متابعات ـــ المنبر 24
وسط حالة الفوضى التي عمت مختلف المناطق في لبنان، أمس الثلاثاء، لاسيما المستشفيات التي عجت بمئات المصابين جراء انفجارات غامضة ومفاجئة طالت آلاف أجهزة النداء المعروفة بالبيجر والتي يستعملها عناصر حزب الله، تكشفت تفاصيل خطيرة.
فقد حمل هذا الهجوم المتزامن الذي ألقى الحزب بالمسؤولية فيه على إسرائيل رسالة إسرائيلية خطيرة، مفادها “نطالكم أينما كنتم”.
“الحرب لم تعد على الحدود”
وفي السياق، اعتبرت راندا سليم، مديرة برنامج حل النزاعات في معهد الشرق الأوسط، وهو مركز أبحاث مركزه واشنطن، أن “الهجوم تاريخي من حيث نطاقه وأسلوبه، استغرق قدرًا كبيرًا من التخطيط والتحضير”.
كما رأت أنه “يبعث برسالة مهمة إلى قيادة حزب الله مفادها: “يمكننا أن نصلكم في أي مكان.. ما يؤثر بشكل كبير على الروح المعنوية بين صفوف الحزب”، وفق ما نقلت “وول ستريت جورنال. وأردفت قائلة: “إن الحرب على الحدود لم تعد على الحدود، بل امتدت بهذا الهجوم إلى منازل عناصر الحزب وأماكن التسوق في جميع أنحاء لبنان”.
بدوره رأى ديميتري ألبيروفيتش، رئيس مركز سيلفرادو بوليسي أكسيليريتور، وهو مركز أبحاث للأمن القومي أن هذا الهجوم قد يكون الأكثر شمولاً على صعيد سلسلة التوريد في التاريخ” وتابع قائلا: “تم استبدال الأجهزة المستوردة بتلك التي تحتوي على متفجرات وتفجيرها جميعًا في نفس الوقت من خلال نوع ما من قنوات التحكم والسيطرة”، حسب واشنطن بوست.
خلل أمني كبير
من جانبه تحدث المحلل العسكري إيليا مانييه، ومقره في بروكسل، عن “خلل أمني كبير في الإجراءات التي يتبعها حزب الله”، موضحا أن عملاء إسرائيليين “تسللوا بلا شك إلى عملية الإنتاج وأضافوا عنصرا متفجرا وجهاز تفجير عن بعد إلى أجهزة الإشعار من دون إثارة الشبهات”.
كذلك أوضح مايك ديمينو، الخبير الأمني والمحلل السابق لدى وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية أن العملاء “تمكنوا من توصيل أجهزة الإنذار في صفوف الحزب… إما من خلال التظاهر بأنهم موردون أو عن طريق حقن الأجهزة مباشرة عند محطة ما ضمن سلسلة التوريد الخاصة بحزب الله عبر استغلال نقاط الضعف (شاحنات النقل والسفن التجارية)”، وفق ما نقلت “فرانس برس”.
وفي فرضية أخرى، قال رياض قهوجي، المحلل الأمني للعربية/الحدث إن “إسرائيل تسيطر على جزء كبير من الصناعات الإلكترونية في العالم، ولا شك أن أحد المصانع التي تمتلكها صنع هذه العبوات الناسفة التي انفجرت أمس وشحنها”.
“عمل متقن”
أما الخبير مايك ديمينو فوصف الهجوم، بـ “عملية تخريب كلاسيكية، وعمل استخباراتي في قمة الإتقان”.
كما ذكر بتغريدة على منصة “إكس” أن “عملية بهذا الحجم تستغرق أشهرا، إن لم يكن سنوات، لتنظيمها على أحسن وجه”.
وبهذا الصدد قال خبير الدفاع الفرنسي بيار سرفان لوكالة فرانس برس إن “سلسلة العمليات الإسرائيلية الأخيرة التي نُفذت خلال الأشهر القليلة الماضية تعني أنها سجلت عودة مجلجلة مع رغبة في الردع ورسالة مفادها: أخطأنا لكننا لم نمت”.
من جهته، كشف مصدر مقرب من حزب الله أن “أجهزة الإشعار (بايجرز) التي انفجرت وصلت عبر شحنة استوردها الحزب مؤخراً تحتوي على ألف جهاز تم اختراقها من المصدر”.
كما وصف الهجوم بأنه الاختراق الأكبر والأخطر على الإطلاق.
مقدمة لعمل عسكري
في المقابل، اعتبر المحلل السياسي والصحافي اللبناني علي الأمين، بتغريدة على حسابه بمنصة إكس أن “ما جرى ليس مجرد اختراق أمني غير مسبوق للاستعراض، بل مقدمة لعمل عسكري إسرائيلي ما”.
كما رأى أن الهجوم “أصاب شبكة الاتصالات التابعة لحزب الله في مقتل، وحيّد نحو ثلاثة آلاف كادر عسكري باتوا في عداد الجرحى”. وختم مرجحا أن يكون رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اتخذ قراراً بخوض الحرب بالتوغل البري في لبنان”.
نجاح استخباراتي
ومثل هذا الهجوم الدقيق باستخدام أدوات قديمة إلى حد كبير، نجاحاً كبيرا لأجهزة الاستخبارات الإسرائيلية بعد اغتيال الزعيم السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في نهاية يوليو الماضي في طهران.
يذكر أن هذا الاختراق أتى بعدما ذكرت مصادر لبنانية مطلعة قبل أشهر (منذ يوليو الماضي) أن حزب الله بدأ باستخدام الرموز في الرسائل وخطوط الهواتف الأرضية وأجهزة البيجر لمحاولة التهرب من تكنولوجيا المراقبة المتطورة لإسرائيل، بهدف تفادي محاولات الاغتيال التي طالت عددا من كبار قيادييه في الفترة الماضية.
نقلاً العربية نت