
في اليوم الأول لزيارته التاريخية إلى واشنطن، سمو الأمير محمد بن سلمان يضع السودان في قائمة أولوياته ويتحدث مع الرئيس الأمريكي ترامب عن أهمية إنهاء الحرب ودعم استقرار البلاد.
الثقل الدولي السعودي دفع الرئيس ترامب إلى التجاوب بحماس مع الطلب، ويقول: (الأمير محمد بن سلمان سيكون له دور قوي بالعمل على إنهاء ما يجري في السودان. تسوية النزاع في السودان لم تكن ضمن مخططاتي، لكن الأمير محمد بن سلمان جعلني أهتم بذلك).
ثم يقرر خلال نصف ساعة أن يبدأ العمل فوراً في هذا الصدد.
المسألة هنا تتجاوز كونها لفتة كريمة من ولي العهد محمد بن سلمان إلى إطار استراتيجي يوضح كيف تنظر السعودية ببصيرتها الاستراتيجية إلى السودان. بالتأكيد، هذا الاهتمام يأتي في أفضل وقت قبل أن تنزلق الأرض إلى مرحلة يصبح العودة منها شبه مستحيل.
السعودية جزء من الرباعية التي تضم أيضاً الولايات المتحدة الأمريكية ومصر والإمارات. ولكن ملف السلام كان خاضعاً لمستوى وزراء الخارجية الأربعة، ويتولى الشق التنفيذي منه مسعد بولس، مستشار الرئيس الأمريكي ترامب. الآن الوضع تغير تماماً؛ ولي العهد محمد بن سلمان نقل الملف إلى القمة، إلى المستوى الرئاسي، أعلى ما يمكن أن يتوفر من اهتمام ومتابعة وتأثير. وقال ترامب بوضوح: (لقد طلب مني أن أستخدم قوة الرئاسة). كلمات تعني إعلان حالة الطوارئ الدولية لمواجهة ملف الحرب في السودان.
ومع ذلك، فإن المحك في الإرادة السياسية السودانية. الحكمة تقول: (يمكنك أن تجبر الحصان على الذهاب إلى النهر، لكنك لن تستطيع إجباره على شرب الماء).
هل الحكومة السودانية راغبة وقادرة على التجاوب مع هذا الاهتمام الدولي؟
هل تستشعر الفرصة الذهبية عندما تصبح محط أنظار العالم، وتتسابق المواقف والقرارات لصالح السودان… من دول ذات تأثير قادرة وراغبة في مساعدة السودانيين على حقن دمائهم، ثم إبتداء بناء دولة حقيقية ونهضة شاملة؟
الرئيس البرهان لم يتردد وأصدر بيان الترحيب، ثم أردفه بتغريدة أكد فيها دعمه لما قاله ترامب وأثنى عليه وعلى ولي العهد.
موافقة البرهان الفورية بداية قوية للسودان… تحتاج إلى تعزيز بخطوات أخرى لتحقيق أعلى المكتسبات.


