“منتصف العاصمة”.. مندي القرن الحادي والعشرين.. بقلم د. عفراء فتح الرحمن

دكتورة هنادي النور جمعة أو بت الفاشر هذا كل ماتعرفه محركات البحث عنها .. ولكن مايعرفه الله شيئ آخر هو وحده المطلع على قلبها الذي تغلب على الدنيا فغلبها عبر رحلة طويلة شائكة طمس فيها ذكرى نقش الحناء الرقيق على ساعديها وأزال عن مسامعه زغاريد النسوة الناعمة وهجر ثياب النساء الملونة بالعطر والمدهش أنه فعل كل ذلك رغم سنواته الخضر وروحه الغضة لأنه علم أن المغنم ساعة والجزاء إلى قيام الساعة .
ثم أخذت أبحث عنها في محركات البحث بنهم فباغتني صوت نسائي مشروخ وكأنه مذبوح حتى منتصف الروح ولكنه يصر على تهديج الجسد
المسجى في نعشه الأخير ((حلاتا سودانية
البنية
سلام ياميرم عوافي
سلام زولا يجيكي
برجل حافي
في وداعة الله
ياناس أقعدوا عافي
…..
و كان الصوت المشروخ مصحوبا بصورة لوجه هنادي المغسول بالوضاءة وكانت عيناها تبتسم بطمأنينة وكأنها ترنو لكون ميتافيزيقي مواز ((فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ))
أما نحن فمكاننا مدرجات الفرجة نطبق أجفاننا على روحها الوثابة ونفسها المملوءة بسالة نادرة إلى الحد الذي جعلها تتقدم الصفوف منافحة بجسارة عن ماتؤمن به في الدفاع عن أرضها ومن عليها من مستضعفين رحلتها القصيرة النادرة جعلتها تحقق الخلود وتنال ملكا لا يبلى ((وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ}.
هنادي التي ورثت ذات الجينات من مندي بت السلطان عجبنا تعيد للنص التأريخي تناصه المبهر ليتوحدا معا (مندي وهنادي ) يقاتلان الغازي المستعمر ويقضيان نهارا ساخنا لتكتشف مندي بعده أن رضيعها الذي كانت تحملها على ظهرها بحنو وتقاتل مقبلة ببسالة قد قتل برصاص الغازي .. وتكتشف هنادي في هدوء أنها قد عبرت إلى الضفة الأخرى من الحياة حيث الخلود الأبدي لتركض على الصراط حرة باسلة تهرع بصحيفتها فرحة وتمد يمينها ! .. وإلى جوارها تاج الدين الذي هزم وحده
فرنسا العظيمة ليلتحم النص التأريخي مرة أخرى ويكتب على صخور (دورتي) يالإيمان انتصر تاج الدين أو كما قال الفيتوري :

ـ يا تاج الدين
الأعداء أمامك . . فارجع
لهب . . وقذائف حمر . .
وخوذات تلمع
والحربة مهما طالت
لن تهزم مدفع
لن تهزمهم يا تاج الدين
بسلاح كزمانك مسكين
وكعاصفة سوداء تلفت تاج الدين
في سخط الجبارين تلفت تاج الدين
وأطل على وجه القائل
كانت شفتاه رعودا وزلازل
كانت كلمات السلطان
سلاسل
ـ ياويلك لو لم تك ضيفي يا عبدالله
ما أقبح ما حركت به شفتيك
ما أبشع ما منيت به عينيك
عار ما قلت . .
وعار أن نستمع إليك
فاثن زمام جوادك
وخذ الدرب الآخر
يا بحر الدين أعده للدرب الآخر

موقع المنبر
Logo