
:: استمعت لتعقيب وزير الثروة الحيوانية د. أحمد التيجاني المنصوري على مقال (الأنهار لاحقاً)..وقرأت لبعض الذين دافعوا عنه، بعضهم ناقش بموضوعية، فيما كان البعض الآخر كالذي سألوه عن وظيفته، فأجابهم بأنه مساعد سمسار، ولم يفهموا الوصف الوظيفي لمساعد السمسار، فشرح لهم : (يعني هو يكضب و أنا أحلف)..!!
:: المهم، استمعت لتعقيب المنصوري باحساس المستمع للبروفيسور محمد حسين ابوصالح عرّاب الاستراتيجية بالسودان، كذلك بروح طالب يستمع لمحاضرة أستاذه بقاعة الكلية..فاللغة أكاديمية ومتجاوزة لسقف (السودان سلة غذاء العالم)، وهي الأُسطوانة التي تُلقن للطالب حتى يتخرج ولا يجد على أرض الواقع غير المجاعة و مؤتمرات المانحين..!!
:: وما ورد في تعقيب المنصوري – خطط وأفكار – ليس بجديد على مسامع الشعب ..وما لم تكن حرقتها مليشيا آل دقلو، بوزارة الثروة الحيوانية ملفات الخطط و الدراسات – متراكمة – بعدد أبقار البلد وأغنامها أو أكثر، وهي كلّفت الدولة ومن أعدها الكثير من الجهد والمال، ومع ذلك لاشئ في الواقع غير هذا التردي ..!!
:: وتنزيل ما في تسجيل المنصوري – الخطة الإستراتيجية – إلى أرض الواقع بحاجة إلى ( دولة)، وليس محض وزير لا يملك من الأمر شيئاً.. فالحياة العامة في بلادنا حالياً لايتحكم فيها العِلم و المعرفة، ولا الخطط و الأبحاث، ولا المنطق والقانون، لأن ما نعيش عليها حالياً ليست دولة ذات أجهزة رقابية وتشريعية، ولا حتى تنفيذية مكتملة ..!!
:: و إن كان ميناء هيدوب الإستراتيجي متوقف عن العمل ( 12 عاماً)، بسبب نزاع قبلي بين قبيلتي الكميلاب و السمرار، فعن أي مدن إنتاجية تتكلمون؟.. وإن كان رجالاً في قامة الراجحي والعتيبة و أحمد بهجت والمئات، قد هربوا بجلودهم تاركين وراءهم مشاريعهم في عوالم النهب و الخراب بكل أقاليم السودان، فعن أي مشاريع إستراتيجية تتكلمون ..؟؟
:: بالخليج يستطيع المنصوري تنفيذ (37 مشروعاً) خلال (37 يوماً)، وذلك بالمال الوفير و بأمر ملكي غير قابل للنقاش، ناهيك عن الرفض.. ولكن في بلاد حكومتها أفقر من (فار المسيد)، ونٌظارها يغلقون الموانئ، ومجتمعاتها تطرد المستثمرين،و قبائلها تسيطر على الأراضي، فليس من الحكمة أن يعد المنصوري الشعب بتنفيذ (37 مشروعاُ) خلال ( 24 شهراً)..!!
:: المشاريع بحاجة لرؤوس أموال..ورؤوس الأموال بحاجة إلى (مناخ نقي)، و لا أعني المناخ الأمني فقط، بل حتى الإداري و القانوني ( سئ للغاية)..وناهيكم عن المُسيّرات، رجال الأعمال ليسوا بلهاء ليضخوا أموالهم في دولة أجهزتها التشريعية و الرقابية (مٌغيّبة)، ومحكمتها الدستورية (ناقصة)، و عمالة خدمتها المدنية إما لاجئة بالخارج أو نازحة بالداخل أو مشلولة في المكاتب.. !!
:: والمنصوري يتناسى أن وزارته وحدة فنية و خدمية و إشرافية وتنسيقية، ولاتملك سُلطة التصديق على الأراضي، ولا سلطة تنفيذ قانون الإستثمار، ولا سلطة لها على الولايات والمحليات المستهدفة بالمشاريع..ولأنها محض وزارة فنية وخدمية و إشرافية وتنسيقية قلت أن الإستثمار في قطاع الثروة الحيوانية – لتنفيذ خطط المنصوري – بحاجة إلى (دولة) غير متوفرة حالياً..!!
:: بعد السلام بإذن الله، فإنّ هيكلة و إكمال أجهزة الدولة مع مراجعة وتعديل القوانين هي المدخل الصحيح للحديث عن الإستراتيجيات والمشاريع الكبرى .. أما الآن فهي حكومة حرب، مؤسساتها إما مٌجمدة أو تعمل بطاقة عمالية وانتاجية أقل من (20%)، وهي طاقة لاتكفي حتى لتنفيذ كل البرامج الإسعافية، ناهيك عن الإستراتيجية..هذا واقع لا تفروا منه بالأحلام ..!!
:: ولا نكسر المجاديف كما يتوهم البعض، وذلك لعدم وجودها، أي ليس في الواقع غير طحن مُزعج، بلا طحين ينفع الناس و البلد..و المؤسف أن الثغور التي بحاجة إلى سدود عاجلة كثيرة جداً، منها أن عائد الصادر لايعود بشهادة البنك المركزي، و تصدير الإناث – أي المواعين المنتجة – لم يتوقف بعد، والتهريب بالمستندات – يسمونه بوكو – يتواصل ..!!
:: و وكيل الوزارة يقبع في السجن – وحيداً – و المنظومة الكاملة التي خالفت معه تسرح وتمرح بالخارج، وميناء سواكن لم يعد صالحاً لتصدير المواشي بشهادة المسؤولين، وبجواره أحدث ميناء خاص للمواشي- هيدوب – جاهز ولكن مهجور بأمر قبيلتين، و…ما خفي أكثر..وعليه، سدوا الثغور بالعمل، ثم شيّدوا مُدن الإنتاج و المشاريع الإستراتيجية بالكلام ..!!


