
“أعرف أنها لا تجيب، لكني بين غارتين، سألتُ الحرب أسئلةً بسيطة: من أين تأتينَ بكل هذه الهمة؟”
في تطورٍ مأساوي جديد يعكس عنف الجرائم وطبيعة الفاشية التي تتسم بها مليشيا قوات الدعم السريع، أفادت تقارير إعلامية، من بينها التقرير المرفق من قناة “الحدث” بتاريخ 6 يونيو 2025، بالعثور على مقبرتين جماعيتين في مدينة ود مدني، عاصمة ولاية الجزيرة. المقبرتان، الواقعتان في محيط سينما الزمالك، احتويتا على جثامين عشرة طلاب وعددٍ من المعلمين، الذين تعرّضوا، بحسب ما دلّت عليه المعاينة الأولية، للتعذيب والقتل إبان فترة سيطرة قوات الدعم السريع على المدينة. الضحايا، وهم طلاب كانوا يستعدون لأداء امتحانات الشهادة السودانية إلى جانب معلميهم، تشير شواهد الجريمة إلى أنهم لقوا حتفهم تحت وطأة معاملة بالغة الوحشية، بما يعكس مستوى الإجرام الممنهج الذي تمارسه هذه المليشيا بحق المدنيين.
هل توجد كلمات تكفي لرثائهم؟ هل يوجد حزن يكفي عليهم؟ هل يوجد ألم أقسى من ذلك، يا الله!
إن فاشية مليشيا قوات الدعم السريع، التي تتبدى دلائلها كل يوم، ويتعهدها أفندية السياسة السودانية ودوائر المجتمع الدولي بالرعاية والسقاية عبر إصرارهم على تبنّي خطلٍ معرفي سخيف يوازي بين الجيش وبين الدعم السريع، وفي إسباغ الشرعية على وجودها السياسي تحت ذرائع التوازن أو الواقعية، هو تواطؤٌ فاضح مع هذه الفاشية، وهكذا تتبدى نتائجه.
فهل تُطرب هذه الأخبار قلوبَ طوابير المخبرين والوشاة ومروّجي الأكاذيب التي تصنع المتاهة المعرفية عن حرب السودان، لتضيع فيها الحقائق، وتستمر فيها الجرائم التي تمارسها قوات الدعم السريع بثقةٍ كاملة في أن هناك من سيتولى، في سعيه لتوسّل مقاعد السلطة عبر سلاحهم، غسيل صفحات جرائمها وتنظيفها، عبر الترويج لخطاب تبرير الحرب وترديد أحاديث حميدتي عن إيران، والحرب على الإخوان المسلمين، والأسلحة الكيماوية، والدور المصري، لصرف النظر عن السلاح الإماراتي الذي يسفك دماء هؤلاء الطلاب ومئات الآلاف غيرهم كل يوم؟!