“كهرباء شمال الجزيرة – ما بعد الصبر” بقلم.. عاطف حسن يوسف

إلى المسؤولين عن كهرباء شمال الجزيرة.. وإلى كل من يملك قراراً أو تأثيراً في إعادة الخدمة

تااااااني رجعنا ليكم !!!

قبل أشهر.. كتبنا إليكم بلسان هادئ ونبرة عتاب مهذّب.. نقدّر فيها جهود العاملين في الميدان.. ونلتمس العذر بحكم الظروف القاسية التي فرضتها الحرب.. كنا نعتقد أن مخاطبة المسؤولين بلطف.. وبإشارات الاحترام المتبادل.. قد تدفعهم إلى المبادرة السريعة والعمل الجاد.

لكن ها نحن اليوم.. وبعد مرور ما يقارب العام على انقطاع الكهرباء عن قرى ومدن بأكملها في شمال الجزيرة.. نرى أن ذلك الخطاب الهادئ لم يجد نفعاً .. وأن صبر الناس بلغ منتهاه.. وما يزيد الألم أن مناطق كثيرة في السودان كانت تعاني نفس المعاناة أو أشد.. وقد عاد إليها التيار.. بينما ما زالت الجزيرة.. بقراها وأريافها.. غارقة في العتمة وكأنها خارج حساباتكم.

وإذا كان انقطاع الكهرباء في أي وقت يشكل معاناة.. فإن غيابها في ظل الخريف.. مع هطول الأمطار الغزيرة وتحول الطرق إلى أوحال.. يضاعف الأضرار المباشرة: توقف طلمبات المياه.. تعطل الثلاجات والمخازن عن حفظ الغذاء.. شلل الورش والمشاغل الإنتاجية.. وتزايد مشاكل الصرف الصحي بسبب توقف المضخات.. أما الطلاب.. فقد صاروا يذاكرون على ضوء المصابيح التقليدية.. في ظروف تزيد من إرهاقهم وتؤثر على تحصيلهم.

نقولها بوضوح.. لا نقبل أن تُظلم الجزيرة أو يُهضم حق أهلها.. الكهرباء ليست رفاهية.. بل حق أساسي.. وأي تأخير غير مبرَّر هو إخلال بالمسؤولية.

نطالب الهيئة العامة للكهرباء بموقف واضح أمام الرأي العام.. أين خطة إعادة الخدمة؟
ما الجدول الزمني المعلن؟
وما هي العقبات الحقيقية التي تحول دون التنفيذ؟
إن الصمت لم يعد مقبولاً.. كما أن العمل في الخفاء دون إعلام المواطنين ليس إلا تجاهلاً لمعاناتهم.

إننا ندرك حجم الخراب الذي أحدثته الحرب.. ونعلم أن التحديات جسيمة.. لكننا ندرك أيضاً أن الإرادة الصادقة والتخطيط المنضبط قادران على تجاوز هذه التحديات.. نحن لا نطلب المستحيل.. بل ما تحقق فعلاً في ولايات أخرى.

المطلوب الآن:

إعلان خطة زمنية واضحة لإعادة التيار.. مع تحديد المراحل لكل منطقة.

توفير فرق ميدانية عاجلة لصيانة الأعمدة والمحولات التالفة قبل تفاقم الأوضاع مع استمرار الأمطار.

نشر تقارير دورية عبر الإعلام ووسائل التواصل.. لإطلاع المواطنين على التقدم الفعلي.

ولتعلموا أن ما تبقى من رصيد الصبر يوشك على النفاد.. وأن أصوات الناس ستعلو أكثر فأكثر إذا استمر الإهمال.. هذه ليست رسالة عتاب كما كانت بالأمس.. بل إنذار صريح بأن حقوق الناس لا تُترك للمزاج أو التأجيل.

الجزيرة ليست أقل شأناً من غيرها.. وأهلها ليسوا مواطنين من درجة ثانية.. فإن كانت الكهرباء قد عادت لمناطق أخرى.. فلِمَ لا تعود إلى هنا؟ هذا سؤال الشعب.. وإجابتكم عليه لن تُقاس بالكلمات.. بل بالأفعال.

موقع المنبر
Logo