في بريد المجلس السيادي” هذا رأيي في إعمار ما دمرته الحرب” بقلم.. عبدالقادر باكاش

قرأت اليوم في عدد من المنصات الإعلامية خبرا عن قرار اصدره عضو مجلس السيادة ، رئيس اللجنة العليا لتهيئة البيئة المناسبة لعودة المواطنين لولاية الخرطوم الفريق ركن بحري مهندس مستشار إبراهيم جابر إبراهيم في العشرين من يوليو الماضي يقضي بإيقاف جميع أعمال الصيانة للمنشآت والمرافق الحكومية بولاية الخرطوم رغماً عن أن القرار لم يوضح أسباب الإيقاف ولم يفسر لماذا نص على المنشآت والمرافق الحكومية وصمت عن غير الحكومية ؟
اسعدني القرار وتوافق َمع رؤيتي التي كتبتها من قبل حول إعادة إعمار ما دمرته الحرب في الولايات المتضررة (وهي أن أي اعمار متعجل يعتبر طمس لمعالم الجريمة التي اقترفتها المليشيا بحق الوطن والمواطنين وان ما جرى يجب أن يعامل بما يستحق من الجدية والدراسة والتقييم والتوثيق والتخطيط السليم فليس من الحكمة أن تكون أولوية الحكومة الحالية إعادة الخرطوم إلى ما كانت عليه قبل حرب أبريل 2023 دونما اكتراث لكل ما جرى)
السودانيون تعرضوا لحرب وعدوان لم تتعرض له غيرهم من قبل ، وانفردت حرب السودان بممارسات غير إنسانية لم تحدث في أيٍ من البلدان وان ما حدث يجب أن يوثق ويُحفظ للتأريخ ويُدّرس للأجيال القادمة
يجب أن يكون قرار إيقاف صيانة المنشآت من أجل التفكير بشكل أفضل وأشمل من مجرد صيانة أو إعادة إعمار المباني مطلوب أولاً تعديل مسمى ومهام اللجنة السيادية من لجنة لتهيئة البيئة المناسبة لعودة المواطنين إلى لجنة عليا تطلع وتستفيد من تجارب الدول التي مرت بحروب و كوارث شبيهة بكوارث السودان وان تنبثق وتتفرع منها لجان لحصر وتصنيف الآثار الناجمة من الحرب في كل الولايات التي تم تحريرها واستيفاء المطلوبات القانونية لتحديد الأضرار المادية والمعنوية وفي المنشأت العامة والخاصة وحجم الاستهداف للمرافق الخدمية ولجان لوضع رؤية حول مطلوبات وتحديد اسبقيات الإعمار عبر مراكز للدراسات الاستراتيجية محلية وأجنبية ولجان أخرى لاستقطاب موارد للإعمار مع التفكير في كيفية أن لا يكون الإعمار مشروعاً تجارياً لجهات أخرى فاستحداث الموارد يمكن أن يشمل الهبات والقروض والمنح والمساعدات الخارجية إلى جانب الإيرادات الذاتية هذا بالإضافة إلى تحديد شكل ونوع وحجم الإعمار المطلوب
فالخرطوم مثلاً لا تصلح أن تعود إلى ما كانت عليه قبل الحرب فقد كانت عاصمة شائهة واعمارها يجب أن تسبقه خطط ودراسات لاعادة هندستها من كل النواحي الأمنية والاقتصادية والصناعية والاجتماعية والسياسية وغيرها فإذا عادت إلى ماكانت عليه قبل الحرب يعني ذلك أنها لن تكون أمنة ومن غير المستبعد أن تكون ميداناَ للحرب مرة أخرى نحتاج لبناء عاصمة عصرية حديثة تشبه عظمة السودان ولن يتسن لنا ذلك مالم نخطط منذ الان لخرطوم المستقبل بأفكار وادوات جديدة وبعزم وإرادة صادقة كما أنه ليس من الضرورة أن يكون ذلك في ظل الحكومة الحالية يمكن أن تؤسس هذه الحكومة وتضع اللبنة الأولى لاعادة إعمار السودان اليوم ليستكملها من يأتي بعدها ولو بعد سنوات
والله المستعان

موقع المنبر
Logo