“كدمول الخديعة: حين تحاول الخيانة ارتداء ثوب الثورة” بقلم.. أمجد فريد الطيب

حملات الترويج للواقع الزائف الذي يُراد فرضه بديلاً عن الحقيقة الواضحة للحرب في السودان، تفضح دوافع من يقفون عليها، وانحيازاتهم الأخلاقية والسياسية المخزية. السرديات التي تتبناها أطراف قوى الحرية والتغيير، وعبر تحولاتها لاحقًا في منصات “تقدّم” و”صمود” ومن بين ايديهم، رفاقهم في تأسيس الذين اختاروا لبس كدمول الدعم السريع صراحة، ليست سوى محاولات لتوفير غطاء لجرائم قوات الدعم السريع، يصرف النظر عن بشاعة ما ترتكبه هذه الميليشيا في حق اهل هذا البلاد. أما دفاعهم المستميت عن دولة الإمارات – وهي طرف مباشر في قتل وتشريد شعب السودان– فلا يُمكن فهمه إلا في إطار التواطؤ الكامل، إذ لا تكتفي الإمارات بتزويد الدعم السريع بالسلاح والعتاد، بل تشارك عبر وجود جنودها وضباطها على الأرض، والذين قُتل منهم ثمانية اماراتيين في القصف الجوي الذي شنه الجيش السوداني على مطار نيالا، الذي شكل موقعا لتلقي المؤن والعتاد العسكري وإطلاق المسيرات القاتلة.
أولئك الذين يروّجون أن هذه الحرب تُخاض ضد الإرهاب أو من أجل الديمقراطية والحكم المدني أو بدعوى حماية الشعب السوداني او فئات منه، او يحاولون ربط حربهم وربط خطابهم بثورة ديسمبر المجيدة، لا يختلفون – كثيرا او قليلا – عن الذين يرفعون السلاح ليقتلوا، أو يقتحمون البيوت ليسرقوا ويغتصبوا من عناصر المليشيا او يرسلون المسيرات الغادرة. من يروّجون لتلك السرديات بالنيابة عن الإمارات، وهم يتعيشون عليها، بينما تُشارك في ذبح شعبهم، إنما يتواطؤون في ذات الجرم بل إنهم، في حقيقة الأمر، يوفّرون الغطاء المادي والسياسي لاستمرار هذه الجرائم وتكرارها. وهم ليسوا ابرياء على الاطلاق ما دام هذا هو خطابهم.
هذه الحرب هي حرب ميليشيا الدعم السريع ضد السودان وأهله. هي ذات الميليشيا التي أنشأها عمر البشير لحماية سلطته، وبدأت مسيرتها بإراقة دماء شهداء سبتمبر 2013، ثم واصلت في دروب الإبادة الجماعية والقتل المنهجي والاغتصاب والتهجير القسري في دارفور وكردفان وسائر أقاليم السودان. لم تكتف بذلك، بل نهبت الذهب، وابتلعت الأراضي الزراعية، وعبثت بعلاقات السودان الخارجية، وسخّرت كل مقدرات البلاد لخدمة مصالح حميدتي وأسرته.
هذه حقائق لا يجهلها السودانيون، بل عاشوها بمرارتها ودمائها، قبل اندلاع الحرب وبعدها. واذا استطاعوا خداع الدبلوماسيين الغربيين -او شراء بعضهم بجزلان بن زايد الكبير- فلن يجبروا شعب السودان على ان يبصرهم بمآقٍ تغير الواقع المعاش. لذلك نقولها لهم بوضوح: أفيقوا. وتوقفوا عن محاولات تصفية حساباتكم السياسية الصحيحة او الخاطئة عبر بندقية الدعم السريع، فلن تستطيعوا خداع هذا الشعب إلى الأبد. وكفى بتزييفِ الوعي جريمةً، وبالصمت على الظلم خيانة!

موقع المنبر
Logo