كان اسمي فاطمة إنقاذ لكن بعد الحرب أصبحت “فاطمة شعب”

منوعات  – المنبر 24

كان اسمي فاطمة إنقاذ، لكن بعد الحرب أصبحت فاطمة شعب”. هكذا ابتدأت بائعة الأطعمة البلدية وصاحبة المطعم البلدي ذائع الصيت بضاحية العمارات شارع 15، فاطمة إنقاذ، سرد قصتها.

تابعت “الخرطوم روحي ونفسي، دائما عندي أمل أن أعود، وإن توقفت الحرب سأكون أول شخص يعود إلى الخرطوم.”

وتقول فاطمة، في جلسة مع راديو تمازج، إنها رفضت مغادرة السودان إلى مصر أو لغيرها من الدول، رغم إلحاح أصدقائها ومعارفها، “أنا بحب السودان”، هكذا اختارت التعبير عن أسباب رفضها مغادرة السودان.

أضافت قائلة بالعامية السودانية: “بحب بلدي وما حأطلع منها ولا شبر، الله يحفظ الطلعوويرجعون بالسلامة ونتقابل في الخرطوم ونرجع بلدنا وتكون بخير، الفقدناهو كتير لكن أنا ما متمنية حاجة غير أننا نرجع وكل السودانيين الاتشتتوا في أمريكا وقطر ومصر وغيرها يرجعون بلدهم تاني وده يكفيني”.

عندما اشتعلت الحرب في الخرطوم كانت فاطمة مصابة بالملاريا، تهذي بسبب الحمى، كانت تقضي اليوم في منزلها بحي الأزهري، قالت: “كنت مريضة للغاية ولم أشعر بأي شيء، قام أبنائي بحملي إلى العربة، وتحركنا نحو ولاية الجزيرة، واستقر بنا المقام في منطقة المسعودية في منزل إحدى جاراتي”.

رجعت فاطمة إلى منزلها بالخرطوم في ثاني أيام عيد الفطر، كان الاشتباك مستمرا وقويا، ما دفعها وأسرها للعودة إلى الجزيرة عبر شارع مدني، لكن شدة الاشتباك في المنطقة جعلتهم يتخذون طريقا نحو الشرق.

كان السفر شاقا ومتعبا كما وصفته فاطمة، اضطرت للمكوث لمدة شهر مع أحد معارفها بحي المزاد في محلية ود مدني بولاية الجزيرة، لم تلبث بعد ذلك حتى استأجرت هي وأسرتها منزلا بضاحية حنتوب، وقامت بافتتاح مطعمها من جديد في منطقة الجمارك بمساعدة جارتها حاجة الزحو التي قامت بتوفير كامل عدة المطعم.

تروي فاطمة أن زبون دائم من الخرطوم صادفه في ودمدني، وعندما سألها عن أوضاع العمل مقارنة بالخرطوم، فأجابت فاطمة بأن العمل مقارنة بالخرطوم يعاني من الضعف، والذي أرجعته آنذاك لضعف رأس المال، ما دعا الشاب بمدها برأس مال لتوسيع المطعم، كما تحكي.

الحرب مجددا

تقول فاطمة إن بعد ما استقرت وشرعت في العمل ورضى هي وأبناءها وتقبلوا حقيقة ما فقدوها في الخرطوم، وصلت الحرب إلى ولاية الجزيرة.

ومضت “عندما اندلعت الأحداث كنت في المطعم أمارس عملي، فجأة بدأ الناس بالهلع والركض في الأرجاء، هممت بدوري بالذهاب، جاء ابني وعندما سألته عن ماهية ما يحدث أخبرني بأن الحرب قد طالت الجزيرة”.

فاطمة أم لثلاثة أولاد وبنت، ولديها عدد من الأحفاد، تقطن فاطمة الآن بأحد مراكز الإيواء بولاية كسلا مع ابنائها وبقية أفراد أسرتها. وتقول عن أحوالهم “لقد استنفدنا كافة مدخراتنا في ولاية الجزيرة قمت بإيجار منزل واشتريت أثاثه، كما قمت بتأسيس المطعم، لذلك لم اتمكن من استئجار منزل هنا”.

 تتابع “اشتريت الكثير في مرحلة التأسيس بولاية مدني وعندما خرجت منها لم يكن بحوزتي حتى جنيه واحد، كما حالي عندما خرجت من الخرطوم، لم يكن بحوزتي أيضا حتى جنيه واحد”.

شقي عمري

وبالحديث عن مطعمها بالخرطوم، قالت فاطمة “مطعمي بالخرطوم كان مطعما كبيرا، مكونا من 4 دكاكين ومخزنين مليئين بالمواد الخام من فول وزيت وعدس ودقيق وغاز، وبه 6 ثلاجات وما يقارب 25 أنبوبة غاز والكثير”.

ومضت قائلة “كل ذلك نتاج 32 عاما من العمل، كان مطعمي في الخرطوم، شقي عمري كله الذي وضعته في هذا الاستثمار، لكن الحمدلله كل شيء يحدث لخير”.

وبتعداد الخسائر في ولاية الجزيرة قالت إنها اشترت حاجيات كثيرة في المحل الذي افتتحته في مدينة ود مدني، وتشير إلى أن أقل مبلغ صرفته على تأسيس المطعم كان يعادل مليون جنيه سوداني، خصصته لشراء العدس والفول والزيت والغاز والدقيق والكبدة وغيرها من المواد التي يحتاجها المطعم.

لم تأخذ فاطمة أيا من مقتنياتها الشخصية أو الخاصة من المطعم لحظة خروجها من ولاية الجزيرة، وتشير إلى أنها عندما وصلت ولاية كسلا حسن قابلها الأهالي بالكرم والترحاب الحار كما قالت.

بدأت فاطمة رحلة العمل في كسلا مجددا، ووصفت الوضع بالجيد والمستقر، كما عبرت عن سعادتها عند مقابلة بعض الزبائن من الخرطوم، فهم يمثلون ذكرى محببة لقلبها، قائلة: “سلام زبائن الخرطوم له طابع مختلف، كلما صافحت أحدهم تغرورق عيناي بالدموع”.

تعمل فاطمة حاليا، بمساعدة أفراد اسرتها في مطعمها الجديد في كسلا، تقدم الأصناف البلدية متقنة الصنع، وأيضا تقدم الابتسامة والأمل والحب مع كل وجبة، وتأمل العودة لمنزلها ومطعمها بالخرطوم قريبا.

موقع المنبر
Logo