ضد التيار- هيثم كابو- نصف لص 

* لا يقبل شخصاً أن تصفه بـ(المنافق)، حتى ولو بصم الناس بالعشرة على أنه يظهر للملأ خلاف ما يبطن، سيحدثك على الفور عن الغل، وحقد البعض عليه، وحملة استهدافه، ومحاولة النيل منه، وستسمع العجائب عن تساميه فوق الجراح، وترفعه عن مطاردة الأقاويل والاتهامات والظنون، لتقف مذهولاً أمام الحديث عن كريم خصاله، وندرة أمثاله ..!!
* تطور المجتمع عندنا بشكل مدهش، بحيث لم تعد الخطورة في (النفاق) الذي لبس أردية معانٍ مختلفة، وبات يمثل نوعاً من الرقي، والفهم المتقدم، والتواصل مع الآخر، والذكاء الإجتماعي، ولكن الخطورة الحقيقية تكمن في كيفية الوصول إلى (أسلوب بديع) تستطيع من خلاله إقناع (المنافقين) بأنهم ليسوا بمظلومين حتى يتنازلوا قليلاً ويتكرموا على الناس بفضيلة (التسامح)..!
* هل سبق لك أن سألت نفسك : كم مرة تنافق في اليوم..؟؟ – مع العلم بأن التعريف الوحيد المعتمد للنفاق -حتى الآن- هو إظهار المرء لخلاف ما يبطن، وآية المنافق ثلاث: (إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان)..!!
* دعك من الإجابة على السؤال أعلاه، فهو محرج بعض الشئ، وربما يفضي لمنافقتك لنفسك، ودعنا نسألك بصراحة غير محرجة:
كم هو عدد المنافقين المحيطين بك ؟؟..كم منهم ينافقك شخصياً لسبب ما وانت تشعر بذلك وتتظاهر أمامهم بعدم إدراك حقيقتهم ؟؟.. وكم عدد الذين تراهم ينافقون آخرين أمامهم رغم ما يقولونه عنهم خلف ظهورهم ؟؟.
* تزايد أعداد المنافقين بمجتمعنا (المتسامح) يذكرني بقصة الكاتب والممثل السوري بسام كوسا الذي ألف رواية بعنوان (نصف لص)، وبدلاً من اسناد مهمة (تقديم الرواية) لشخص ما، فعل ذلك بنفسه علي غير ما اعتاد أن يفعل في جميع رواياته السابقة، وبرّر خطوته تلك بقوله: ” بحثت عن (نصف لص) ليقدم لي الرواية، ولكني للأسف لم أجد أحداً فكل من حولي (كاملي اللصوصية)..”!.
* بإمكان أي شخص أن ينافق حزباً، أو مؤسسة، أو كياناً، أو نظاماً، أو حكومة، أو رأسمالياً، ولكن لا يوجد شخص واحد يمكن أن يقبل منك وصفه بنصف منافق، وإن كانت مواقفه كاملة النفاق . !
* أشفق على من ينافق شخصاً، وأشعر بأن أحاديثه، وجلساته، وإحداثيات، حياته أشبه بالسير فوق سلك شائك، وأسأل نفسي :
لماذا يا ترى يرهق هذا المسكين نفسه، ويضغط على أعصابه، ويتلون ساعة تلو الأخرى .. هل تساوي المصلحة التي يجنيها من النفاق ألم إتلاف الأعصاب ؟.
* إن الوضوح نعمة، لو عرفوا قيمتها، لقاتلوا عليها بالسيوف !
نفس أخير
* وخلف لطيفة التونسية نردد:
الحقيقة ساعات بتجرح ..
بس اريح ..
وانت لو ريحت قلبي بتستريح ..!

موقع المنبر
Logo