلين على أحد جانبي الحرب المُتصاعدة في السودان”.

وبحسب الصحيفة، تتمركز العملية في مطار ومستشفى في بلدة محاذية للحدود مع السودانية مع تشاد، حيث تهبط طائرات الشحن الإماراتية بشكل شبه يومي منذ يونيو/حزيران المنصرم، وذلك وفقَاً لصور الأقمار الصناعية والمسؤولين الذين تحدّثوا على أساس عدم الكشف عن هويتهم لمناقشة المعلومات الاستخبارية الحسّـاسة.

وقالت الصحيفة: “في السودان، تشير الأدلة إلى أنها تدعم قوات الدعم السريع، وهي مجموعة شبه عسكرية قوية مرتبطة بمجموعة المرتزقة الروسية فاغنر، والمتهمة بارتكاب فظائع وتقاتل القوات المسلحة النظامية في البلاد في حرب أهلية خلّفت خمسة آلاف قتيل مدني، وشرّدت أكثر من أربعة ملايين شخص منذ/أبريل الماضي. ومع ذلك، يصر الإماراتيون على أنّ عملياتهم على الحدود مع السودان هي إنسانية بحتة.

وذكرت الصحيفة أنّ الإمارات رسميّاً تضغط من أجل السلام في السودان باعتبارها عضواً في “الرباعية الدولية”، وهو تجمُّع دبلوماسي يضم الولايات المتحدة وبريطانيا والسعودية. وتحاول أبوظبي التوسُّـط من أجل إنهاء الصِّـراع عن طريق التفاوض، لكن في الوقت نفسه، تعمل الأسلحة الإماراتية على تأجيج الصراع.

صواريخ إماراتية – روسية

وقال مسؤولون أمريكيون وسودانيون حسب نيويورك تايمز، إنّ مقاتلي دقلو استخدموا في الأسابيع الأخيرة صواريخ كورنيت المضادة للدبابات، والتي زوّدتهم بها الإمارات، لمهاجمة قاعدة المدرعات المُحصّنة في العاصمة السودانية الخرطوم.

ومنذ أن بدأت الطائرات في الوصول إلى مدينة أم جرس التشادية، نشرت وكالة الأنباء الإماراتية صورَاً للمستشفى الميداني اللامع، حيث تقول إنه تمّ علاج أكثر من ستة آلاف مريض فيه منذ يوليو – تضيف نيويورك تايمز الأمريكية. وحسب الصحيفة تُظهر مقاطع الفيديو مسؤولين إماراتيين وهم يقومون بإسقاط حزم المُساعدات خارج أكواخ القش في القرى المجاورة، والتبرع بالماعز وتجديد المدارس وحتى أنهم نظموا سباق هجن.

ورأت الصحيفة أنّ الإمارات تستخدم مهمة المساعدات الخاصّة بها لإخفاء دعمها العسكري لقائد قوات الدعم السريع الفريق محمد حمدان دقلو المعروف باسم “حميدتي”، والذي كان في السابق قائد مليشيا من دارفور، معروفٌ بقسوته وعلاقات طويلة الأمد مع الإمارات.

وقال مسؤولٌ أمريكي كبير سابق: “الإماراتيون يعتبرون حميدتي رجلهم”، مضيفاً “لقد رأينا ذلك في مكان آخر، إنهم يختارون رجلاً ويدعمونه على كل الأصعدة”.

بدأت ذروة تسليح قوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو “حميدتي” بعد إقرار قانون هذه القوات عام 2017 والذي منحها صفة قُوة أمن مُستقلة، لتعقد بعدها صفقات ضخمة لاستيراد السلاح من شرق أوروبا وبعض الأسلحة الأوروبية والأمريكية تحت غطاء وسطاء في السوق السوداء للسلاح.

نقل الأسلحة عبر أم جرس!

وكانت العديد من طائرات الشحن التي تهبط في أم جرس، قد نقلت في السابق أسلحة للإمارات إلى مناطق صراع أخرى، ويشتبه في أنّ طائرة إليوشن مُسجّلة لدى شركة فلاي سكاي إيرلاينز، والتي اتّهمها مُحقِّقو الأمم المتحدة بانتهاك حظر الأسلحة المفروض على ليبيا، قامت بتسليم طائرات بدون طيار إلى إثيوبيا في عام 2021 – كما تقول نيويورك تايمز الأمريكية.

معطياتٌ وحقائق

ووجد تحليل تَمّ إجراؤه أنّ نمط بناء المطارات يشبه قاعدة الطائرات بدون طيار التي بنتها الإمارات شرق ليبيا في العام 2016.

ومن أم جرس التشادية يتم نقل الأسلحة لمسافة (150) ميلاً شرقاً إلى “الزرق” مركز قوات الدعم السريع الرئيسي، وهي قاعدة في إقطاعية للجنرال حميدتي بشمال دارفور – وفقَاً لمسؤولين سودانيين وتشاديين والأمم المتحدة.

وقال أحد شيوخ قبيلة حدودية سودانية، إنّ قوات الدعم السريع اتصلت بمجموعته هذا الصيف لضمان مرور آمن للقوافل البرية من الحدود إلى الزرق، ويستمر المطار في التوسع. وقد حصلت صحيفة التايمز على صور الأقمار الصناعية الليلية من أواخر  أغسطس، والتي كشفت عن أضواء في ساحة الطائرات والممر والمُـدرّج، مِمّا يُشير إلى الاستعدادات للعمليات المستقبلية المحمية من التصوير عبر الأقمار الصناعية أثناء النهار.

ونقلت نيويورك تايمز الأمريكية عن كاميرون هدسون، الموظف السابق في وكالة المخابرات المركزية الأمريكية ومحلل شؤون أفريقيا الآن في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية قوله: “لقد فعلت الإمارات أكثر من أيِّ شخص آخر لدعم قوات الدعم السريع، وإطالة أمد الصراع في السودان”، لكنه أضاف: “إنّهم يفعلون ذلك بحذر كي لا يتركون أثرَاً، وهذا مقصود”.

بدأت العلاقة الإماراتية مع حميدتي في الشرق الأوسط وليس في السودان، ففي عام 2018، دفعت الإمارات مبالغ كبيرة لقائد المليشيا السودانية لإرسال آلاف المُقاتلين إلى جنوب اليمن، كجُزءٍ من الحملة العسكرية الطاحنة التي تشنّها الإمارات ضد المتمردين الحوثيين في الشمال.

وتتساءل نيويورك تايمز الأمريكية لماذا اختارت الإمارات مُضاعفة جُهودها لدعم الجنرال حمدان الآن، على الرغم من الأدلة المتزايدة على الفظائع التي اُرتكبت في زمن الحرب، الأمر الذي حيّرَ العديد من المسؤولين والمُحلِّلين الغربيين..؟

وتجيب الصحيفة بالقول: “ترى الإمارات، مثل العديد من دول الخليج، السودان كمصدر مُحتمل للغذاء، وتطمح إلى موقع على ساحل البحر الأحمر. ووقّعت الإمارات صفقة بقيمة ستة مليارات دولار لتطوير ميناء على بُعد (125) ميلاً شمال بورتسودان”.

مرتزقة فاغنر الروسية

 قالت مصادر دبلوماسية سودانية وإقليمية لشبكة CNN، إنّ مجموعة المُرتزقة الروسية “فاغنر” تُزوِّد قوات الدعم السريع السودانية بالصواريخ للمساعدة في قتالها ضد القوات المسلحة في البلاد.

وقالت المصادر، إنّ صواريخ أرض – جو دعمت بشكل كبير مقاتلي قوات الدعم السريع وقائدهم محمد حمدان دقلو الذي يقاتل على السلطة مع الجنرال عبد الفتاح البرهان، الحاكم العسكري للسودان وقائد القوات المسلحة.

وتدعم صور الأقمار الصناعية هذه الادّعاءات، وعلى الحدود مع ليبيا، حيث يسيطر الجنرال خليفة حفتر، المدعوم من فاغنر، على مساحات من الأرض، تظهر دلائل على زيادة غير عادية في النشاط على قواعد فاغنر.

وتُظهر صور الأقمار الصناعية التي حلّلتها CNN ومجموعة “All Eyes on Wagner” مفتوحة المصدر، طائرة نقل روسية تتنقل بين قاعدتين جويتين ليبيتين رئيسيتين تابعتين لحفتر وتستخدمهما الجماعة المُقاتلة الروسية الخاضعة للعقوبات.

وتقول مصادر، إنّ حفتر دعم قوات الدعم السريع رغم أنه ينفي انحيازه لأيِّ طرف، وتُشير زيادة نشاط فاغنر في قواعد حفتر، إلى جانب مزاعم مصادر دبلوماسية سودانية وإقليمية، إلى أنّ كلاً من روسيا والجنرال الليبي ربما كانا يستعدان لدعم قوات الدعم السريع حتى قبل اندلاع العنف.

وبدأت الزيادة الطفيفة في حركة طائرات النقل من طراز إليوشن 76 قبل يومين من بدء الصراع في السودان يوم السبت، واستمرت حتى يوم الأربعاء على الأقل، وفقَاً لصور الأقمار الصناعية ومركز أبحاث غريجون في هولندا.

حلّقت تلك الطائرة، وهي واحدة من فئة الطائرات المعروفة باسم Candid المُصنَّفة لدى حلف شمال الأطلسي، من قاعدة خادم التابعة لحفتر في ليبيا إلى مدينة اللاذقية الساحلية السورية – حيث تُوجد لروسيا قاعدة جوية رئيسية – يوم الخميس 13 أبريل / نيسان، ومن اللاذقية إلى خادم، وفي اليوم التالي طارت مرةً أخرى إلى قاعدة أخرى لحفتر الجوية في الجفرة الليبية، وكانت متوقفة في منطقة منعزلة، وهو شئٌ اعتبره غريجون غير عادي للغاية، كان هذا هو اليوم الذي اندلع فيه الصراع.

وعادت طائرة النقل إلى اللاذقية، الثلاثاء، قبل أن تتّجه عائدةً إلى قاعدة خادم ثُمّ إلى الجفرة، بحسب بحث غريجون، وفي ذلك اليوم، أسقطت روسيا أسلحة متمثلة بصواريخ أرض – جو إلى مواقع مليشيا دقلو في شمال غرب السودان، وفقَاً لمصادر إقليمية وسودانية.

وفي بيان لشبكة CNN، نفت قوات الدعم السريع تلقِّيها مساعدات من روسيا وليبيا، في حين لم يستجب حفتر ولا رئيس فاغنر، يفغيني بريغوزين، لطلبات التعليق من CNN.

تبقى المُعطيات والقرائن التي ذكرناها تُعضِّد الاتهامات لوجود أيادٍ وراء إشعال حرب السودان مع وجود المصالح الاقتصادية والإستراتيجية، ترى هل ستوقف أبوظبي وموسكو وحفتر الدعم للمليشيا بعد ضعفها وتراجعها ميدانياً؟ هذه الاستفهامات والتساؤلات ستجيب عنها مُقبل الأيام القادمات..؟!    

موقع المنبر
Logo