بيان
💢الحزب الشيوعي السوداني
سكرتارية اللجنة المركزية
السادة:- تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم)
التحايا الطيبة؛
إشارة لخطابكم المعنون للحزب بتاريخ 15 مايو 2024م، الخاص بدعوته للحضور والمشاركة في المؤتمر الموسع الذي سيعقد بالعاصمة الأثيوبية أديس أببا في 26 مايو 2024م، ي
قدم الحزب الشكر لكم على الدعوة وتقديم الاعتذار عن المشاركة في هكذا مؤتمر وذلك للتباين الواسع بين رؤية الحزب وأطروحات “تقدم” المقدمة للمؤتمر ومآلاتها على مستقبل ومصير السودان. نتج التباين عن خلاف عميق حول تقييم مجريات الأحداث منذ إندلاع الثورة في ديسمبر 2018، والكيفية المغايرة لخط الثورة ومواثيقها وبعيداً عن تحقيق شعارات الثورة في ما مضى من الفترة الانتقالية وما سفر عنها من نتائج عادت بالوطن للأزمة العامة تجلت في عدم الإستقرار السياسي والتبعية للخارج وتمظهرت في إنقلاب 25 أكتوبر 2021 وإندلاع الحرب في 15 أبريل 2023 وتجاذب محاور قوى رأس المال العالمي لمصير السودان مما عنى الإنزلاق إلى ذات المسار السياسي الإجتماعي، طريق التخلف والفقر وإرتهان سيادة الوطن وتهديد وحدته وتكرار تقسيم البلاد. بالطبع التباين الواسع لتقييم مجريات أحداث الثورة العميقة يتبعه بالضرورة خلاف عميق في أسلوب الحل وتحديد القوى الإجتماعية صاحبة المصلحة في هكذا حل ومناصبيه العداء.
رؤية الحزب تقوم على إحترام خيار الثورة الذي اختطه الشعب في ديسمبر 2018 لحل الأزمة العامة المتراكمة منذ الإستقلال قاطعاً الطريق على مشروع الهبوط الناعم وخارطة أمبيكي التي كانت بموجبها حوارات بين بعض قوى المعارضة ونظام الإنقاذ المدحور حين اندلاع الثورة.
دنا الشعب بشعاراته التي عمت كل أرجاء الوطن “حرية سلام وعدالة والثورة خيار الشعب” تجاوزاً ومفارقة المسار السياسي الإجتماعي الذي راكم أزمة شاملة سياسية واقتصادية اجتماعية وثقافية وأمنية، التوق بالثورة إلى تحقيق تحول ديمقراطي حقيقي يكون فيه الشعب صاحب القرار ومالك مستقبله ومصيره بتأسيس دولة مدنية ديمقراطية تقوم على المواطنة، كما هو وارد في ميثاق الثورة وإعلان قوى الحرية والتغيير، وحكومة مدنية انتقالية مهمتها الأساسي تهيئة السودان لعقد مؤتمر دستوري قومي في نهاية الفترة، يمثل فيه الطيف السياسي والمجتمعي الواسع المتعدد للتوافق فيه على كيف يحكم السودان والتوافق على ملامح دستور للسودان بعقل جمعي، يصاغ ما توصل إليه المؤتمر فنياً ويطرح للشعب ويجاز في استفتاء عام للشعب، بذلك يتحقق للسودان تحول ديمقراطي مجتمعي واستدامة السلام في ربوع الوطن، وتحقيق عدالة اجتماعية وقانونية ومحاسبة كل من أجرم في حق الشعب والوطن.
إن إنقلاب أكتوبر 2021 واندلاع الحرب في 15 أبريل 2023 ليسا حدثين عارضين كما تروج قوى الحرية والتغيير وقوى “تقدم” إنما حدثين موضوعيين يعبران عن عودة الأزمة الثورية الناتجة عن تماهي قوى الحرية والتغيير مع إنقلاب اللجنة الأمنية العليا لنظام الإنقاذ المدحور وإعتبار الإنقلاب في 11 أبريل 2019 إنحياز للثورة وإبتداع الحوار معها لإقتسام السلطة والتوقيع على الإعلان السياسي والمرسوم الدستوري الصادر عن المجلس العسكري في يوليو 2019 وما تمخض عنهما من وثيقة دستورية معيبة ومفارقة لخط الثورة وهيأت الوضع السياسي للإنزلاق نحو الهبوط الناعم، وإهمال تكوين المجلس التشريعي والمفوضيات لإصلاح أجهزة العدل والخدمة العامة مبقيةً على الدولة لنظام الإنقاذ المدحور وحصر إصلاح القوات المسلحة والقوات العسكرية والأمنية الأخرى، على المكون العسكري في مجلس السيادة “اللجنة الأمنية لنظام الإنقاذ” بعيداً عن أي تدخل من القوى المدنية حاضراً ومستقبلاً.
نبه الحزب مبكراً إلى مغبة مآلات ما ذهبت إليه قوى الحرية والتغيير مع إنقلابيي 11 أبريل 2019 وتوجهها نحو تحالف غير معلن وحذر قوى إعلان الحرية والتغيير وقوى الإجماع الوطني عن مخاطر إعتماد الوثيقتين حاكمتين للفترة الانتقالية ورفض الحزب بمقتضى قراءاته وتحليله لفحواهما “رفض الاتفاق ورفض المشاركة بناءاً على هذه الوثيقة – بشكلها الراهن – في أي مستوى من مستويات الحكم، وأن نعمل وسط الجماهير ومعها على انفاذ المواثيق التي تم التوقيع عليها في إعلان الحرية والتغيير والإعلان الدستوري للحرية والتغيير”. أورد الحزب قراره في الوثيقة الصادرة عن الإجتماع الإستثنائي للجنة المركزية في يوليو 2019 لمناقشة الوثائق الموقعة من قوى الحرية والتغيير والمجلس العسكري الإنتقالي. ورد في الوثيقة أيضاً:-
(…….على ضوء هذه المنطلقات توصلت اللجنة المركزية أن هاتين الوثيقتين بوضعهما الراهن :
– لا تفتح الطريق أمام حل الأزمة الوطنية العامة برغم انتفاضة ديسمبر المجيدة والتضحيات الجسام للثوار ممثلة في أرتال الشهداء والجرحى ومجزرة 3 يونيو 2019 وما تلاها.
– لا تهيئ المناخ لعقد المؤتمر الدستوري القومي بنهاية الفترة الانتقالية الذي يؤسس لصياغة سودان جديد و “كيف يحكم السودان” وليس من “يحكم السودان” إن المؤتمر الدستوي القومي يؤسس لدولة مدنية ديمقراطية تسع أهل السودان على تعددهم وتنوعهم وتؤسس للديمقراطية الراسخة والتنمية المتوازنة والسلام الوطيد والتسامح الديني شرطاً للمساواة بين الأديان ومن ثم المساواة في الحقوق والواجبات على أساس المواطنة.
– لا تتسق مع إعلان قوى الحرية والتغيير وميثاق البديل الديمقراطي وميثاق “إعادة هيكلة السودان” التي وقعت عليها كل قوى إعلان الحرية والتغيير.
– لا تلبي اشتراطات قوى إعلان الحرية والتغيير الستة لاسئناف التفاوض مع المجلس العسكري الإنتقالي بعد مجزرة 3 يونيو 2019.) .. وهي نذكر منها في خطابنا هذا :-
– إعتراف المجلس العسكري بمسؤوليته عن كل الجرائم التي إرتكبت منذ 11 أبريل وحتى فض الإعتصام وتكوين لجنة تحقيق مستقلة بدعم دولي لأحداث فض الإعتصام ومحاسبة كل من يثبت توطه.
– إنهاء مظاهر الوجود العسكري وسحب مليشيا الجنجويد من العاصمة والمدن.
– إطلاق الحريات العامة وحرية الإعلام والتعبير.
– لاتتلاءم مع شعارات الجماهير السودانية في مواكبها المليونية في 30 يونيو 2019 في كل أنحاء السودان وكل أنحاء العالم وهي ترفع شعارات “حرية سلام وعدالة، ومدنية قرار الشعب” و “يا عنصري يا مغرور كل البلد دارفور” و “الشعب يريد قصاص الشهيد” و “العدالة أولاً”.
هذا الاتفاق لا يحمي بلادنا من الطمع في مواردها واسغلال موقعها الجيوفيزيائي الفريد) “إنتهى الجزء المقتطف من دورة اللجنة المركزية الاستثنائية”.
ورد في ذات الوثيقة الصادرة عن الاجتماع الإستثنائي للجنة المركزية في يوليو 2019 :- “مقتطف ثاني من دورة ل.م يوليو 2019”:
مشروع الهبوط الناعم الذي يعني توسيع قاعدة نظام الإنقاذ الإجتماعية دون أي تغيير في جوهره وإعادة إنتاج نظام الرأسمالية الطفيلية مما يؤكد أن هناك اتفاق منقوص ومعيب ولا يرقى لأهداف انتفاضة ديسمبر المجيدة ولا يرقى لإنتصاراتها المذهلة وعمق محتواها وأفقها واتساع مداها.
إن مهندسي الاتفاق، المجلس العسكري الانتقالي وفلول نظام الإنقاذ البائد والمجتمع الدولي “الإمبريالية” بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، والإقليمي “السعودية والإمارات ومصر” وبعض مكونات حلفائنا في الحرية والتغيير، ولحماية مصالحهم الطبقية قد استغلوا انتفاضة ديسمبر المجيدة كرافعة لتحقيق مشروع الهبوط الناعم بعد إزاحة رأس النظام “البشير”.
أكدت اللجنة المركزية إن نجاح مشروع الهبوط الناعم يعني إعادة إنتاج الأزمة الوطنية، وهو نجاح لمشروع الرأسمالية الطفيلية ويعني غياب الديمقراطية وغياب الحريات والتنمية المتوازنة واستمرار النزاعات ونهب مواردالسودان.
أكدت اللجنة المركزية على تحليلات الحزب حول مشروع الهبوط الناعم هو أحد السيناريوهات المحتملة، بينما يؤكد الحزب على مشروع الحل الجذري للأزمة الوطنية العامة وذلك بإسقاط النظام وتفكيكه وتصفية ومحاسبة واستعادة أموال الشعب المنهوبة واستعادة مؤسساته الإستراتيجية التي تمت خصخصتها أو تم تدميرها، وارساء قواعد الدولة المدنية الديمقراطية عبر تكوين حكومة إنتقالية ذات المهام المحددة وعلى رأس تلك المهام عقد المؤتمر الدستوري القومي الذي ظل مؤجلاً ومتراكماً منذ الاستقلال وحتى الآن.
أكدت اللجنة المركزية في تحليلها للواقع الجديد أن إنتفاضة ديسمبر المجيدة وبعمق محتواها واتساع أفقها ومداها، مدنا وحضراً وريفاً، وفي دول المهجر لن تنطفئ جذوتها.
يعمل الحزب بكل قدرته وإمكاناته مستنداً على الحركة الجماهيرية، شيبها وشبابها وتحالفاتها الإستراتيجية والتكتيكية لتوسيع قاعدة الحريات العامة والتحول الديمقراطي لفتح الطريق أمام استكمال أهداف ومهام انتفاضة ديسمبر المجيدة” (إنتهى المقتطف الثاني من دورة الإجتماع الإستثنائي للجنة المركزية يوليو 2019).
جاء في ذات الوثيقة:- (مقتطف ثالث من دورة ل.م الإستثنائية يوليو 2019)
قوات الدعم السريع لا يجب مساواتها حسب النص عليها بالقوات المسلحة، فهي مليشيات أنشأتها الإنقاذ لأغراض محددة، فيجب النص على تسريح وإعادة دمج هذه المليشيات في القوات المسلحة والقوات النظامية الأخرى أو الخدمة المدنية في إطار إتفاق السلام وبناء عقيدة قتالية جديدة للقوات المسلحة لكون هدفها هو حماية الشعب والوطن وحدوده. إن القوات المسلحة يحكمها القانون الذي ينص على التشكيلات والتدريب والإستراتيجية العسكرية كما هو معمول به في الجيوش النظامية، وهذه الشروط لا تنطبق على الدعم السريع.
(تعتبر الاتفاقيات والمعاهدات والبرتوكولات العسكرية والدولية والإقليمية واتفاقيات السلام الموقعة مع الحركات المسلحة التي أبرمتها جمهورية السودان سارية المفعول خلال الفترة الانتقالية). وتعتبر هذه من أخطر النصوص في المرسوم الدستوري لأنها تعني بقاء السودان في الحلف العربي الإسلامي وحرب اليمن وتعني بقاء السودان عضواً في قوات الآفريكوم، وبقاء القواعد العسكرية والإستخباراتية الأجنبية في البلاد بموجب تلك البروتوكولات والتي تعرقل سياسة خارجية متوازنة لا تدخل البلاد في محاور أو تهدد السيادة الوطنية أو تدفع بجنود القوات المسلحة إلى الإرتزاق.)
(والسؤال الأهم والأخطر هو:- لماذا تراجعت قوى إعلان الحرية والتغيير في الموقف التفاوضي مع المجلس العسكري الإنتقالي حتى أنتج هذا الإتفاق المسخ الذي لايرقى إلى عمق واتساع إنتفاضة ديسمبرالمجيدة.)
بناءاً على هذه القراءة المستفيضة للوثائق التي أسفرت عن مفاوضات قوى إعلان الحرية والتغيير والمجلس العسكري الإنتقالي، تبّين للحزب بشكل جلي أن هناك مؤامرة قد أحيكت بضغوط ومساعدة من أجهزة إستخباراتية خارجية للتخلي عن مبادئ ومواثيق وشعارات الثورة والعودة إلى تنفيذ مشروع الهبوط الناعم في الفترة الإنتقالية.استوجب الأمر على الحزب نقد أخطائه كما هو وارد أعلاه والتوجه لتبصير الجماهير بما هو محاك ضد الثورة والعمل والنضال معها لإستعدال مسار الفترة الإنتقالية لمصلحة الطبقات والفئات الاجتماعية صانعة الثورة واسترداد الثورة).
“إنتهى المقتطف الثالث والأخير من وثيقة الإجتماع الإستثنائي للجنة المركزية في يوليو 2019”.
يخلص الحزب مما ورد من مقتطفات الإجتماع الإستثنائي للجنة المركزية في 8 يوليو 2019 إلى ما سبق إيراده في الخطاب أن الإنقلاب والحرب ليسا حدثان عارضين عابرين إنما تمظهر عبرهما عودة دوران عجلة تراكم الأزمة العامة، وسرعان ما عادت اعراض الازمة الثورية نتيجة للمفارقة والانحراف عن مسار الثورة وذهاب حكومات الفترة الانتفالية وتنفيذ برنامجا الهبوط الناعم واتباع نهج اللبرالية الجديدة واعمال آليات السوق الحر استعاضة عن تنفيذ ما ورد في مواثيق الثورة وتوصيات المؤتمر الاقتصادى لقوى اعلان الحرية والتغيير الداعيان الى اقتصاد مختلط والاعتماد على الذات لسد حاجات الشعب والاكتفاء من الغذاء.
ان قوى الحرية والتغيير بشقيها و (تقدم) يسعون، بدلا عن مراجعة ادائهم السياسي في الفترة الماضية وتقييم الحصيلة والنتائج لمعرفة أسباب الفشل والاخفاق فى تحقيق شعارات الثورة وانفضاض الجماهير من مؤازرة حكومات الفترة الانتقالية والعودة للشارع، ذهبوا باصرار عنيد للاستعانة بالخارج بدلا عن العودة للجماهير صناع واصحاب الثورة، وتوظيف الحرب مع حلفائهم الدوليين والاقليميين لارهاب وترويع المواطنيين زعزعة لاستقرارهم المادي والمعنوي وخلق الفوضى والانفلات الامني لتشتيت قوى الثورة لعل ذلك يثنيهم عن المضي على طريق الثورة بحثا عن الاستقرار والامن ومن ثم العودة الى كراسي السلطة مجددا عبر مبادرات تسعى لتوسيع قاعدة مشروع الهبوط الناعم لاستيعاب الفلول والقوى السياسية التى سقطت مع النظام المدحور تحت دعاوى تحقيق الوحدة الوطنية وتحت اشراف قوى اقليمية ودولية لمواصلة الحكم على نهج اللبرالية الجديدة وآليات السوق الحر، فقوى رأس المال العالمى لا تمانع عن تغيير نظام شمولي لفظه شعبه بحكم مدني ديمقراطي شكلاً يتبنى نهج اللبرالية الجديدة ويخدم مصالحه في نهب الموارد.
حزبنا وكل قوى الثورة الحية تتوق وتعمل لإيقاف الحرب واستعادة الإستقرار والأمن للوطن وعودة النازحين واللاجئين لديارهم ومحاسبة ومحاكمة كل من تورطوا في إشعال الحرب. ذلك ما يجدّ الحزب لتحقيقه ويمد يده بصدده لكل الجهود الجادة المبذولة لتحقيقه. يعمل الحزب مع الجماهير دون كلل لرص وتنظيم الجماهير لفرض إيقاف الحرب مع قرنه بالنضال لإنتزاع الحقوق للعيش في أمن وكرامة والمضي بطريق إسترداد الثورة واستعدال مسارها لتحقيق أهدافها العميقة في ترسيخ الديمقراطية وعدالة ومساواة وسلم وطيد.
الحزب يعمل لمستقبل شعب، وليس لمجرد إلتقاط الأنفاس لفترة هدنة، كما في السابق، يعاود بعدها إنفجار الأزمة العامة من جديد تهدد وحدة الوطن. هذا ما أراده الشعب بالثورة.
نرجو أن نكون أوضحنا موقفنا ورؤيتنا.
سكرتارية اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوداني
28 مايو 2024م.