حوار| أديب: الجيش لا يمكنه الاستثمار في غير الصناعات الحربية «(2-3)»

الحقوقي والسياسي المستقل أ. نبيل أديب في حوار الساعة على ضيف المنبر (2-3)

وقف العدائيات واسترداد الفترة الانتقالية في اليوم التالي هما ذراعي إنهاء الحرب

تطرق الحوار في مقابلة برنامج ضيف المنبر مع الأستاذ نبيل أديب لجذور الأزمة السودانية والحلول في تجاوزها، وسبل إنهاء الحرب وجبر الضرر المعنوي والمادي للشعب السوداني ومؤسساته، إلى جانب العقبات التي لازمت الوثيقة الدستورية وتفعيلها، وصولا إلى الدستور الدائم وآلية صياغته، وأهم بنود ميثاق القاهرة التي لم تتناولها الحلقة الأولى، واتفاقية جوبا ومصير حركات الكفاح المسلح وجيوشها، ومحاور شتى تطالعونها من خلال هذه المقابلة التي تعد الثانية من عمر ثلاث حلقات سجلت، فإلى مضابط الحوار.

الفترة الانتقالية يفترض تؤدي لانتخابات حرة ونزيهة والدستور الدائم

لم نستثنى المؤتمر الوطني لأن وجود أطراف خارج الحوار سيعرقل التسوية السياسية

(25 أكتوبر) استندت للوثيقة الدستورية وكذلك تعديل قانون المخابرات الأخير

حاورته في ضيف المنبر: د. عفراء فتح الرحمن

الدعم السريع كٌون لإفشال إدارة التنوع بقهر المجتمعات المختلفة

* أستاذ نبيل أيضًا من أهداف وثيقة القاهرة تسوية الأزمة السياسية وإنهاء الحرب، وإرساء دعائم السلام، كلمة تسوية هذه ربما تفضي إلى التفاوض وإلى الحوار غير منبر جدة، لأن منبر جدة متعلق بالقضايا الإنسانية وليس بحلول جذور أزمة الحرب حتى من الناحية العسكرية؟

– نحن نعتقد أن هناك ذراعين لإنهاء الحرب، الأول هو العسكري وهو لا ينهي الحرب ولكن يوقفها، يوقف العدائيات، والذراع السياسي وهو الاتفاق على اليوم التالي: غدًا وقفت الحرب، ماذا نحن فاعلون، المسألة المطروحة في الميثاق هي عملية استرداد الفترة الانتقالية والعودة لتلك المرحلة تأسيسا لنظام دستوري مستدام.

جيوش الحركات لم تهبط من السماء وكانت جزء من النضال ضد البشير

* إذا أيضا من النقاط التي تحدثت عنها الوثيقة أن الفترة الانتقالية يحدد زمنها من قبل المؤتمر (السوداني السوداني) الا أن هنالك فقرة، “ضمان تحقق الأمن والاستقرار اللازم للتحول للحكم المدني الديمقراطي” لا بد أن يتحقق هذه الشرط مما يشي بطول الفترة التي سيصبح فيها السودان تحت طائلة الحكم المدني الديمقراطي؟

– هو لا يمكن للفترة الانتقالية أن تكون قصيرة ولا طويلة، يجب أن تكون على قدر المهام الموكولة لها، الفترة الانتقالية يفترض أنها تؤدي لحاجتين أساسيتين، الأولى: انتخابات حرة ونزيهة. الثانية: مؤتمر دستوري يضع الدستور الدائم، حتى ننجح في ذلك هناك أشياء لا بد من أن تنجز، أولاً: الإصلاح القانوني، لأن الحريات العامة لا تأتي في ظل المنظومة القانونية التي تركتها لنا الإنقاذ ونحن لم نفعل فيها شيء، فمحتاجين نعدل القوانين أولهم قانون الإجراءات الجائية، ولدي كتب مكتوبة في هذا الموضوع (تعديل قانون الإجراءات الجنائية، قانون الإجراءات السابقة للمحاكمة، القضايا الدستورية).

لو سرى اتفاق حمدوك برهان في 21 نوفمبر كنا عدلنا الوثيقة الدستورية

* والمواد الفضفاضة التي تستخدم ضد السياسيين باستمرار؟

– نعم، بالضبط لأنه إذا لم يتم إصلاح القوانيين ما حتكون في حريات عامة، والسلطة الانتقالية بتستخدم القانون لمسائل سياسية تخصها هي، فنحن نسعى لنظام انتقالي يؤسس لحريات ديمقراطية، لذلك لا بد من وجود إصلاح قانوني، وإصلاح اقتصادي، والإصلاح أصلًا كان مطلوب من قبل الحرب، لأن الاقتصاد السوداني كان تعبان، الآن أصبح ضرورة حتمية، الناس ما شغالة الآن، المصانع اتكسرت والطرق، وتحتاج لعمل كبير جدًا، بعد كل هذا إنتِ دايرة إعادة السودان للمجتمع الدولي بشكل مقبول، كل هذا ما ممكن نجي نقول في شهر أو شهرين ولا ثلاثة، وما نستعجل للانتخابات العامة، لأن الانتخابات إذا لم تكن مؤسسة على صوت مدرك بتكون ما عندها قيمة.

* لكن كلمة تحقق الأمن والاستقرار اللازم للتحول المدني الديمقراطي يشي ببقاء السودان ضمن الحكم العسكري حتى تحقيق السلام والاستقرار وهذا الأمر قد يطول لعقود؟

– لا، لماذا؟، لماذا، لأن الأمان ما بيحققو الحكم العسكري، بيحققو الحكم المدني.

نبيل أديب وعفراء فتح الرحمن

القانوني أ. نبيل أديب والإعلامية د. عفراء فتح الرحمن خاص [المنبر24]

* هو نص المادة هكذا، الحكم المدني يتحقق بعد الوصول إلى الاستقرار التام والسلام؟

– نعم، ولكن الأمن والأمان طالما في حرب شغالة ما ممكن تشتغل سياسة أصلًا، لمن تقيف الحرب، اليوم التالي لازم نعمل سلطة مدنية تؤسس للنظام الآمن، لأن أمن الناس شيء أساسي.

* اليوم التالي لإيقاف الحرب؟

– نعم، طوالي، أصلًا الحرب ما حتقيف إلا إذا اتفق السودانيون على التأسيس للفترة الانتقالية، ما هي اليوم جزء من إيقاف الحرب، يعني أنا ما عندي سكين أنزلها والحرب تقيف، أنا عندي مشروع سياسي متكامل مجمع عليه، بخلي القوى المتحاربة ما عندها موضوع تستمر في الحرب، لكن إذا لم أصل لهذا التأسيس،.. اليوم مثلا حميدتي ما بيقول أنا جاي عشان أبقى رئيسكم.

* ديمقراطية ودولة 56؟

– نعم يتكلم فقط، يطرح أطروحات، عندما نصل لاتفاق في هذا الصدد ما بيكون عنده طرح.

* نعم يا أستاذ نبيل ولكن الجانب الآخر، وأنتم قوى متقاربة من حيث الأفكار والمشاريع السياسية ائتلفتم على هذا الأمر، هنالك تيارات أخرى بعيدة مثلًا: تقدم، اليسار القديم الجذريين، الحزب الشيوعي السوداني.. الخ، هذه الوثيقة لم أجد فيها آلية للتحدث مع الأطراف الأخرى ودعوتها إلى التوقيع أو حتى إلى تعديل بعض البنود من أجل الاتفاق الجمعي؟

– الطرح الرئيسي هو الحوار، والحوار مدعوين فيه جميعًا، ما هم ناسنا في الأساس، الحرية والتغيير دي ما جاتنا من عدم، نحن كنا فيها ونحن من أقمناها، فعندما نتحدث عن الحوار مدعوين فيه كل الناس، ونحن حتى المؤتمر الوطني لم نستثنيه، ليس لأنه لديه أطروحات لها أهمية، لأن إبقاء أي شخص – ليس أي مجموعة، أي أفكار – خارج مجموعة التأسيس يؤدي إلى عرقلة الوصول للتسوية السياسية.

* لكن في ذات الإطار سيد نبيل أديب موضوع المؤتمر الوطني، يعد أيَضًا من الأفكار المرفوضة من قبل المجموعات الأخرى، اليسار القديم، إذا كان “الحزب الشيوعي والجذريين”، واليسار الجديد “تقدم” أغني هذه من الأشياء التي تباعد الشقة بينكم وبينهم؟

– نحن لا ندعو لأن يشارك المؤتمر الوطني في السلطة الانتقالية، نحن ندعو لسلطة مدنية مكونة من مهنيين ومستقلين سياسيًا، إذا المسألة ليس فيها نزاع في الأطروحات السياسية، هو الحوار في أنه كيف نؤسس للعودة للوثيقة الدستورية، والوثيقة الحاكمة هي الوثيقة الدستورية.

* أنتم تتحدثون عن أن الوثيقة الحاكمة لهذه الفترة الانتقالية هي الوثيقة الدستورية؟

– نعم.

* طيب الوثيقة الدستورية هذه الكتلة خارجها؟

– أي كتلة؟

* الكتلة الديمقراطية تعد من المؤازرين لـ25 أكتوبر؟

– الخامس والعشرين من أكتوبر نفسها تستند للوثيقة الدستورية.

* كيف تستند؟

– الآن التعديل الأخير الذي انتقدناه في توقيع الميثاق يستند لها.

مجلس الحكماء آلية توافقية يٌشكل من الحوار وهو البديل للمجلس التشريعي

* تعني قانون المخابرات؟

– نعم يستند للوثيقة الدستورية، قرار القائد العام في 25 أكتوبر هو تجميد بعض المواد في الوثيقة الدستورية، ولكنه لم يخرج عنها، أنا برأيي هذا غير صحيح ولا أقول يمكنه التجميد، لكن أقول الوثيقة بها مواد محتاجة لتعديل، لو كان اتفاق (حمدوك برهان) في 21 نوفمبر سرى، كنا عدلنا الوثيقة الدستورية وذهبنا للأمام، ولم يسري الاتفاق لأسباب خارجة عن موضوعنا الآن، ولكن أنا أتحدث عن أنه أين هي السلطة التأسيسية التي تضع الدستور، لأن الدستور تضعه سلطة تأسيسية، الثورة خلقت سلطة تأسيسية من جانبين الحرية والتغيير التي كانت تمثل الشعب الثائر وسلطة الأمر الواقع المتمثلة في المجلس العسكري الذي استولى فعليًا على السلطة.

جانب توقيع ميثاق القاهرة  8 مايو 2024 خاص المنبر 24

* أو ربما استجاب لرغبة الشارع؟

– نعم.

* طيب هم طرفين، إذا خرج طرف على الآخر كيف يعد ذلك مستندًا على الوثيقة الدستورية؟

– أستاذة عفراء، السلطة التأسيسية ينتهي واجبها بإصدار الدستور، لم تعد هناك سلطة تأسيسية أصلية بعد صدور الدستور والتوقيع عليه في 17/8، أصبحت هناك سلطة تأسيسية فرعية فقط، وهي سلطة التعديل/تعديل الوثيقة الدستورية، هذه السلطة الفرعية لم نفعلها وهي موجودة في المادة 78 من الوثيقة الدستورية بتقول “المجلس التشريعي يعدل أو يلغي هذه الوثيقة بأغلبية الثلثين” هذه هي السلطة التأسيسية التي نعنيها.

* ولم يوجد برلمان؟

– نعم لم تفعل، يبقى الآن واجبنا أن نفعل البرلمان الذي يمكن يفعل جانب السلطة التأسيسية الفرعية لتعديل الوثيقة الدستورية، بحيث أننا نكمل هياكل السلطة من مجلس وزراء ومجلس سيادة وغيره.

* أنت تفضلت أن 25 أكتوبر تركن أيضًا للوثيقة الدستورية، والوثيقة نفسها وضعت سقف زمني، وضعت أجهزة، وضعت طرفين، فكيف تسمح الوثيقة بانقلاب طرف على الآخر، أو تعديل مسار طرف على الآخر؟

– هي الوثيقة الدستورية لم تسمح بذلك.

* إذًا تم الخروج عنها.

– ما تم ليس جزء من الوثيقة الدستورية، ونحن بنقول العودة للوثيقة الدستورية مع تعديلها، ولا بد من إرجاعها لأنها الحاكمة للفترة الانتقالية، بانتهاء الحرب سنعود لها، ولكن الزمن تجاوز فيها أشياء معينة.

* طيب خلق الآليات هذه، آليات الحكم، وآليات اختيار رئيس الوزراء وتكوين السيادي، كيف هذه الأشياء موجودة لها بنود هنا على وثيقتكم وثيقة القاهرة ما دام ستعودون للوثيقة الدستورية؟

– الوثيقة الدستورية في أصلها تقول: “رئيس مجلس الوزراء الأول تختاره الحرية والتغيير” ويعينه مجلس السيادة بناء على الترشيح، ولكن إذا استقال أو سقط، سلطة الترشيح للبرلمان، وهذا هو ما سيتم، أن نتوافق على المجلس التشريعي ويتم بمقتضاه انتخاب رئيس الوزراء وتعيين مجلس الوزراء.

بنود ميثاق القاهرة غير ملزمة وهي اقتراحات مطروحة للجهات الأخرى للنقاش والتوافق

* حسب وثيقة القاهرة رئيس مجلس الوزراء، يتم هنالك مؤتمر الحوار (السوداني السوداني) يجتزئ من خلاله مجلس الحكماء وتكون من أحد عشر شخصًا لا ينافسون أبدًا في المناصب الدستورية، مؤتمر الحوار يرفع لهم أسماء ينقحونها إلى ثلاثة أسماء فقط ويرفعونها لمجلس السيادة.. هذا الأمر البعض يراه عودة مرة أخرى إلى أنكم حاضنة بديلة بدلًا عن الحرية والتغيير؟

– مجلس الحكماء يشكل من مؤتمر الحوار وهو البديل للمجلس التشريعي وهي آلية توافقية فقط بدلا من أن يتم انتخاب واحد ويزعل آخر، وهي مسألة توافقية كما أسلفت لا نحتكرها نحن ولا أي شخص غيرنا، بتكون موجودة من جميع الكتل.

* لكن الواقع يقول إنكم الموقعون الآن على وثيقة القاهرة، ولم ينضم آخر “يسار جديد أو قديم” ليكون جزءًا من الحوار أو لجنة الحكماء، بالتالي أنتم تشكلون الحاضنة للحكومة القادمة؟

– نحن لم نطرح هذا على مجلس السيادة، طرحنا ذلك على القوى السياسية والمجتمعية الأخرى، عندما توافق عليه هي التي تنتخب مجلس الحكماء وليس نحن، نحن بعض منها، لكن مجلس الحكماء يتشكل من القوى المكونة للمجتمع.

* إذًا أنتم تنتظرون التحاق آخرين للحوار؟

 – ننتظر الحوار، الالتحاق ليس مهم، الحوار سيصل لنتائج قد لا يقبل هذا الطرح الذي قدمناه في الحوار.

* تعني هذه بنود غير ملزمة، اقتراحات؟

– هي اقتراحات مطروحة للجهات الأخرى، وهذه الجهات عندما تتحدث يجب أن يكون لها رأيي ولا نمانع في حجر رأيها، الناس تتفق.

نحتاج للعسكريين لحماية الفترة الانتقالية والسيادي سلطته اعتمادية

* أيضًا تتحدثون عن تكوين مجلس السيادة من مدنيين وعسكريين، فأي شخص متوقع أن يقول (مرة أخرى؟، ثاني).. في حوار أجريته 2022م مع سعادة الفريق ياسر العطا، سألته عن: ما هي الأشياء التي أنتم نادمون عليها، قال “فكرة الشراكة مع المدنيين” كان يجب ألا تكون هذه الشراكة موجودة، وربما اختلاط المدنيين بالعسكريين وحتى فكرة تبادل رئاسة المجلس السيادي كانت واحدة من معيقات الانتقال، فلماذا يتم التكرار؟

– لأن العسكريين نحن نحتاجهم لحماية الفترة الانتقالية.

* لماذا لا يتم الفصل بين المساقات، السيادي للعسكريين، والوزراء للمدنيين؟

– السيادي للاثنين معًا، وفي الحقيقة السيادي ليس لديه سلطات تنفيذية، بل لديه سلطات اعتمادية، يعتمد فقط، وإذا رفض الاعتماد فيقع الاعتماد بحكم القانون بالرجوع للمجلس التشريعي والمجلس سيتجاوزه، فهم ممثلين للقوات المسلحة لحماية الفترة الانتقالية، وبعد نهايتها يبقى الحكم المدني خالص، والآن الحكم المدني خالص ولكنهم فقط موجودين في رأس الدولة كحماية، وهذا الأمر كان موجود في الانتفاضات السابقة.

البرهان وباشي وياسر العطا

البرهان وباشي وياسر العطا [أرشيفية]

* هنالك انتفاضات كانت مثل 1985م وجود العسكريين وتسليمها للمدنيين كما في عهد عبد الرحمن سوار الذهب مثلًا؟

– كان موجود المدنيين والعسكريين، وكان المجلس العسكري يملك السلطة التشريعية ومجلس وزراء يعنى بالسلطة التنفيذية.

* وكان يوجد انفصال بينهم الاثنين أليس كذلك؟

– نعم، ولكن في النهاية تم إجراء انتخابات عامة ومضت الأمور، والانتخابات التي تمت وقتها، تمت دون إصلاح قانوني كافي، لذلك دخلنا في الحلقة المفرقة وفي نهاية الأمر سقط النظام الديمقراطي، لذلك هذه مجرد أفكار مطروحة للحوار من سيقرر هم المتحاورون في مؤتمر الحوار السوداني السوداني.

لا نزاع مع الاتحاد الأفريقي وهو ليس جزء من الحوار كميسر لا نعترض عليه

* هل مؤتمر (الحوار السوداني السوداني) هو ما دعا له الاتحاد الأفريقي والجهود التي قام بها هنا وهناك، حتى في القاهرة أتى وفد من الاتحاد والتقى بالجميع بمن فيهم المؤتمر الوطني، هل هو امتداد لذات الفكرة أم هو افتراع آخر؟

– لا نزاع مع الاتحاد الأفريقي، وهو ليس جزء من الحوار ولكنه قد ييسر، ونحن كميسر لا اعتراض لنا فيه، ولن نقبل بالتدخل في الحوار، والحوار هو سوداني سوداني، ولم تقتصر الدعوة فقط من الاتحاد الأفريقي، أيضًا حكومة جنوب السودان، وتمت من الاتحاد الأوروبي، هناك عدد من الدعوات لحوار سوداني سوداني، نحن نؤمن بأن فصيل واحد أو كتلة واحدة لن تستطيع قيادة الفترة الانتقالية، لذلك أيدنا الحوار السوداني السوداني للوصول إلى محرك للفترة الانتقالية.

* أيضًا سيد نبيل إذا أردنا الحديث عن فكرة الحوار من الداخل، لا بد أن نعود مرة أخرى لتفاصيل هذه في المحور السياسي، يوجد ترحيب بجهود الدول الصديقة والشقيقة الداعمة للجهود الوطنية، هل يمكن ربط هذا المحور بفكرة التسوية، أعني بفكرة عواصم أرادت افتراع حوار ما بين الجيش السوداني ومليشيا الدعم السريع (المنامة)، وغير ذلك؟

– المقصو ليس جهة بعينها، المقصود دعوة المجتمع المدني للمساهمة في إنجاح الحوار المعني، ونحن حددنا موضوع بأن هذا سيتم إذا لم يكن هناك تدخل، تسهيل فقط، أما الذي يتدخل بأجندة فهذا يعرقل ولا يفيد.

لا مطالب لعرب دارفور يريدون تحقيقها بالحرب والدعم السريع لا يمثلهم

* أيضًا من مهام الفترة الانتقالية التي حددتها وثيقة القاهرة، في البند ثلاثة، عقد المؤتمر الدستوري وصياغة دستور دائم للبلاد وإجازته عبر استفتاء شعبي، أولًا ماهي آلية الاستفتاء الشعبي في هذه الظروف، عندما تتوقف الحرب والبعض نازح والآخر لاجئ والوثائق الثبوتية غير موجودة، فما هي آلية الاستفتاء على الدستور؟

– الدستور في الأول يصاغ، ومن بعده يأتي الاستفتاء، هذا القرار لم يكن قرار مؤتمر القاهرة، هذا قرار مؤتمر أسمرا للقضايا المصيرية عام 1994م، اتفق الناس في تلك الحقبة على أن الجمعية التأسيسية التي انتخبناها مرتان من قبل لم تفلح في عمل دستور دائم لأن الانتخابات ليست هي الوسيلة الصحيحة لصناعة الدستور، المؤتمر يسمح بالحوار ولكن هذا المؤتمر ما حيصدر دستور الآن، سيصدره آخر الفترة الانتقالية وربما بعد الانتخابات العامة.

* سيد نبيل أنت رجل قانوني ضليع، هل من مهام الفترة الانتقالية صياغة دستور دائم؟

– نعم، موجود كده في الوثيقة الدستورية، صناعة دستور دائم خلال الفترة الانتقالية.

* لأن مفهومنا العادي لغير المتخصصين إن الفترة الانتقالية هي كأنها أمانة ترد إلى الشخص الذي لديه شرعية انتخابية عبير الصندوق، وليس مثلًا البت في قضايا مصيرية للبلاد من ضمنها الدستور الدائم؟

– لن تبت في ذلك السلطة، من سيبت في ذلك هو مؤتمر دستوري يضم تمثيل شامل للبلاد، مدعوم بمفوضية دستورية تمده بالدراسات وقد لا ينتهي في الفترة الانتقالية، الدستور الكيني أخذ 20 سنة لنقاشه والوصول لدستور دائم، فقد لا يتم، أعني ما حنعاين للساعة، ننظر للمسألة، نحن كنا في المؤتمر اقترحنا أشياء منها: التوصل لاتفاق حول المبادئ فوق الدستورية وهي اتفاق الناس على الكشف من المواد التي لا يجوز للدستور تبنيها، وكشف من المبادئ التي يجب أن يتضمنها الدستور، وهذا يخفف حدة الصراع، ونقلنا هذا الكلام من تجربة الكوميسا في جنوب أفريقيا، وجنوب أفريقيا فعلت هكذا وصلت لمجموعة مبادئ يجب أن يتضمنها الدستور ومجموعة لا يجوز أن يتضمنها الدستور، وكان الحكم فيها المحكمة الدستورية، مشاريع الدستور ذهبت للمحكمة الدستورية لتنظر فيه وتبين المبادئ الناقصة، بعدها يحصل استفتاء وفي الواقع الأمر يمكن أن تكون هنالك خلافات ولكن ليس خلافات حادة، الخلافات الحادة هي في المبادئ فوق الدستورية وتتمثل أن تكون لديك الرغبة في أكل حقوق الناس وهضم حقوق الأقليات/ وهكذا.

حركات الكفاح يجب عليهم طواعية الدمج ولا حاجة لقوات تتبع لإثنية أو مجموعة

* توقفنا كثيرًا في الجزء الأول من هذه الحلقة عن موضوع الحوار السوداني السوداني، وتسائلنا حول إمكانية التقاء جميع القوى السياسية السودانية حول منضدة واحدة للحوار.. ما تم في مؤتمر باريس من التقاء جميع المكونات السودانية ورغم أنك صرحت بأن “الجماعة ديل ما اتفقوا” لكن مجرد اللقاء أليس بذرة لأمل تلاقي مجدي مستقبلًا؟

– أعتقد ذلك، وأنا التقيت بشخصيات لم أراهم مدة طويلة فهذا أمر جيد، ولكن كان ذلك في غضون نصف يوم وغير كافي للناس، وحتى لم يكن هناك منتدى حوار كبير، تقسم الناس إلى مجموعات وهناك من لم يناقش في مواضيع معينة لأن النقاش كان بطريقة المجموعات، فهو كان أشبه بجمع الناس فقط، زي ما في العرس (قولة خير) يعني ما حاجة أساسية، هذه المسألة كانت كويسة وتلاها اجتماع في مونترو في سويسرا، وأيضًا ضم مجموعات من الحرية والتغيير بقسميها والجذريين وغيرهم، وبعدها فنلندا، هذه الاجتماعات هي جزء من الحوار المطلوب لكنها ستأخذ وقتًا لتحقق النتاج ونحن لا نملك الوقت الكافي، فلذلك لا بد من تكثيفها بشكل يمكن في الوصول إلى قرارات تضم الجميع.

حركات الكفاح المسلح

جانب من حركات الكفاح المسلح [أرشيفية]

* أيضًا وثيقة القاهرة ضمن بنودها معالجة أسباب الحرب، ما هي أسباب الحرب برأيك؟

– السودان استقل وهو في حرب أهلية، الحرب الأهلية بدأت في توريت في أغسطس 1955م، والسودان استقل في 1 يناير 1956م، ولم تنقطع الحرب الا في فترة أديس، وأسباب الحرب الأهلية في السودان هي الفشل في إدارة التنوع، الحرب الأخيرة هذه تدخل في جهتين وهي نمرة واحد: الدعم السريع تم تكوينه ليلعب دور في الفشل في إدارة التنوع ليقهر المجتمعات المختلفة، ولكن هذه الحرب بدأت كانقلاب عسكري وتطورت، والمسألة الآن أصبحت مختلطة من حيث أنه يوجد تنوع دون مطالب تسند هذا التنوع، أي لا توجد مطالب لعرب دارفور يريدون تحقيقها بهذه الحرب والدعم السريع لا يمثل عرب دارفور ولا هذه الحرب أهلية بالمعنى المفهوم، فهي مجرد انقلاب عسكري تطاول لأن التركيبة العسكرية التي تركها نظام البشير فيها هذه التناقضات.

* عبد الواحد نور كان لديه مقولة وهي: جذور الأزمة السودانية، وأيضًا هنالك الكتاب الأسود الذي يتحدث عن فكرة الحكم والسلطة والثروة وتنوعها بشكل عادل في السودان، أعتقد أن هنالك العديد من المشكلات التي أصبحت هذه الحرب واحدة من تمظهراتها، حتى الأزمة السياسية السودانية الأخيرة واحتقانها وسد الأفق السياسي تمامًا واحدة من التمظهرات، فعندما تقولون في هذه الوثيقة (حل أسباب هذه الحرب) هل سيتم مناقشة كل هذه الجراحات المحتقنة في مائدة الحوار السوداني السوداني؟

– المقصود هو حل إدارة التنوع، بمعنى قبول الآخر والجيش الواحد، هذين المحورين، ووجود أكثر من قوات مسلحة هي خميرة لحرب لازمة، فوق هذا إدارة التنوع بشكل يخلق انسجام بين المكونات المختلفة للشعب السوداني يقضي على جذور أي حرب ممكن أن تندلع.

* سيد نبيل، بشكل صريح، هل تعتقد أن قادة الكفاح المسلح، طواعية سيقومون بدمج جيوشهم في القوات المسلحة، لأنها الآن تشكل لهم ثقلًا حقيقيًا بالإضافة إلى المحاصصة السياسية وجود قوات على الأرض تضيف نوع من القوة؟

– في اعتقادي يجب عليهم طواعية الدخول في الحل وإعادة الدمج، لماذا؟، لأنه لم تعد لديهم قضية يمثلونها، يمكن الآن الحرب بتمنح شوية مجال لمواقف مستقلة لكن بعد اتفاقية السلام، وبعد الطرح الدستوري الذي يوفر إدارة التنوع بشكل مقبول لن تكون هنالك حاجة لقوات تابعة لأي اثنية أو أي مجموعة، لذلك من مصلحتهم أنهم يدمجوا في القوات المسلحة السودانية.

مالك عقار

مالك عقار نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي [أرشيفية]

* نعم، في لقائي مع الأستاذ كمال كرار من الحزب الشيوعي السوداني كان يتحدث عن أن جميع هذه الحركات المسلحة هي عبارة عن ملايش مسلحة بالنسبة لهم، الآن هذه الحركات التي كانت حركات مطلبية ووجودها الجغرافي محدود في أماكن مطالبها، الآن أصبحت متمددة شرقًا وشمالًا.. الخ، ضرورة هذه الحرية لهذه الجيوش المتعددة، حتى في هذا الظرف، ألا يمكن تحديد مسارات هذه الجيوش استفادة من الدرس السابق الذي قامت به مليشيا الدعم السريع؟

– في الأول هذه الجيوش لم تهبط من السماء، ولم تنمو مع الأشجار، هي موجودة وكانت جزء من الكفاح المسلح ضد نظام البشير، نحن لا نستطيع أن نقفز على المقدمات إلى نتائج وهيمة، أصلًا كانت هنالك مجموعتين كبيرتين، وهما: نداء السودان، والثانية التجمع، هذين المجموعتين كان فيهم حركات الكفاح المسلح، نداء السودان نتج عنه أكبر محاكمة في تاريخ العمل السياسي السوداني، محاكمة المرحومين (فاروق أبو عيسى وأمين مكي مدني) وكان السبب توقيعهم على اتفاق نداء السودان مع حركات الكفاح المسلح هذه نفسها، بما فيهم عبدالواحد محمد نور، وهؤلاء كانوا جزء من الصراع والنضال ضد نظام البشير، الآن ما حدث في الفترة الانتقالية أحدث لخبطة، هم يمثلون مجموعة ثقافية معينة وإثنية وهكذا، ولم تعد هذه المجموعة الآن في حاجة لحمل السلاح، إذا استمروا حيكونوا خارج التاريخ، لكن فيما أعرفه عنهم كأشخاص على علم تام بواجباتهم.

* بضرورة التحول من حركة كفاح مسلح إلى حزب سياسي؟

– نعم، ضرورة التحول إلى حزب سياسي.

الجيش لا يمكنه الاستثمار مستقلًا عن الدولة غير الصناعات الحربية

* أيضًا من النقاط التي شملتها وثيقة القاهرة ولاية وزارة المالية على المال العام، بما في ذلك مال الجيش أو القوات المسلحة عدا (منظومة الصناعات الدفاعية) البعض يرى أن هذا البند فيه عموميات تتيح للجيش الخروج بأمواله لأن معظم استثمارات الجيش في الصناعات الدفاعية، البعض يراه تحايل؟.

– أصل المسألة لماذا ولاية المالية؟، المالية سمحة يعني ولا في شنو، الولاية المالية هذه تعد أساس الديمقراطية، ولاية الحكومة على المال العام وليس وزارة المالية، فلنتسائل ما المبدأ الذي أتى بالبرلمان (no taxation without representation)، هذا هو المبدأ الذي طرحته الثورة الإنجليزية الأولى، أنه لأجل أن تأخذ منا نقود (ضريبة) نكون ممثلين فيها، نحن في البرلمان الذين نقرر الضريبة، فهذا يدلل أن هذه المسألة أساسية في الديمقراطية، فالجيش كقوات مسلحة ليس لديهم استثمارات لأنها حكر على الأفراد والدولة، ولا يمكن أن يكون للجيش استثمارات مستقلة عن الدولة، هناك مسائل متعلقة بالصناعات الدفاعية لذلك تطرقنا للصناعات الحربية ولأن الجيش هو الذي يحدد احتياجاته، في أمريكا مثلًا ليس للجيش استثمارات ولكنه يشتري وينتج مع الشركات المصنعة ما يحتاجه، نحن في السودان ليس لدينا الرأسمالية هذه، فالآن الجيش السوداني لديه صناعات متعلقة بالصناعات الحربية هو يعرف احتياجاته فيها فتستمر ولكن هذا لا يعني استثمار مستقل عن الدولة.

* كيف؟

– مثلًا شركة زادنا، تعمل في مجال الغلال وغيره، هذا لا يجوز ولا هو عمل الجيش، فهذا يذهب للمالية، أما الجانب الذي يخص الدبابات والأسلحة وغيره من الصناعات في مجاله تبقى هذه مسألة مفهومة.

* من البنود التي شملتها الوثيقة بما معنى إصلاح المؤسسة العسكرية لنفسها من خلال جيش واحد فيه تعدد إثني ووجود لجميع الأقاليم وفيه عدم انتماء سياسي لحزب معين، وعدم التدخل في الحياة السياسية، فقط الالتزام بالدستور في حماية الدولة وأراضيها ووحدتها وسيادتها.. الخ، أنت كقانوني وأعرف مننا جميعًا، إصلاح المؤسسة العسكرية في التجارب الأخرى هل يتم بواسطة المؤسسة الجيش نفسه أم بواسطة رئاسة مجلس الوزراء؟

– بواسطة الجيش، شوفي، خلينا نخت الكلام في سياقه، الانقلاب العسكري هو شنو؟، هو ليس تدخل الجيش في السياسة، بل هو تدخل السياسيين في الجيش، عندما تنظري للانقلابات العسكرية – منذ عبدالله خليل – العسكر ليس لديهم مشروع سياسي، هم بيقاتلوا، حتى العسكري لوحدي لو جلس يفكر في مشروع سياسي بيكون خرج من العسكرية، فيبقى الانقلاب العسكري يحدث بالانقلاب على النظام العسكري أولًا، على الجيش، بتجي مجموعة من الضباط تستولى على القيادة، فهذا يعني قبل الانقلاب على الدولة الانقلاب على الجيش أو الاستيلاء عليه، وبعدها تأتي الدولة، فإذا الانقلاب العسكري هو مشروع سياسي وليس مشروع عسكري، والإصلاح العسكري هو مشروع عسكري، فأي شيء يتعلق بالسياسة هو مسألة مدنية، حتى إعلان الحرب، ونستون جيرجر كان بيقول “إعلان الحرب مسألة عامة لا يمكن أن تترك للعسكريين” فهي مسألة مدنية لأنها تتعلق بعلاقة الدولة مع الدول الأخرى، لكن التسليح والتنظير ونظام القيادة ومواقع القوات هذه مسائل عسكرية نحن لا نفهم فيها، فهذا هو المقصود من إصلاح الجيش، التفرغ للعمل العسكري فقط، والمسألة السياسية محسومة، لا يجوز للقوات المسلحة الضباط والجنود الانضمام للأحزاب السياسية ولا حتى العمل معها.

البشير

الرئيس المعزول عمر البشير [أرشيفية]

* طيب يا أستاذ نبيل، إذا أنتم وضعتم البنود للجيش أن يتم الإصلاح عن طريقهم، وجود جميع أبناء السودان في المؤسسة العسكرية، عدم التسيس، الاهتمام بالأمور الدستورية في حماية السودان ووحدته وأراضيه، عدم الاستثمارات ما عدا الأسلحة وكزا، من هو الرقيب على ان الإصلاح سيتم بالفعل.

– نحن لا نريد محصصات جغرافية بقدر ما نريد عدم وجود إقصاء، سياسة التجنيد ستكون تحت الرقابة، ولا يمكن لنظام ديمقراطي أن تعملي شيء في الظلام، طالما في نظام ديمقراطي والمعلومات متاحة والناس بتنتقد ببقى سياسة التجنيد ستكون موضع مراجعة من الجمهور، سياسة الحل والدمج وكل السياسات العسكرية بتكون محل رقابة من الناس، المسألة هي ما يتم في الظلام، لذلك حينما تحدثنا مرارًا لتكوين المجلس التشريعي، بيقولوا “هو المجلس التشريعي ما معين.. خلاص نحن نعمل القوانيين” لا، لأن الرقابة الشعبية معدومة، المجلس التشريعي لديه القراءة الأولى والثانية والناس تتعرف على القانون المقبل عليهم وتقدم نقدها فيه وتسهم في إصلاحه، فدائمًا الديمقراطية تعتمد على المعرفة، على أنك تكوني على دراية بشؤون السياسات الخاصة بحكومتك.

* سيد نبيل أنا مؤمنة بفكرة التنوع جدًا، وحتى دراستي في الدكتوراه كانت عن التنوع الثقافي في السودان، لكن هنالك سؤال بديهي، الآن بعد توقيع اتفاق سلام جوبا وتقلد وزارات مهمة جدًا لحركات الكفاح المسلح، السؤال الذي يطرح نفسه منذ تقلدهم وحتى الآن الإنسان في المنطقة لم يستفد شيء، فحكاية المحصصات هذه ما هي جدواها على أرض الواقع، أنا لا أتحدث عن احتكار ولكن تنزل هذه السلطات إلى الإنسان البسيط ليستفيد منها؟

– الاتفاقية فعلًا نتج عنها تعينات مختلفة، ولكن لم يتم تقبل النظام الديمقراطي في الفترة الانتقالية بالشكل المطلوب، لم يكون البرلمان وتم رفد القضاة، ولا حتى تكوين المفوضيات، فهو مجرد تعيين قيادات الكفاح المسلح في السلطة ولم يغير شيء، ولن يغير شيء، الذي يغير هو تحريك النظام الديمقراطي، لأنهم هم أنفسهم حيكونوا موضوع رقابة.

* أو تنزيل الثروات والسلطات إلى الإنسان البسيط على الأرض؟

– هو النظام الديمقراطي الذي يحقق ذلك، فلا أستطيع نقد شخص بلا وسيلة نقد أو حديث ونقاش، لذلك ما تم هو إن اتفاقية جوبا للسلام لم تأت كل أكلها لأن النظام كان فيه شتارات كثيرة، وأساسًا أختصر فيما يسمى بمجلس شركاء الفترة الانتقالية وهم قلة لا يتجاوزون العشرين شخص معينين بيعملوا حاجاتهم وقوانينهم في غرف مغلقة ومافي زول عارف حاجة، الديمقراطية هي العمل في الشمس المشرقة، إذا كان أنا ما شايف – المعلومات المبذولة – القرار وآلياته واتعمل ليه وسببه شنو فحأكون خارج الصورة، فهذا هو السبب؟

الأضرار المعنوية للحرب لا يمكن جبرها ولابد من الإقرار بمبدأ التعويض والمحاسبة

* كذلك من البنود المهمة معالجة أوضاع المتضررين من الحرب، ولا أعتقد ان هناك سوداني لم يتضرر بشكل مباشر ماديًا او معنويًا أو حتى في الأرواح والأعراض، فهذا البند أيضًا أعتقد أنه يحتاج إلى تفصيلات، أعني هنالك حقين عام وخاص، وخلال الحروب الطويلة التي خاضها السودان لم يراعى للحق الخاص؟

– هذه المسألة قانونية ومعقدة، المسؤولية أولًا على الدولة لأنها معنية بتوفير الأمن والأمان وإذا لم تفعل ذلك هي مسؤول عن التعويض، ومسؤوليتها في التعويض يمنحها الحق في استرداد الأضرار من مسبب الضرر، هذه المسالة ستكون من أهم الموضوعات في اتفاقية السلام، كيف نعوض الناس فيما تم من ضرر، يعني في ناس تكسرت منازلهم، لا بد من جهة ما تعوضهم، فالأسس العامة للتعويض موجودة ولكن التفاصيل لا بد من الاتفاق عليها، وأنا أعتقد من المهم جدًا الدول المانحة، فهم سيقومون بذلك ليس تفضلًا.

* لكن من هي الدول المانحة حاليًا، كمؤتمر باريس الذي عقد مؤخرًا مثلًا؟

 – مؤتمر باريس واحد من الدول المانحة.

* لكن لم يستدعي الدولة أصلًا، إذا لم يعطي الأموال للدولة لكي تصرفها على المتضررين؟

– نعم، والآن في ظل الحرب وانشغال الدول بمصالحها لا يمكن ذلك، مؤتمر باريس قرر كزا مليار ولكن لم يقرر كيفية المنح ومن أي قناة، وما الذي سيحدث، فلا بد من وجود اتفاق مع الدولة طبعًا السودانية وتسلمها الفنط لصرفه بالشكل المناسب، فهذا بعد الحرب أفتكر سيتوفر، ولازم.

حمدوك في هامش مؤتمر باريس

حمدوك في هامش مؤتمر باريس [أرشيفية]

* الحق الخاص، هل ستتم مراعاته في هذه الحرب السودانية؟

– لا بد.

* من ناحية واقعية ونظرية هل يمكن أن تنال أي امرأة مغتصبة أقيمت هذه الحرب على جسدها، حقها، هل يمكن لأبناء كثيرين أنجبوا بشكل غير شرعي من خلال الاستعباد الجنسي، أن ينالوا حقوقهم، أنا أعتقد هذه من أقسى أنواع الضرر، كيف يتم جبر هذا الضرر؟

– هذه لا يمكن جبرها، ولا بد من التعويض، لكن ما حدث في النفسيات وغيرها مسألة طويلة وتطلب معالجات كثيرة، والمهم هو الإقرار بالمبدأ، مبدأ التعويض ومبدأ المحاسبة.

* لكن يا سيد نبيل الدولة خارجة من حرب، لا أعتقد لديها الأموال الكافية لجبر الأضرار المادية، أما الأضرار المعنوية هذه لا يمكن جبرها، والدولة أنت تحدثت هي نفسها مسؤول عن حماية المواطنين ولكنها تأخذ المسؤولية من الجاني أو المغتصب وهي مليشيا الدعم السريع، وهل هذه تغطي ام لا تعطي، فالحكاية لا يبدوا أن لها قرار؟

– لا، نحن لا يجب أن نجلس ونقول هكذا، نحن نصر على حق التعويض، وأن تكون هذه جزء من اتفاقية إنهاء الحرب، والمسؤولية عنها يجب أن تتم بشكل واضح، لوجود الأضرار المعنوية التي أشرت لها أنت، وهناك أضرار مادية، هناك مصانع تدمرت، هذه المصانع إذا لم يتم تعويض أصحابها ليس لأنهم تضرروا، بل نحن الذين تضررنا لأننا نحتاج لمصانع لكي تعمل وتبني الاقتصاد.

* هذا فيما يتعلق بالاقتصاد وإعادة الإعمار؟

– نعم، وأيضًا في مسائل أكثر خصوصية من ذلك البيوت وغيرها، المسألة ليست سهلة.

* ربما زمن الحلقة الثانية أزف ولكن هنالك نقاط لا بد أن نطرق لها سريعًا، موضوع قانون الجنسية ومراجعة الأشخاص الذين منحت لهم، أعتقد هذا أيضًا من الموضوعات المعقدة، لأن السودان محاط بالعديد من القبائل الحدودية التي يوجد نصفها هنا ونصفها الآخر في تشاد مثلًا، وكذلك بين ارتريا والسودان، هذه التعقيدات كيف يمكن حلها، بالإضافة إلى الجوازات التي منحت لجنسيات عربية في عهد نظام البشير؟

– طبعًا الجنسية غير مبنية على الإثنية، هي مبينة على الولادة في الإقليم والبقاء فيه، إذا وجد شخص من إثنية معينة موجودة في السودان وتشاد وهو مولود وعاش في تشاد لا يحق له أخذ، يجب أن تحل المسائل على هذا الأساس، وأيضًا هي مسألة معقدة.

* هذا بالمقايسة يعني سودانيي المهجر، الذي يولدون في عواصم عربية وأوربية، ليس لديهم حق في الجنسية؟

– طالما أنهم مولودين من سودانيين يكون لهم الحق في الجنسية، أما الإثنيات المتداخلة التي أتحدث عنهم ما مولودين من سودانيين، الجنسية تمنح بالولادة من الأبوين أو حتى بالأم فقط، والجنسية نفسها في النهاية هي اختيار يعني لا أفرض حنسيتي على شخص وفي نفس الوقت لا أحد يفرض علي أديه الجنسية.

* أيضًا من النقاط المهمة التي نتطرق إليها سريعًا، السلطة التنفيذية تتشكل دون محصصات حزبية هذه نقطة، وإنما تتكون من كفاءات سياسية، كيف تكون سياسية وغير حزبية والسياسة دائمًا مرتبطة بالأحزاب.

– كفاءات مهنية.

* مهنية وسياسية، كيف كفاءة سياسية وليست حزبية، لأن السياسة انتماء لحزب في النهاية؟

– ليس بالضرورة، مهنية وسياسية بمعنى العمل الحكومي، شخص له خبرته في العمل الحكومي، والعمل الحكومي يحتاج لفهم في السياسة، تكنوقراط ولهم فهم للمسائل السياسية بشكل عام وليس السياسة الحزبية، السياسة العامة.

* في نفس الوقت الموقعون على سلام اتفاق جوبا موجودين داخل الحكومة، هذا الأمر ألا يجعل الكفة مختلة، أشخاص لا ينتمون إلى أحزاب وآخرين أصحاب دربة سياسية وكل شيء؟

– لدينا اتفاقية ماذا سنفعل فيها؟

* أنا أتحدث عن توازن الكفة؟

– اتفاقية جوبا خلقت خلل في هذه النقطة، حتى على مستوى الوثيقة الدستورية التي فرضت أن الذين تقلدوا مناصب دستورية لا يترشحا في الانتخابات استثنوا منهم مجموعة اتفاق جوبا بشرط انهم يستقيلوا من الحكومة قبل ستة أشهر من الانتخابات، فستحدث معالجات كهذه، لا يوجد يونيفورم يطبق على الجميع، لا بد من وجود استثناءات.

يتتبع الحلقة الثالثة
أعده للنشر محمد آدم بركة

موقع المنبر
Logo