رحل قور وبقي الحلم: أبو القاسم، رفيق السلام والتعايش السلمي ورجل المصاهرة القبلية في ديار المسيرية ودينكا نقوك بقلم .. د. ضيو مطوك

عرفتُ البروفيسور أبو القاسم حامد قور، عام ٢٠٠١م، مباشرةً بعد تكليفي بحقيبة مستشار السلام بدرجة وزير دولة، برئاسة الجمهورية ضمن الطاقم العامل مع الدكتور غازي صلاح الدين العتباني، ذلك الرجل الذي لا يعرف الكثيرون مكارمه ومحاسنه، خاصةً في مجال اتفاقية السلام الشامل في السودان، الموقعة بين الحكومة السودانية برئاسة الرئيس السابق عمر حسن أحمد البشير، والحركة الشعبية والجيش الشعبي لتحرير السودان بقيادة الزعيم المناضل الدكتور جون قرنق.

عرفتُ الراحل أبو القاسم وهو باحث وأكاديمي وناشط في مجال السلام الاجتماعي في السودان حيث كان حلقة الوسط بين قبائل التمازج الواقع في الحدود بين شمال السودان وجنوب السودان.

عرفته كرابطة قوية متينة بين عشيرتي المسيرية ودينكا نقوك التي ينتمي إليهما من خلال المصاهرة فوالده من المسيرية ووالدته من دينكا نقوك.

كان الراحل أبو القاسم وبهذه الصفات النادرة التي لا توجد في كثير من أبناء جيله آنذاك، يحاول جاهدًا أن يُرمم ما أفسدته السياسة والحرب بمنطقته، علمًا أن المسيرية يتداخلون اجتماعيًا وسياسيًا واقتصاديًا مع دينكا نقوك في منطقة أبيي، وليس هناك شخص أفضل منه في ترميم النسيج الاجتماعي، وخصوصًا، إذا أخذنا دراسته الأكاديمية وخلفيته الاجتماعية النابعة من والديه الذين ينتميان لطرفي الصراع في المنطقة-المسيرية والدينكا.

عرفتُ قور لأوَّل مرة في مهرجان التعايش السلمي الذي نظمته مستشارية السلام بمنطقة أبيي. وكان أبو القاسم رأس الرمح فيه، وبعد ذلك بدأنا العمل معًا في مجال السلام الاجتماعي، حيث شجعني على ترك دراسة الماجستير بمعهد الدراسات الإنمائية بجامعة الخرطوم، والتسجيل بمركز دراسات السلام والتنمية بجامعة جوبا، وفعلًا نلتُ الماجستير والدكتوراه فيها وأسسنا سويًا مركز ثقافة السلام بجامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا من
أجل تعزيز فرص السلام الاجتماعي في السودان، وكان معهدًا رائدًا في مجال ثقافة السلام في البلاد.

وأثناء وجودي في رئاسة الجمهورية، لعب أبو القاسم دورًا محوريًا في ترسيخ السلام الاجتماعي في منطقته والسودان أجمع، حيث حاول جاهدًا ادخال الموسيقى والدراما في دراسات السلام وتطبيقها على الواقع، وأصبحت عنصرًا مهما في التدريس بالمعهد، حيث نال فيما بعد درجة الأستاذية لهذا الغرض.

ترك الراحل أبو القاسم إرثًا قويًا في مجال دراسات السلام الاجتماعي، بالرغم من أنه لم يُحقق حلمه بتحقيق الوحدة الاندماجية بين المسيرية والدينكا نقوك أو الانفصال الكامل الذي يُحقق الأمن والاستقرار بين الجارين العزيزين السودان والسودان الجنوبي.

إن التكريم الوحيد الذي يستحقه الراحل البروفيسور أبو القاسم قور حامد منا، هو العمل معًا على ترسيخ دعائم السلام والاستقرار في المنطقة.

الرحمة والمغفرة للراحل البروفيسور أبو القاسم حامد قور علي بقدر ما قدمه لوطنه وشعبه، والدوام لله وحده.

الدكتور ضيو مطوك ديينق وول
أستاذ مشارك بجامعة جوبا
ورئيس المركز الأفريقي لفض النزاعات وبناء السلام
جوبا، جنوب السودان

موقع المنبر
Logo