محمد حامد جمعة
كنت أتحدث أمس مع صديق وزميل سوداني .مما ألزمتهم الحرب المهاجر يعبر الهضبة الأثيوبية في طريقه لبلد ثالث .فخالطت مشاعره أصداء أنوار مسجد . وترانيم تمكات . . وتحمى بالماء الساخن النابت من أعين الصخر وكنت قد نصحته بضاحية (سودري) في (أداما) قلت له لعل الأسم يرطب فيك أشواقك لكردفان ومراسم حسن نجيلة في بادية الكبابيش وما جوارها .وهو كردافي نفسه وروحه وسطية كجغرافية نشأته البدوية ؟ وأظن أني اكثرت الحديث والثرثرة إذ لاحظت أن الرجل يطيل الصمت حتى حل عقدة لسانه وهو يحدثني عن ملاحظة قلت ما هي قال نحن (السودانيون) نحظى في هذا البلاد بإحترام لافت .؛وأضاف يحترموننا بقدر لم أجده في بلد أخر . هذا حيثما أسير وعند كل من أقابل . أو كما قال .
2
ومثل هذا متحدث ومراسلة أخرى من صديق من أسمرا .تغير فقط عنده طول العرض بالجغرافيا وربما زاد عنده الأحساس بالبرد .ولأسمرا برد يفت العظام غير أنه لا يؤذي . قلت له مثل قولي للأول .عرفت فألزم ثم قصصت عليه أن لي عشرات من الاصدقاء والصحاب من إرتريا ألزمتهم وتدابير الفرص بجنسيات اوطان جديدة غير أنهم ما تغير عندهم الولاء لأسمرا ولا الوفاء للخرطوم ويعبرون من الثانية للأولى وإليها يعودون مثل قاعدة مرمى السهم .وقصصت عليه قصة زينب (النيرويجية الان) فحينما عادت لزيارة ارتريا غشيت الخرطوم ضمن خط سفرها .وكانت اول ما فعلته أنها زارت كل جيرانها القدامى .قضت ساعات تبكي في الصحافة وتبحث عمن غادروا للازهري وتلح حتى في وصول من ذهب إلى بحرى وتوقفت في مقابر الرميلة وامطرت على حواف اللحود بعض الدمع وحينما سالتها من تبكين سمت شخصيات تسبق الاسم بلفظ عم فلان والخالة فلانة .جيرانا راحلون أو اسرا عملت معهم أو عرفتهم في زمان سبق .
3
أمس كنت أتابع حديث لاجئ سوداني من ابشي التشادية ـ فيديو راج وتمدد ـ ما لفت نظري .قبل الاشارة للامارات .كان الثناء الحار عميق الامتنان (للشعب التشادي) الذي قال إنه تقاسم مع السودانيين الذين إستجاروا به الأكل والشراب والملبس وكنت هذه نقطة توقفت عليها مليا ومثلت عندي زاوية أخرى بعيدا عن التلاعن الرسمي وفيوض كراهية المواقف الرسمية وهو ما عزز عندي أن الخير في مركوز التواصل الشعبي أعظم ومرجو . خاصة بسابق عطاء السودانيين كشعب إذا ظلت بلادهم مضيافة وودودة بمن تعسرت أحوالهم وان هذا الخير منهم أثمر الان غربا وشرقا
4
أعتقد أنه وبمثل أن في هذه الحرب خذلتنا حكومات ودول .وتلاحقهم الان اللعنات والسباب هناك نماذج لشعوب حفظت الجميل وردته بأفضل ما يكون . هنا يحضرني مثال (ارتريا) ولأنني قريب ومتواصل مع مجاميع منهم بديارهم ومهاجرهم فقد تيقنت من تأثرهم الصدوق بما يجري علينا وعندنا .ورأيت منهم نفرات لدعم السودان وأما موقف حكومتهم وكما قال صديق اريتري معارض (رغم خلافنا مع أسياسى افورقي لكنه في هذه المحنة أحسن ومثلنا بما يليق بعلاقتنا بالسودانيين) وصديقي يشير إلى مواقف حكومية ورسمية ارترية ساوت السوداني الوافد بالمواطن ويسرت لهم خدمات الصحة ورفعت عن المكوس والرسوم .وأما عن المواقف الرسمية مع الحكومة فهذا مبحث تفاصيله عند (متاحات الايام) بعد الحرب لكنه موقف يستحق عليه الرئيس اسياس افورقي والشعب الاريتري التكريم والذكر والتنويه .ويشمل هذا سفير بلاده بالسودان عيسى محمد عيسى وهو رجل متخصص ومتعمق في السودان ويبدو أن هذا التعمق أعان في تقديم رؤية واضحة لقيادته أسهمت في تقديم نموذج محترم للتعامل الذي أرجو أن يرده السودان للقيادة الإرترية بما يليق وهذه المواقف الناصعة الواضحة والتي لم تتلجلج أو تغلبها الإبانة في ظرف الصمت كان ليكسب أسمرا الذهب والمال .
نقلاً من صفحة الكاتب والصحفي محمد حامد جمعة بـ(فيسبوك)