
تقرير : محمد جمال قندول
يزور رئيس مجلس الوزراء د. كامل إدريس على رأس وفد رفيع المستوى العاصمة السعودية الرياض للمرة الأولى منذ تعيينه رئيسًا للوزراء وفي ثاني جولاته الإقليمية.
يرافق إدريس في رحلته وزراء “الخارجية، والمالية، والزراعة، والطاقة، والإعلام، والصحة”، مع توقعات بأن تحقق الزيارة نجاحًا كبيرًا يكون لها ما بعدها.
الضغوط
زيارة رئيس مجلس الوزراء د. كامل ووفده الرفيع إلى المملكة العربية السعودية تأتي في لحظة فارقة، ليس فقط لكونها المحطة الثانية بعد القاهرة منذ توليه منصبه، بل لأنها تحمل في طياتها دلالاتٍ سياسية واستراتيجية بالغة الأهمية. فاختيار القاهرة ثم الرياض يعكس بوضوح ترتيب الأولويات في بوصلة الدبلوماسية السودانية، التي تعود إلى محيطها العربي والإقليمي كخيار استراتيجي لا بديل عنه في ظل الحرب وما تفرضه من تحدياتٍ داخلية وخارجية.
ومن المرتقب أن تتجاوز رحلة إدريس للمملكة العربية السعودية حدود اللقاءات البروتوكولية إلى بناء شراكات عملية متعددة الجوانب، تعزز صمود السودان وتدعم استقراره. فالمملكة بحجمها السياسي والاقتصادي تمثل بوابة أساسية لأي تحرك عربي أو دولي تجاه السودان، وهي شريك تقليدي لا غنى عنه في ملفات الدعم الاقتصادي، الاستثمارات، والطاقة، فضلًا عن كونها مركز ثقل في المعادلة الإقليمية.
الوفد الكبير والمتنوع المرافق لرئيس الوزراء يعكس إدراك الحكومة لطبيعة المرحلة وحاجتها لعلاقات متعددة المستويات، تشمل “الاقتصاد، الاستثمار، الصحة، التعليم، الثقافة، والدفاع”. وهذا التنوع يرسل إشارة إلى أن السودان يذهب إلى الرياض ليس فقط لطلب الدعم المباشر، وإنما لتأسيس تعاون شامل يعيد بناء القدرات السودانية ويفتح مسارات للتكامل العربي.
ويرى مراقبون أن الأولويات التي ينتظر أن يستعرضها رئيس الوزراء في محطته الخارجية الثانية تتمثل في محاور عديدة.
الاقتصاد والاستثمار واستقطاب دعم عاجل يُسهم في مواجهة الضغوط الاقتصادية الناتجة عن الحرب، مع فتح الباب أمام الاستثمارات السعودية في البنى التحتية، والزراعة، والطاقة، وكذلك هناك بعدٌ آخر وهو السياسة والدبلوماسية بتثبيت الموقف السعودي الداعم لوحدة السودان واستقراره، بما يوازن التحركات الإقليمية والدولية الأخرى، ويمنع محاولات عزل السودان أو الضغط عليه في الملفات الإقليمية، وكذلك إعادة البناء والشراكة الاستراتيجية: وضع أسس لتعاون طويل المدى يضمن للسودان الاستفادة من خبرات المملكة وتجاربها في التنمية والإصلاح المؤسسي، بما يعزز من قدراته في مرحلة ما بعد الحرب.
فيما يرى خبراء أن الرحلة المرتقبة لرئيس الوزراء ليست حدثًا عابرًا، بل خطوة استراتيجية بعيدة المدى في مسار إعادة التموضع السوداني في محيطه العربي، ومحكّ لقدرة حكومة د. كامل الانتقالية الجديدة على تحويل الانفتاح الخارجي إلى مكتسبات عملية يشعر بها الداخل السوداني.
رمزية
ويرى المحلل السياسي والكاتب الصحفي د. عبد الملك النعيم أن زيارة رئيس مجلس الوزراء الدكتور كامل الطيب إدريس للمملكة العربية السعودية المرتقبة تعتبر من الزيارات المهمة خارجيًا من حيث توقيت الزيارة والمكان، إذ أنها المحطة الثانية منذ تقلد الدكتور كامل لحقيبة مجلس الوزراء بعد زيارته لجمهورية مصر العربية، وتعتبر الأولى بعد أن اكتمل تشكيل الحكومة وعُقد الاجتماع الأول للجهاز التنفيذي بالخرطوم وفي كل ذلك دلالات رمزية مهمة.
ويشير النعيم إلى أن القاهرة التي زارها إدريس قبل رحلته المرتقبة للرياض، تبرز بوضوح دور دولتين شكلتا حضورًا في اللجنة الرباعية التي حُرم السودان من عضويتها، مما يؤكد أن الزيارة يجانب العلاقات الثنائية ودور الدولتين في مسيرة الإعمار بعد الحرب لهما ارتباطٌ مباشر بالجهود المبذولة لتعريف المجتمع الدولي بانتهاكات الميليشيا وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي ارتُكبت في حق المواطن السوداني وإقناع المجتمع الدولي بتصنيف الميليشيا كقوة إرهابية يجب معاقبتها.
ويواصل محدّثي: الرحلة قد تكون كذلك مرتبطة بمواجهة الإمارات بجرائمها ودعمها للميليـ. شيا عبر الوسيطين مصر والسعودية لما لهما من علاقات معها وإقناعها بالتوقف عن دعم الميليشيا بالسلاح والمرتزقة خاصة في تلك الظروف التي أصبحت الحرب فيها ضد المواطن تجويعًا وتشريدًا وضربًا لمعسكرات النزوح كما حدث ويحدث الآن في بعض مناطق كردفان وكل ولايات دارفور.