” فظائع المليـ شيا.. قصة مع عمق المأساة في كردفان” بقلم.. زهير هاشم

الخرطوم؛ المنبر 24

في لقاء عابر في إحدى المرافق العامة، التقت عيناي بامرأة نازحة من إحدى قرى كردفان المنكوبة بالحرب، كانت تجلس بصمت، وجهها يحمل آثار الحزن والصدمة، وبرفقتها امرأة أخرى تحاول مواساتها. بدافع الإنسانية والفضول، سألتها عن سبب ألمها الظاهر، ترددت للحظات، ثم انفجرت كلماتها المكسورة لتروي مأساة لا تُصدق إلا لأنها خرجت من فمها مباشرة.

روت المرأة، التي فضلت عدم الكشف عن هويتها، كيف هاجمت مليـ. شيا الدعم السريع قريتها في كردفان، واقتحمت منازل المدنيين بحثًا عن المال والممتلكات، عندما وصلوا إلى منزلها، طالبوها بما لا تملك. كانت تحتضن طفلها الرضيع، البالغ من العمر ثمانية أشهر، والذي كان يبكي من الجوع والخوف. في لحظة بشعة، انتزع أحد أفراد المليشيا الطفل من بين يديها، واستل سكينًا وذبحه أمام عينيها في مشهد يفوق الوصف قسوة وبشاعة. لم يوقف هذه الجريمة النكراء سوى صوت طائرة حربية مرت فوق القرية، مما أجبر المليشيا على الانسحاب، تاركة الأم غارقة في ذهولها وألمها.

هذه القصة، رغم فظاعتها، ليست سوى واحدة من عشرات، وربما مئات، الانتهاكات التي تحدث يوميًا في قرى كردفان النائية. لكن معظم هذه الجرائم تبقى حبيسة الصدور، إما بسبب غياب التغطية الإعلامية، أو صمت الضحايا تحت وطأة الصدمة والخوف.

هذه الشهادات، التي تكشف عن وحشية الملـ. يشيا ومعاناة الأبرياء، يجب ألا تُهمل. فكل قصة تمثل وثيقة حية تكشف حجم الجريمة وتدعو المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية إلى تحمل مسؤولياتها في توثيق هذه الانتهاكات ومحاسبة المسؤولين عنها.

إن ما يحدث في كردفان ليس مجرد أخبار عابرة، بل مأساة إنسانية تستصرخ الضمير العالمي.

ويبقى السؤال: إلى متى ستظل هذه القصص مدفونة في صمت الضحايا وتجاهل العالم؟

موقع المنبر
Logo