تقرير – المنبر 24
تستضيف مصر مؤتمراً للقوى السياسية والمدنية السودانية يومي السبت والأحد ، حيث يُتوقع أن يشهد مشاركة واسعة من القوى السياسية السودانية.في محاولة للبحث عن «توافق» لوقف الحرب في السودان، في غياب « مليشيا الدعم السريع».
وقال سياسيون سودانيون ومصريون إن «مؤتمر القاهرة يجمع عدداً كبيراً من القوى والفرقاء على مائدة حوار واحدة.
ودعت مصر إلى مؤتمر يجمع القوى السياسية السودانية بهدف «الوصول لتوافق حول سبل بناء السلام الشامل والدائم في السودان، عبر حوار وطني سوداني – سوداني يتأسس على رؤية سودانية خالصة»، وذلك «بالتعاون والتكامل مع جهود الشركاء الإقليميين والدوليين، لا سيما دول جوار السودان، وأطراف مباحثات جدة، والأمم المتحدة، والاتحاد الأفريقي، وجامعة الدول العربية، ومنظمة الإيغاد»، وفق إفادة لوزارة الخارجية المصرية في نهاية مايو الماضي.
نقطة تلاقٍ ايجابية
وقال عضو تنسيقية (تقدم) ماهر أبوالجوج في تعليق لـ(المنبر 24) إن أطراف متباينة ومختلفة منذ انقلاب 25 أكتوبر ثم الاطاري واندلاع حرب 15 أبريل تجتمع خطوة ايجابية .
وتابع “قد لا يحدث اتفاق في كل القضايا الخلافية من الجولة الأولى ،لكن الانعقاد مؤشر لامكانية حدوث تلاقي بين الأطراف السياسية السودانية “.
ويضيف أبو الجوخ بأن التلاقي لا يعني انهاء مرحلة الخلاف السياسي بين الأطرف ، لأن الخلاف السياسي مسألة موجودة وقائمة على تباينات ، وأعتقد أن مؤتمر القاهرة يؤسس لإنهاء الحرب وهذه قضية رئيسية .
ويقول إن الخلافات شيء طبيعي في الأنظمة الديمقراطية وعادة السياسيين لا يتفقون ويصبحون كتلة واحدة . ويضيف : ” المُهم الوصول لاتفاق سياسي يعمل على انهاء الحرب” . ويشير أبو الجوخ أن اتفاق القوى المدنية سيمثل وسيلة ضغط على الأطراف العسكرية المتحاربة ، ووجود قوى مدنية صوتها عالٍ ضد الحرب يعطي القوى المدنية وضع أفضل يجعلها بدلاً عن خضوعها للتجاذبات بين الطرفين يجعلها ات صوت “.
اجماع نسبي
ويعتقد أبو الجوخ ان هناك قوى مدنية لديها مصلحة في استمرار الحرب أو هي جزءً من الحرب ليس لديها مستقبل سياسي بالتالي سترفض المشاركة في مؤتمر القاهرة ولذلك السياق العام لن يكون هنالك اجماع بنسبة 100% لان المؤتمر الوطني المحلول لن يكون ضمن المشاركين وليس لدية رغبة أيضاً في المشاركة، وهنالك مجموعات أخرى شبيهة له ليست لديها أي رغبة في المشاركة وفرصتها تستفيد من الحرب وتنمو سياسياً وتبقى ضمن الطفيليات السياسية ، وطفيليات منفعية لقياداتها .
ويقول أبوالجوج إن القوى المشاركة في مؤتمر القاهرة لديها رغبة في انهاء الحرب وهذا سيساعد في انهاء الحرب ، مجرد انعقاد الحرب لهذه المجموعات المتعددة ومتاينة نجح في كسر جبل الجليد الذي كان مانع بين كل المجموعات ، وفي آخر المطاف الحرب ستنتهي باتفاق بين القوى المدنية السياسية والعسكرية المتحاربة ، وحرب السودان من الصعب تنتهي عسكرياً والحسم سيكون سياسي متراضٍ عليه كما أعتقد أن اجتماع القاهرة فتح قوى الضوء في الظلام .
حمدوك وعقار أبرز المشاركين
وذكرت مصادر سودانية لـ«الشرق الأوسط» أن «مؤتمر القاهرة سيشهد مشاركة من القوى السياسية والمدنية الفاعلة في السودان، والشخصيات السودانية المؤثرة»، لكنها أشارت إلى «عدم حضور ممثلين عن مليشيا الدعم السريع »
المصادر أوضحت أنه من المقرر مشاركة نائب رئيس مجلس السيادة السوداني مالك عقار، رئيس الوزراء السوداني السابق ورئيس تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم) عبد الله حمدوك، وزير المالية السوداني جبريل إبراهيم رئيس حركة العدل والمساوة ، مني أركو مناوي رئيس حركة تحرير السودان، رئيس حزب المؤتمر السوداني عمر الدقير، ورئيس حزب التجمع الاتحادي بابكر فيصل، إلى جانب القوى المشكلة لتجمع «الكتلة الديمقراطية»،
رئيس حزب الأمة مبارك الفاضل المهدي ،رئيس المجلس الأعلى للبجا والعموديات المستقلة محمد الأمين ترك ،رئيس الجبهة الشعبية للتحرير والعدالة الأمين داؤود، رئيس قوى الحراك الوطني التجاني السيسي، إضافة إلى شخصيات وطنية بينها نور الدين ساتي، والواثق كمير، وصديق أمبدة، وعالم عباس، والمحبوب عبد السلام، والشفيع خضروممثلي أحزاب وقوى سياسية مؤثرة بينهم كمال بولاد رئيس حزب البعث ، قائد حركة تحرير السودان المجلس الإنتقالي الهادي إدريس، زعيم قوى تحرير السودان الهادي إدريس ، بجانب ممثلين من النقابات ولجان المقاومة .
وأكدت أن القاهرة «تسعى لبناء الثقة بين مختلف الأطراف السودانية»، موضحة أن «دعوات المشاركة في الحوار السوداني، قدمتها مصر للأحزاب والحركات السياسية والمدنية والشخصيات المؤثرة، في صيغة دعوات منفردة، وليس على أساس الكتل السياسية ».
تأكيدات مصرية
كما أكدت«الخارجية المصرية» في وقت سابق على بعض محددات الحوار السوداني المرتقب، تضمنت «التأكيد على أن النزاع الراهن قضية سودانية، وأي عملية سياسية مستقبلية ينبغي أن تشمل الأطراف الوطنية الفاعلة على الساحة السودانية كافة، وفي إطار احترام مبادئ سيادة السودان ووحدة وسلامة أراضيه، وعدم التدخل في شؤونه الداخلية، والحفاظ على الدولة ومؤسساتها».
«الشعبية » تعتذر عن المشاركة
و أعلنت الحركة الشعبية لتحرير السودان- شمال، ، عدم المشاركة في مؤتمر القاهرة المزمع انعقاده اليوم ، والذي يهدف إلى تحقيق اتفاق بين القوى السياسية حول السلام الشامل في السودان.
وقال عمار أمون دلدوم الأمين العام للحركة التي يرأسها عبد العزيز الحلو في تصريح مقتضب لسودان تربيون : “اعتذرت الحركة عن المشاركة في مؤتمر القوى السياسية والمدنية المزمع عقده في القاهرة مطلع الأسبوع القادم”، مضيفًا أن الحركة تحتفظ بأسباب الاعتذار عن المشاركة في المؤتمر”.
مائدة حوار واحدة
ورأى القيادي في «الكتلة الديمقراطية» السودانية، مبارك أردول، أن «مؤتمر القاهرة مختلف عن غيره من الفعاليات والمبادرات التي تناولت الأزمة السودانية». وأرجع ذلك إلى كونه «يجمع عدداً كبيراً من القوى والأفرقاء السياسيين على مائدة حوار واحدة»، معرباً عن أمله في أن «يقدم المؤتمر رؤى وأفكاراً حول كيفية إنهاء الحرب بالسودان، وكيفية إيصال المساعدات الإنسانية، والتأسيس لحوار سياسي شامل يجمع أطراف الأزمة السودانية»، مشيراً لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «الوقت حان لوقف الاقتتال، وتحقيق السلام وعودة النازحين واللاجئين لديارهم، في ظل فاتورة الحرب التي تتضاعف يومياً ».
مُداولات لانهاء الحرب
وعدّ الأمين العام لتنسيقية «تقدم»، الصديق الصادق المهدي، أن المؤتمر «انعكاس للاهتمام المصري بالأزمة السودانية». وقال في إفادة صحافية، الخميس: «منفتحون للتداول بشفافية من أجل وقف الحرب»، لافتاً إلى أن «ما يتمخض عن مؤتمر القاهرة، يؤسس لواقع جديد يتطلب تكامل الأدوار لتوحيد الموقف المدني والضغط على طرفي الحرب لوقف الاقتتال».
وأعلنت تنسيقية «تقدم» تلبية مكوناتها دعوة المشاركة في مؤتمر القاهرة. وقالت الأسبوع الماضي، إنها «ستعمل على الدفع بأولوية معالجة الكارثة الإنسانية التي يعاني منها السودانيون داخلياً، وفي مناطق النزوح واللجوء، وستطرح رؤاها حول كيفية تسريع جهود الحل السلمي للنزاع في السودان ».
ترحيب حاكم دارفور
وقال حاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي في تغريدة على منصة إكس : “استجابةً للدعوة الكريمة التي تلقيتها من جمهورية مصر الشقيقة سأتجه خلال الساعات القادمة الى العاصمة المصرية القاهرة لحضور مؤتمر القوى السياسية والمدنية المذمع عقده يوميّ ٧ و ٨ من الشهر الحالي. نتطلّع خلال هذا المؤتمر إلى ايجاد حلول جذرية للأزمة السياسية الراهنة بالبلاد مع التركيز على ايصال المساعدات الإنسانية”؟
وتابع مناوي :” نأمل ان تكون خطوة نحو الاتجاه الصحيح لإنهاء الحرب ومعاناة الشعب السوداني”.
فرص نجاح المؤتمر
في المقابل، قلل أمين عام «الجبهة الشعبية» السودانية، جمال عنقرة، من فرص وصول المؤتمر إلى «إعلان موقف موحد لوقف الحرب». وأرجع ذلك إلى «عدم دعوة بعض القوى السودانية، مثل المقاومة الشعبية والإسلاميين الذين يقاتلون ( مليشيا الدعم السريع)»، مشيراً إلى أنه «من بين نحو خمسة عشر حزباً وحركة مسلحة تمت دعوة ثلاثة فقط من المناصرين للجيش السوداني
وكانت «الخارجية السودانية» قد طالبت نهاية مايو الماضي بضرورة «تمثيل المقاومة الشعبية في مؤتمر القاهرة»، وأن يكون أساس المشاركة «قائماً على تأكيد الشرعية القائمة في البلاد وصيانة المؤسسات الوطنية وعلى رأسها القوات المسلحة». ورفضت في نفس الوقت مشاركة «مؤيدي (الدعم السريع)».
مسارات حل الأزمة السودانية
في سياق ذلك، أوضح نائب رئيس «المجلس المصري للشؤون الخارجية»، السفير صلاح حليمة، أن «المؤتمر يستهدف الخروج بنتائج في 4 مسارات أساسية لحل الأزمة السودانية، بدايةً من المسار الأمني والعسكري، والمسار السياسي، والمسار الإنساني، ومسار إعادة الإعمار»، مشيراً إلى أن المؤتمر «يجمع كل الجوانب الإيجابية في المبادرات السابقة، ويسعى لتمثيل كل أطياف المجتمع السوداني دون إقصاء».
وقال حليمة إن «استضافة القاهرة للحوار، جاءت بناءً على مطالب من القوى السودانية، خلال لقاءات المبادرة المجتمعية التي رعاها المجلس المصري للشؤون الخارجية، مع القوى والكيانات السياسية السودانية للتوافق على صيغة للحل السياسي في السودان»، مشيراً إلى أن «نتاج عمل تلك المبادرة امتد لنحو 70 ساعة، على مدى ثلاثة أشهر».
موقف استكشافي لوقف الحرب
من جهتها، ترى أماني الطويل، الكاتبة المصرية ومديرة البرنامج الأفريقي بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، أن مؤتمر القاهرة يأتي في سياق جهد تراكمي لبلورة موقف استكشافي إزاء وقف الحرب، وتم استبعاد قوى من المؤتمر لدورها في الحرب وعدم طرحها رؤى لوقفها.
وبحسب حديث الكاتبة للجزيرة نت، فإن مصر تسلك منهجا مدروسا وحذرا لتقريب مواقف الأطراف السودانية، لكن تحقيق تقدم يستند إلى توفر إرادة عند الفرقاء السودانيين، كما أن القوى الدولية والإقليمية ستدعم هذا الاتجاه في حال التوصل إلى تفاهمات إيجابية.
وتضيف المتحدثة أن المؤتمر جولة استكشافية، ولا ينبغي أن ينظر إليه على أنه سينهي الحرب، بل محاولة لبناء علاقات جديدة على أسس جديدة، لبلورة خريطة طريق نحو حل الأزمة السودانية.
وتتزامن الدعوة المصرية للحوار السوداني، مع الذكرى الأولى لاستضافة القاهرة «قمة دول جوار السودان»، التي عُقدت في يوليو2023 بمشاركة قادة الدول المجاورة للسودان، وممثلي منظمات إقليمية ودولية، بهدف توحيد جهود وقف الحرب بالسودان.