
لست منحازة للصورة ( المتوهمة ) عن الشخصية السودانية التي عكفت الجدات على تضخيمها والأمات على سقياها لينتج عنها في (بعض إصداراتها ) قباب خاوية من أي فكي !!
ورغم تغليبي للعقلانية على الرغائبية في تقويم الذات بعيدا عن الضجيج الجمعي الذي لا طحين له إلا أنني لم أكن أدرك للأسف مدى الجهل والتخلف والظلم الاجتماعي الذي نرزح تحت وطأته إلا بعد تساقط العديد من الشابات الصالحات لأنفسهن ومجتمعاتهن على يد أزواجهن السابقين !!
حتى هذه الصدمة المفجعة لم تكن هي سقف التردي القيمي والأخلاقي كان هنالك المزيد المذهل وهو ممارسة القتل الآخر عن طريق تلطيخ سمعة الضحية لتموت مرتين جسديا بيد طليقها أو زوجها ومعنويا بيد معاونيه وشركاءه ( المجتمعيين ) في الجريمة .
أي مجتمع قاس هذا الذي ننتمي إليه ؟!
من السهولة بمكان أن يغلب النظرة الذكورية على العدل فقط لأجل إخراج الجاني عن دائرة المساءلة ، متناسين قوله تعالى ( ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب لعلكم تتقون) ، ومتناسين أن الجروح قصاص وأن الضحية القادمة ربما تكون أختك أو ابنتك أو ربما والدتك مادام القتل يعقبه انحياز للجاني وجلد للقتيل !
لاشيء يبرر جريمة قتل سوى نظرة المجتمع للمرأة في عمق عقله الباطن باعتبارها ( حواشة أو زريبة مواشي أو قفص دواجن ) أعزكم الله ، وأن عقد الزواج هو ملكية دائمة وأي اعتراض من إمرأة على زوج غير سوي نفسيا مرفوض وأي ثورة مطلبية نحو الانعتاق من ضيمه يعقبها القتل مرتين !!
النبي محمد صل الله عليه وسلم أجاز خلع صحابي شهدت له إمرأته بأنه صوام قوام وكان من كبار الصحابة بل أحد أبرز مدوني الوحي الكريم ورغم ذلك عندما سمع النبي رغبة الصحابية زوجة الصحابي في خلعه لأنها فقط لاتريد العيش معه رغم أنه لم يكن معنفا ولا مسيئا بل شهدت بدماثة خلقه ورغم ذلك لم يزد النبي صل الله عليه وسلم على (ردي عليه بستانه ) !!
فكيف تريد أنت أن تقيم مع إمرأة بالإرهاب والإكراه ؟!!
أين كرامتك الإنسانية في التشبث بيد إمرأة أفلتتك بعد أن عاشرتك وعلمت خلقك علم معايشة لا مظان؟!
واللهم صل على من جعل مقياس أخلاق الرجال حسن معاملتهم للنساء حين قال ( أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم أخلاقا وخياركم خياركم لنسائهم).
يجب على الدولة السودانية سن قوانين صارمة وجادة تحمي النساء السودانيات من التعنيف والإذلال الذي يقوم به بعض ضعاف النفوس ، وحماية المرأة التي مهما قدمت من جهد أخلاقي وأكاديمي تظل في نظر الكثيرين قاصر وغير مؤهلة حتى لاستخراج جواز سفر وأوراق ثبوتية لأبنائها البيولوجيين من زواج شرعي !!!