تقرير.. سفير السودان بالقاهرة يفضح جرائم الجنجويد

القاهرة _ محمد جمال قندول

يستمر الحراك الدبلوماسي لفضح انتهاكات ميلـ. يشيات الدعم السريع بشكل عام والتطورات الأخيرة بفاشر السلطان والتي ارتكب فيها التمرد جرائم ترقى للإبادة الجماعية.

بيت السفير السوداني بالقاهرة فى منطقة المعادي أمس (الأحد) كان قبلة للإعلام المصري ووكالات أنباء عالمية أجنبية، بجانب الإعلام السوداني، حيث استرسل السفير الفريق أول ركن عماد عدوي في تقديم صورة شاخصة عن الوضع بالبلاد وما جرى بحاضرة شمال دارفور وتصور الحكومة السودانية للمرحلة المقبلة.

تدابير عاجلة

وقال سفير السودان لدى مصر الفريق أول عماد عدوي إنّ الحكومة السودانية تحصلت على معلومات عن وصول 28 ألف نازح لمنطقة طويلة قادمين من الفاشر، وذلك خلال الساعات الأولى عقب دخول الميليشيا للمدينة.

عدوي رسم صورة أدق بالأرقام حينما ذكر للإعلاميين بأن معظم الذين وصلوا طويلة مصابين بأمراض سوء التغذية، فيما يعاني حوالي ألف منهم أوضاعًا صحية سيئة، بجانب معاناة 750 طفلاً من سوء تغذية حاد، علاوة على حاجة 465 شخصًا لتدخل طبي عاجل.

وأشار السفير عدوي إلى أنّ الحكومة السودانية بحوزتها معلومات مؤكدة عن إعدام 2700 شخص حتى يوم 28 أكتوبر الماضي، موضحًا بأن منظمة الصحة العالمية كانت قد أعلنت عن تأكيد مقتل ما يقارب من 500 مريض ومرافق داخل المستشفى السعودي بالفاشر.

وعرج السفير عماد إلى ضرورة فرض حظر تسليح على ميلـ. يشيات الدعم السريع ومنع وصول أي دعم عسكري أو مالي، داعيًا لضرورة اتخاذ تدابير عاجلة لحماية المدنيين بما في ذلك فرض ممرات آمنة وفرض إجراءات مشددة وعاجلة على الجهة المعتدية ومموليها.

وطالب كذلك بضرورة الضغط من أجل إيصال المساعدات الإنسانية وضمان وصول الإغاثة للمدنيين.

وبحسب عدوي فإن الإجراءات العملية تتمثل في تصنيف الميلـ. يشيا كمنظمة إرهـ. ابية وفقًا للمعايير الدولية الخاصة بالجماعات المسلحة التي تمارس الإرهاب ضد المدنيين وإدانة مموليها وداعميها الإقليميين، وعلى رأسهم الإمارات العربية المتحدة التي ثبت تورطها في تمويل وتسليح الميليـ. شيا
جرائم

وذكر عدوي أن سقوط مدينة الفاشر تمثل نقطة تحول لا سيما وأن المدينة ظلت محاصرة بجانب القصف المتواصل الذي امتد لثمانية عشر شهراً.

ووصف سفير السودان بالقاهرة ما جرى بالفاشر يتجاوز حدود المواجهة المسلحة إلى نطاق جرائم ضد الإنسانية وإبادة جماعية منظمة، داعيًا المجتمع الدولي إلى تحرك فوري وفعال يتجاوز بيانات الإدانة إلى إجراءات عملية.

وأضاف عدوي بأن الميليـ. شيا ظلت ولا تزال تمارس تجويع المدنيين، في حين يتعرض أولئك الذين يحاولون الانسحاب من الفاشر للقتل والذبح، وتابع السفير بأنه لا مجال للتفاوض مع هذة المليشيا الإرهابية وأن القوات المسلحة ماضية لتحرير البلاد من دنس التمرد

وأزجى السفير عدوي الشكر للإعلام المحلي والإقليمي والدولي، وذلك لمساهمتهم في كشف الانتهاكات وجرائم الميليشيا المتمردة في الفاشر والمناطق الأخرى.

تحول نوعي

وفي سؤالنا للكاتب السياسي والباحث في الإعلام التنموي د. إبراهيم شقلاوي حول الحراك الدبلوماسي والإعلامي الذي انتظم بعثات السودان في الخارج عقب التطورات المأساوية في مدينة الفاشر.

قال شقلاوي إنّ ما تشهده السفارات السودانية من مؤتمرات ولقاءات صحفية هذه الأيام يمثل تحولًا نوعيًا في أداء الدبلوماسية السودانية بعد فترة من الغياب عن المشهد الاتصالي الدولي، مؤكدًا أن هذا الحراك أعاد تعريف وظيفة البعثات السودانية باعتبارها جبهات وعي ونافذة دفاع عن السردية الوطنية في وجه حملات التشويه والتضليل التي رافقت الحرب.

وأكد إبراهيم أن ما جرى في القاهرة على وجه الخصوص، من خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده معالي السفير عماد الدين مصطفى عدوي هناك، يُعدّ نقطة ارتكاز مركزية في المشهد الإعلامي العربي، لكون القاهرة منابرها مؤثرة وصوتها مسموع في الإقليم والعالم.

وأوضح أن المؤتمر لم يكتفِ بنقل الموقف الرسمي، بل قدّم سردًا موثّقًا مدعومًا بالصور والشهادات، ما أعاد صياغة المشهد من زاوية إنسانية وقانونية تُبرز حقيقة ما يجري في الفاشر كجريمة إبادة ممنهجة تستهدف الهوية والوجود معًا. فيما يبدو أن الخلفية العسكرية فريق أول لسعادة السفير قد ساعدته في ذكر تفاصيل دقيقة للأحداث، كانت بمثابة إفادات فوق العادة أتوقع أن يظهر صداها خلال الساعات القادمة.

وأضاف محدّثي أن الخطاب الصادر عن البعثات السودانية تميّز هذه المرة بوحدة الرؤية والرسالة، الأمر الذي عزّز من مصداقيته وقدرته على حشد التعاطف الدولي، لكنه في الوقت ذاته بحاجة إلى نقلة نوعية من الإدانة إلى الفعل الدبلوماسي المنظّم عبر إعداد ملفات موحدة بالأدلة، وتكثيف التنسيق مع المنظمات الإقليمية، وتوسيع المشاركة الإعلامية لتشمل خبراء قانونيين وإنسانيين يعززون الحجة السودانية في المنابر الدولية.

وفي ختام حديثه، شدّد شقلاوي على أن معركة السودان اليوم ليست فقط في الميدان العسكري، بل في ميدان الوعي والإعلام، وأن الدبلوماسية الواعية هي التي تُحسن توظيف الكلمة والصورة في بناء رأي عام عالمي مناصر للحق، مؤكدًا أن السودان يخوض حرب وجود وسرد في آنٍ واحد، وإذا توحّد صوته الخارجي على قاعدة المبدأ والصدق، فسيستعيد مكانته واحترام العالم له. وقد بدا ذلك جليًا خلال الأيام الماضية بنهوض فعالية شعبية وناشطين وإعلاميين ومثقفين لدعم قضية السودان في كافة المنابر المؤثرة.

موقع المنبر
Logo