المنبر24: عبدالناصر الحاج
قبل أن يستفيق السودانيون من جدل المغالطات حول حقيقة اللقاءات التي تمت في العاصمة البحرينية المنامة، بين وفدي الجيش السوداني وقوات الدعم السريع. ها هو قائد الجيش السوداني ورئيس مجلس السيادة الانتقالي، الفريق أول عبدالفتاح البرهان، يفاجئ السودانيون بزيارة إلى أقاصي الشمال الأفريقي، إلى الجزائر. ليترك البرهان كل الساحة السياسية تغرق في جدل التكهنات حول جدوى الزيارة ودلالاتها السياسية، في وقت تضج به دول المحيط العربي والأفريقي بتعدد المبادرات الهادفة إلى الجمع بين البرهان وغريمه حميدتي لإيقاف الحرب، بينما يتخذ قائد الجيش موقفاً رافضاً للمقترح دون تنفيذ الدعم السريع لجملة من الاشتراطات، التي يرى الدعم السريع مدى استحالتها دون أن يقوم الجيش بالمقابل بتنفيذ عدد أخر من اشتراطات الدعم السريع، والمتمثلة في القبض على رموز النظام البائد، ومفاصلة الجيش للخضوع لأجندة الحركة الاسلامية- مثلما يقول اعلام الدعم السريع.
البرهان للجزائر
توجه رئيس مجلس السيادة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان صباح اليوم إلى جمهورية الجزائر ، في زيارة رسمية. وسيجري رئيس المجلس، خلال الزيارة، مباحثات مع رئيس جمهورية الجزائر عبد المجيد تبون ، تتناول مسار العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تعزيزها، والقضايا ذات الإهتمام المشترك بين البلدين . وكان في وداعه بمطار بورتسودان الدولي ، وزير مجلس الوزراء المكلف عثمان حسين والأمين العام لمجلس السيادة الفريق الركن محمد الغالي على يوسف ، وعدد من السادة الوزراء . ويرافق رئيس المجلس خلال الزيارة وزير الخارجية المكلف السفير على الصادق ، ومدير جهاز المخابرات العامة الفريق أول أحمد إبراهيم مفضل.
العلاقة مع لعمامرة
يقول مراقبون، أن زيارة البرهان للجزائر تأتي بعد لقاءه بالمبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى السودان رمطان لعمامرة، الذي عقد أيضا عدة لقاءات شملت عددا من الأطراف السياسية الموالية للجيش لبحث سبل إنهاء الأزمة المندلعة منذ أبريل الماضي. وقالت بعض الصحف العربية، أن لقاءات لعمامرة، أثارت شكوكا في حياد لعمامرة تجاه الأزمة السودانية. وأشارت تلك الصحف إلى أن قيادات في تحالف قوى الحرية والتغيير قد رأت أن حصر المبعوث الأممي لتحركاته ولقاءاته مع جانب واحد وهو المتسبب في الحرب، يعطي رسائل سلبية، محذرين من تحول المبعوث إلى عنصر أزمة في البلاد بدل حلّها. وعين الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، في نوفمبر الماضي وزير الخارجية الجزائري السابق رمطان لعمامرة مبعوثا شخصيا له إلى السودان، وذلك خلفا للألماني فولكر بيريتس الذي استقال في شهر سبتمبر الماضي.
ضد العزلة
القيادي بتحالف قوى اعلان الحرية والتغيير- المجلس المركزي- وعضو تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية “تقدم” ، عروة الصادق، قال في تصريحات صحفية خصّ بها “المنبر24” ، بأن زيارة رئيس مجلس السيادة الانتقالي، قائد الجيش السوداني، الفريق أول عبدالفتاح البرهان، لدولة الجزائر في مثل هكذا مواقيت، تأتي كواحدة من محاولات كسر طوق العزلة الدولية الذي أحكمته وزارة خارجيته عليه بعد تجميد عضوية السودان في منظمة الإيغاد. وأضاف عروة، على حد علمي قد تواصلت الجزائر أيضا مع قيادة الدعم السريع، وإن أفلحت إدارة تبون فيما عجزت عنه جيبوتي بجمع الجنرالين، فهو خير للسودان والسودانيين، والجزائر لها اهتمام بالغ بما يدور في المنطقة العربية وإفريقيا والشرق الأوسط، وتسعى أيضاً لاستعادة أدوار تنسيقية قديمة داعمة للمقاومة في فلسطين، قائلاً: “رأينا كيف استأنفت الجزائر رحلاتها إلى سوريا ومعلوم أن تلك الرحلات في هذا الظرف لها دلالات لا تخفى على مراقب. واشار عروة إلى أن الجزائر دولة ذات وزن ومهمة لها تصور متكامل للإسهام في حل الصراع في المنطقة وبالأخص الوضع السوداني الذي يجد اهتمام كبير من المؤسسات والنخب الجزائرية.
اللعب على كل الحبال
الكاتب الصحفي والمحلل السياسي، أحمد خليل، ذهب في تصريحاته لـ”المنبر24” حول أبعاد زيارة الفريق أول عبدالفتاح البرهان، قائد الجيش السوداني إلى الجزائر إلى أبعد مما ذهب إليه عروة الصادق، وقطع خليل بأن الجزائر لا تعتبر من الدول ذات الثقل المؤثر في القضايا السودانية، بالمقارنة مع الدور الذي ظلت تلعبه السعودية والامارات والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ودول الإيغاد فيما يتصل بضرورة انهاء الحرب في السودان عبر منبر تفاوضي يجمع بين البرهان وقائد قوات الدعم السريع الفريق محمد حمدان دقلو. وقال خليل، أن البرهان رفض كل النتائج التي توصلت إليها دول الإيغاد تحديداً وأعلنت حكومته تجميد عضويتها في الإيغاد، وعلى الرغم من علمه بأن الإيغاد تشجع منبر جدة الذي ترعاه المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة. وأقر خليل بأن البرهان وضع نفسه في موقف معقد مع المجتمع الدولي والإقليمي، في وقت يظهر فيه غريمه حميدتي على النقيض تماماً مع الدعوات الدولية والإقليمية لإنهاء الحرب. وأشار خليل إلى أن البرهان يسعى جاهداً لفتح مسار علاقات دولية أخرى، لإحداث مقاربة مع رؤيته الرافضة لمخرجات الإيغاد، وهو ذات الأمر الذي يبحث عنه البرهان في الجزائر. واتهم خليل قائد الجيش السوداني، أنه يقف وراء المحاولة السرية لتدشين مسار تفاوضي في العاصمة البحرينية المنامة، وأنه هو من قام بتخريبه من خلال منصات اعلامية مقربة إليه، منوهاً بأن البرهان يريد اللعب على كل الحبال التي تضمن له البقاء في السلطة في ظل تمدد قوات الدعم السريع ميدانياً في الأراضي السودانية.