لامدر اعودا من مشاهدات العودة السبعية (٣).. بقلم.. رباح الصادق المهدي

فجر الأربعاء ١٣ أغسطس أيقظني طيف امي عرجون، في تمام الواحدة صباحا (قمبرت) وجافى جنباي المضجع، فلاول مرة بعد أن واراها الأحباب الثرى يوم ٨ اكتوبر ٢٠٢٣ نزورها نحن أبناؤها وقد التحقت بالرفيق الاعلى وهي تلهج بذكرنا وتنادينا بالاسم كما ذكرت رفيقتها الحبيبة عشة.
(٢)
لم يكن أحد ممن قبروها موجودا وليس لدينا سوى صورتين للدفن في مقابر شمبات الحلة، فذهبنا للمكان التقريبي وكان معنا، الأمير وشخصي والحبيب عادل الذي كان يزور بدوره قبري والده العم الحبيب شريف خاطر وشقيقته سوسن. رحمهم الله جميعا. بالإضافة لبعض الأحباب وعبر الاسفير شاركنا الدعاء شقيقي مدد.
(٣)
كانت أمي عرجون في نظرنا ولية صالحة ويكرر الأمير قوله لو كانت هناك نبية لكانت أمي عرجون، كانت لديها هواتف ورؤى صالحة كثيرة، وكانت مثال التجرد والزهد والتضحية وكأنها تمثلت الحديث المنسوب لرسول الله صلى الله عليه وسلم (موتوا قبل أن تموتوا) والذي استشهد به الامام المهدي عليه السلام في مجالسه.
ولو رآها المتصوفة لوجدوا فيها أفضل مثال للموتات الأربع. كانت في حياتها ماتت الموت الابيض والاحمر والأخضر والأسود.
فكانت تمتنع عن الطعام والشراب الا ما يقيم الاود (الموت الابيض)، وكانت لا تحب لبس الملابس الفاخرة وبحوزتها الكثير فكل ابنائها ومحبيها وكثير من أنصار الله يهدونها افخر الثياب لكنها تحب لبس الاسمال وكنت استحلفها أن تلبس مما لديها واقول لها إن من يراها يظن فينا التقصير بعدم كسوتها ولكن بلا جدوى (وهذا هو الموت الأخضر)، وكانت لا تتبع هوى وتخالف النفس وتنزلها على الجادة والحق (وهو الموت الاحمر) كما كانت تتحمل الأذى من كل من آذاها وترى (السترة) اهم من فش الغباين والسترة في مفهومها نهج له متون وحواشي وأسس وسندالات (الموت الاسود)؛ لقد ماتت في حياتها وباذن الله هيأت لنفسها حياة حافلة بعد العبور. اللهم اجعلها حية ترزق فيما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر.
قال الإمام الاكبر عليه السلام (وموت الأحباب هو أعظم منفر لنا عن دار السراب إلى ليم الأحباب في دار المآب)؛ اللهم اجمعنا بامنا عرجون وامنا سارا وحبيبنا الحقاني في صحبة خير البشر.
(٤)
كم من الأحباب دفنوا بعيدا عن احبابهم في هذه الحرب اللعينة المدمرة، وكم لم يجدوا حتى رمسا يؤويهم الا بطون الجوارح والكلاب؟ ففي ايام وأمكنة سيطرة الدعم السريع كان ولا يزال الشعار جمجمة الموت الزؤام مرسلة لكل الانام فكم من الدماء والدموع انسكبت ولا تزال. الا يدركون أن حربهم ضد القوات المسلحة تحولت إلى حرب ضد الوطن والمواطن؟ الا يعلمون أن من يمدونهم بالسلاح ويغطونهم بالدعاية الحربية عن الديمقراطية وما إليه لا يابهون بديمقراطية ولا يحزنون بل هم أداة صهيونية لتقسيم البلاد وذهاب ريحها؟ الا يلمسون الخسائر التي لحقت بالجميع وقبل ذلك بالوطن؟؟ فلا استلموا السلطة ولا قضوا على (الاسلامويين) بل اعطوهم قبلة حياة. وكما يقول العز بن عبد السلام فكل أمر يحقق عكس مقاصده باطل.
أما جماعة الجيش والمستنفرين معه فنقول لهم اياكم والتمادي في فش الغباين والحديث عن القضاء على (حواضن) للتمرد فكلهم سودانيون وفك الاشتباك لن يكون بالسلاح بل الاحتكام للعقل والعدل وحدهما.
اللهم ابدل ظلام الكراهية والاقتتال هذا بفجر سلام وتوافق ومحبة، انك قادر على ذلك يا الهي ونحن مضطرون إلى ما هنالك. اللهم امين

موقع المنبر
Logo