معلومات حديثة بشأن ‏شحنات الأسلحة الاماراتية للملـيـ.شيا

الخرطوم؛ المنبر 24

‏تقول وكالات الاستخبارات الأميركية إن دولة الإمارات أرسلت هذا العام كميات متزايدة من الأسلحة، بما في ذلك طائرات مسيّرة صينية متطورة، إلى ميلـ. يشيا سودانية كبرى، مما عزز قوة مجموعة متهمة بارتكاب إبادة جماعية، وأشعل الصراع الذي تسبب في واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم.

‏وتُظهر تقارير منفصلة، من بينها تقارير صادرة عن وكالة استخبارات الدفاع (DIA) ومكتب الاستخبارات في وزارة الخارجية الأميركية، زيادة في تدفق المعدات العسكرية من الإمارات إلى مليـ شيا الدعم السريع المتمردة منذ الربيع الماضي وفقًا لمسؤولين أميركيين مطلعين على المعلومات الاستخبارية، وتشمل هذه المعدات طائرات مسيّرة صينية الصنع متقدمة، إلى جانب أسلحة خفيفة، ورشاشات ثقيلة، وآليات، ومدفعية، وقذائف هاون، وذخائر، طبقا لـ‏وول ستريت جورنال.

‏ويُعدّ ذلك أحدث مثال على الطريقة التي تمارس بها الدولة الخليجية الثرية نفوذها بهدوء لفرض حضورها وتأمين مصالحها في منطقة يهيمن عليها لاعبون أكبر، من السعودية إلى تركيا وإيران.

‏فالإمارات، التي تُعد شريكًا رئيسيًا للولايات المتحدة، قامت أحيانًا بدور الوسيط في تحقيق السلام، إذ أسهمت في ترسيخ “اتفاقات أبراهام” بإقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل قبل نحو خمس سنوات، وقدمت أفكارًا ودعمًا لخطة الرئيس ترامب للسلام في غزة، لكنها في الوقت نفسه دعمت أطرافًا متحاربة عندما كانت تلك المساندة تخدم مصالحها.

‏فقد تدخلت عسكريًا ضد ميليـ. شيا الحوثي في الحرب الأهلية اليمنية، وقدمت أسلحة لزعيم ميليـ. شيا مدعوم من روسيا حاول الاستيلاء على السلطة في ليبيا.

‏وقد أرسلت الإمارات هذه المرة شحنات أسلحة إلى السودان لتعزيز مليـ شيا الدعم السريع بعد سلسلة من الانتكاسات التي بلغت ذروتها حين فقدت الميلـ. يشيا السيطرة على العاصمة الخرطوم في مارس الماضي.

‏ونجت المـ. يليشيا من تلك المرحلة الحرجة في الحرب بعد إعادة تسليحها، وشنّت هجومًا جديدًا على الحكومة أدى إلى بعض من أسوأ أعمال الدمار منذ اندلاع الحرب قبل عامين.

شددت الميـ. ليشيا حصارًا استمر 18 شهرًا على عاصمة الولاية الفاشر، مما أدى إلى قطع عشرات الآلاف من السكان عن الإمدادات الكافية من الغذاء والدواء، وقد استولت قوات الميـ. ليشيا خلال عطلة نهاية الأسبوع على قاعدة رئيسية للجيش السوداني في المدينة، ما جعلها تسيطر على معظم مناطقها.

‏وقد أسفرت الحرب عن مقتل ما يصل إلى 150 ألف شخص، ودفعت واحدًا من أكبر بلدان إفريقيا وأكثرها أهمية إستراتيجية نحو حافة الانهيار الكامل.

‏وكانت إدارة بايدن قد اتهمت الطرفين بارتكاب جرائم حرب، واتهمت قوات الدعم السريع بارتكاب إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية، بما في ذلك الاغتصاب والتطهير العرقي.

‏وقد أثارت شحنات الأسلحة الإماراتية استياء المسؤولين الأميركيين الذين يسعون إلى احتواء الحرب، بينما انتهت أحدث جولة من المفاوضات التي استضافتها الولايات المتحدة لترتيب وقف إطلاق النار، يوم الجمعة الماضي، إلى الفشل.

‏ويقول كاميرون هدسون، وهو رئيس أركان سابق لعدد من المبعوثين الأميركيين الخاصين إلى السودان “كانت الحرب ستنتهي لولا الإمارات، والشيء الوحيد الذي يُبقيهم في هذه الحرب هو الدعم العسكري الهائل الذي يتلقونه من الإمارات”، في إشارة إلى قوات الدعم السريع.

‏وأكد مسؤولون ليبيون ومصريون وأوروبيون مطلعون على الوضع صحة التقارير التي تتحدث عن زيادة شحنات الأسلحة الإماراتية.

‏من جانبها، قالت وزارة الخارجية الإماراتية إنها “ترفض بشدة الادعاء بأنها تزوّد أي طرف في النزاع الدائر في السودان بالأسلحة”، بينما قال متحدث باسم قوات الدعم السريع إن المزاعم بأنها تتلقى أسلحة من الإمارات “مجرد شائعات تروجها الحكومة”.

‏وقالت وزارة الخارجية الأميركية إنها ملتزمة بتحقيق سلام دائم في السودان، يشمل التوصل إلى هدنة وإنهاء الدعم الخارجي للأطراف المتحاربة. وامتنعت وكالة استخبارات الدفاع عن التعليق.

‏ورغم أن الولايات المتحدة لم تُوجّه علنًا اتهامًا مباشرًا للإمارات بدورها في تسليح مليـ شيا الدعم السريع، فإنها أدانت بصورة عامة تدخل أطراف أجنبية في تزويد الجانبين بالسلاح دون أن تسمي دولًا بعينها.

‏وتراهن الإمارات على مليشـ يا الدعم السريع لحماية مصالحها في السودان، فالدولة تقع في موقع إستراتيجي على البحر الأحمر، حيث ألغت الحكومة السودانية العام الماضي صفقة إماراتية لبناء ميناء بقيمة ستة مليارات دولار، كما يملك السودان احتياطيات ضخمة من الذهب يُصدَّر معظمها تاريخيًا إلى دبي. وقد استثمرت الإمارات مليارات الدولارات في البلاد.

‏بدأت الحرب قبل أكثر من عامين عندما تحوّل الصراع بين أكبر جنرالين في السودان إلى مواجهة عسكرية مباشرة، فاندلع القتال بين الجيش السوداني ومليـ شيا الدعم السريع، وهي ميـ. ليشيا نشأت من ميليشيا الجنجويد سيئة السمعة التي أرعبت المدنيين في إقليم دارفور قبل عقدين من الزمن، وكان جوهر النزاع هو السيطرة على القوات المسلحة السودانية وعلى الشركات المرتبطة بقطاعات الزراعة والمصارف والتعدين.

‏وتدفّقت الأسلحة والتمويل من قوى أجنبية عدة إلى طرفي الصراع، من بينها جماعات مرتزقة روسية ودول شرق أوسطية نافذة، وقد تلقّى الجيش السوداني دعمًا من إيران، شمل طائرات مُسيّرة متفجّرة منحته تفوقًا عسكريًا في مراحل مبكرة من الحرب.

‏وبعد أن فقدت مليـ شيا الدعم السريع السيطرة على الخرطوم، كثّفت الإمارات إمداداتها لإنقاذ الميلـ. يشيا، بحسب مسؤولين أميركيين حاليين وسابقين، وأكد أحدهم أن معلومات استخباراتية أميركية، بعضها حديث العهد حتى أكتوبر، حددت أنواع الأسلحة المرسلة عبر صور من ميادين القتال واعتراض اتصالات.

‏ومن بين تلك الأسلحة طائرات مُسيّرة من سلسلة “رينبو” التي تصنّعها شركة الصين لعلوم وتكنولوجيا الفضاء (CASC)، وهي شركة مملوكة للحكومة الصينية، بما في ذلك الطراز المعروف باسم CH-95، وفقًا لمسؤولين أميركيين ومصريين مطلعين على المعلومات. ولم ترد الشركة على طلب للتعليق.

‏وتُضيف طائرة CH-95 قوة نارية كبيرة إلى ترسانة المليـ شيا ، فهي قادرة على إطلاق أسلحة دقيقة وتستطيع التحليق نحو 24 ساعة متواصلة، ما يمكّنها من تنفيذ عمليات استطلاع وضربات جوية بعيدة المدى، وفقًا لشركة “جينز” المتخصصة في التحليل الدفاعي.

‏وقد رُصدت طائرات مطابقة لمواصفات هذا الطراز أثناء تحليقها خلال الهجوم الحالي لقوات الدعم السريع في شمال دارفور، بحسب مختبر الأبحاث الإنسانية في جامعة ييل.

‏وكانت الإمارات قد أرسلت شحنات أسلحة إلى فصيل سوداني قبل عامين عبر تشاد، وفقًا لما كشفته صحيفة وول ستريت جورنال آنذاك، فيما قالت أبوظبي إن الطائرات كانت تحمل مساعدات إنسانية.

‏وكثّفت الإمارات في الأشهر الأخيرة، الرحلات الجوية التي تنقل الأسلحة عبر الصومال وليبيا، قبل أن تُنقل برًا إلى السودان، بحسب مسؤولين أميركيين وأوروبيين وعرب.

‏وساهمت تلك الإمدادات في تصعيد القتال؛ إذ شددت مليـ شيا الدعم السريع قبضتها على مدينة الفاشر هذا العام، وبنت سدًّا رمليًا حولها كما أظهرت صور الأقمار الصناعية التي نشرها مختبر جامعة ييل في أغسطس، ما زاد من عزل المدينة وقطع الإمدادات الغذائية والإنسانية عنها.

‏كما كثّفت الميـ. ليشيا هجماتها، ففي سبتمبر نفّذت ضربة أودت بحياة عشرات المصلين في مسجد بمدينة الفاشر، وفقًا لمسؤولي الأمم المتحدة، وتنتشر المجاعة في مخيمات النازحين داخل المدينة وفي مناطق سودانية أخرى، بحسب “تصنيف مراحل الأمن الغذائي المتكامل” (IPC)، وهو تحالف دولي لتحليل أزمات الجوع.

‏وأعلنت مليـ شيا الدعم السريع يوم الاثنين أنها سيطرت على المدينة من الجيش السوداني، وإذا تأكد ذلك فسيكون أكبر تقدّم ميداني تحققه منذ شهور.

‏ويُسيطر الجيش السوداني حاليًا على الخرطوم وميناء بورتسودان الإستراتيجي على البحر الأحمر وأجزاء من الشرق، فيما يسيطر المتمرّدون على مناطق الغرب والوسط.

‏وقالت وزارة الخارجية الأميركية في إعلانها عن الإبادة الجماعية في يناير إن قوات الدعم السريع ارتكبت عمليات قتل منهجية استهدفت رجالًا وصبية وحتى رُضّعًا على أساس عرقي، كما اتهمت الأمم المتحدة ومسؤولون غربيون الطرفين بارتكاب انتهاكات واسعة ضد المدنيين، شملت الإعدامات الميدانية والتعذيب، بحسب تقرير لجنة تقصّي الحقائق التابعة للأمم المتحدة في سبتمبر.

‏وقالت جوستينا غودزوسكا، المديرة التنفيذية لمنظمة ذا سنتري المتخصصة في تتبع تمويل النزاعات “في مثل هذه الساحات الممزقة، يتيح ضعف الحوكمة وانتشار الفساد لدولة صغيرة وغنية مثل الإمارات أن تمارس نفوذًا غير متناسب مع حجمها”.

موقع المنبر
Logo