“محمد زكي …علاقة تَجِلُّ عن الوصف” بقلم د. عبد الرحمن الغالي..

(1)
في سلوك يشبه شخصيته: قرر البقاء في بحري رغم استطاعته المغادرة: مادياً ولوجستياً بشبكة علاقاته الواسعة. شخصية محمد زكي القوية الصلبة العنيدة المبدئية تظهر لكل من اقترب منه وتتجلى أكثر في المحكات ولكن تخفيها عن الآخرين جوانب الرفق والوداعة وروح الدعابة والمقدرة على التواصل الاجتماعي وخلق العلاقات والصداقات والتواضع والكرم الحاتمي والإيثار والهم بقضايا الناس لا سيما المحتاجين والضعفاء.
كل تلك الصفات مع الهمة العالية والحركة الدائبة التي أتعبت جسده النحيل.
(2)
عرفت محمد بحساب الأبدان والأشباح بعد انقلاب 1989 ولكن بحساب الأرواح كأنما تلاقت أرواحنا خارج الزمان والمكان.
عملنا سوياً في أمانة العلاقات الخارجية إبان العمل السري في التسعينات تحت رئاسة أمي سارة الفاضل عليها غيوث الرحمة والرضوان، ثم تزاملنا سوياً في الدبلوم العالي للعلاقات الدولية بجامعة الخرطوم 1997.
وحينما كُلّفتُ برئاسة قطاع الدراسات والبحوث بعد وفاة الحبيب فاروق اسماعيل وكان ذلك بعد العودة ( تفلحون) اخترت مجموعة من الشباب النابه من الجنسين على رأسهم الحبيب محمد زكي والحبيب محمد فول والحبيبة إيمان الخواض والحبيبة رباح عبد الرحمن أمين التوم والحبيبة رشا عوض والحبيب عمر استراتيجية وآخرين.
وعندما التحق الحبيب محمد زكي بمكتب الحبيب الإمام عليه فيوض الرحمة والرضوان صهر تواجدُنا الدائم بالمكتب أرواحَنا وأمزجتنا حتى لكأن كل واحد منا بعض من الآخر، فاتفقت مواقفنا ورؤانا وميولنا فسبحان من جنّد الأرواح فأتلفت مع أن أصابع اليد والواحدة تختلف.
ثم تزاملنا معاً ( في دراسة الكبر بعد مشيبنا) في ماجستير العلاقات الدولية بالجامعة وهناك رأت منه دفعتنا العجب العجاب إذ كان زكي روح الماجستير بعطائه وكرمه، كان يتكفل بضيافة كل السمنارات ويساعد كل محتاج أو مأزوم وكل ذي ظرف طارئ ويهادي الجميع. وابتدر إصلاح حديقة العلوم السياسية وأحضر لها البستاني والشتول ومواد التشجير والتسوير وفتح الباب للآخرين للمساهمة الرمزية من لطفه وحساسيته. ولم تقف مبادراته عند حد البشر بل أطعم حتى قرود الجامعة إذ كان يحضر لها الموز، فأدهش زملاءه وزميلاته وما دروا بأنه جعل إطعام الطيور في حديقة بيته الصغير سنة راتبة وواجباً مقدسا. لذلك لم يكن غريباً أن تقوم الدفعة بتكريمه وحده ولأجله وليس بسبب حادثة أو فعل أو مناسبة معينة.
زكي إنسان نادر حفظه الله، وهذه ليست كلمة في حقه وإنما تنهيدة مشفق أتاه الفرج بسماع خبر سلامة زكي، وإلا لو شئنا الحديث فكل صفة من الصفات التي ذكرتها يحتاج ذكر شواهدها لوقت طويل لكتابته ولم يعد فينا من العقل وراحة البال ما يمكن من ذلك، فلم يبق إلا الحمد لله حمداً كثيراً على سلامته ونسأله المعبود والمحمود بالحق سلامة الوطن وكشف الغمة واللطف بأهل السودان إنه ذو رحمة واسعة أوجب على نفسه سماع من حمده فنسأله بحق حمده أن يسمع لنا في بلادنا وأهلنا وأن يؤلف بين قلوبهم بعد هذا الحال
حمد الله على السلامة يا حبيب

موقع المنبر
Logo