متابعات – المنبر 24
وصف عمر الدقير القيادي بتنسيقية “تقدم” في السودان؛ مقال السفير الروسي أندريا تشيرنوفول، بانه يفتقد إلى أدنى قواعد المهنية الدبلوماسية ويعتبر تدخلا سافرا في الشئون الداخلية والتطاول على القوى الوطنية.
وقال الدقير في مقال إن إشارته لكون الجيش السوداني هو العقبة الكؤود في طريق مشروع التحول الديمقراطي، فهي تعد تدخلاً سافراً آخر غير مقبول، وهي إشارة ماكرة تستبطن إشادة تشجيعية للجيش بأن يظل عقبة في طريقة التحول الديمقراطي.
نص المقال
المقال الذي كتبه السفير الروسي لدى السودان – السيد/ أندريا تشيرنوفول – ونشرت قناة الشرق فقرات منه على موقعها الإسفيري خلا من أدنى قواعد المهنية والعرف الديبلوماسي وتضمن الكثير من التدخل السافر في الشأن السوداني وقدراً من الانزلاقات الشمولية والإساءة والتطاول على القوى الوطنية.
فهو إذ يتحدث ساخراً مُقَدِّماً جملة “ما يسمى” على مشروع التحول الديمقراطي في السودان، يتجاوز – عمداً أو جهلاً – حقيقة أن المشروع الذي نسبه إلى مجهول إنما هو حلم الشعب السوداني الذي ظل يبحث عن تحقيقه منذ الاستقلال ودفع في سبيله تضحيات جسيمة وعياً منه بأن الديموقراطية هي أفضل نظامٍ للحكم توصل إليه الإنسان خلال تاريخه المفعم بالصراع وسلب الحقوق وهدر الكرامة وأنها الوسيلة الأنجع لبناء دولة المواطنة على قواعد الاعتراف بالتنوع ورشد إدارته والإقرار بمشروعية التمايز والاختلاف والتنمية المتوازنة، وإدراكاً منه – عن تجربة – أن الحكم الشمولي الاستبدادي كله شرورٌ وآفات، ينتهك الحرية والكرامة الانسانية ويُلوِّث الحياة العامة، وينسف المضامين النبيلة لمؤسسات الدولة ويقعد بها عن أداء دورها بكفاءة وعدالة، لتكون المحصلة هي انسداد الآفاق والتتابع المحموم للأزمات في كل فضاءات الواقع.
أما إشارته لكون الجيش السوداني هو العقبة الكؤود في طريق مشروع التحول الديمقراطي، فهي تعد تدخلاً سافراً آخر غير مقبول، وهي إشارة ماكرة تستبطن إشادة تشجيعية للجيش بأن يظل عقبة في طريقة التحول الديمقراطي مثلما فعل حين قام – بمشاركة خصمه الحالي الدعم السريع – بالانقلاب على الدستور والإطاحة بحكومة الفترة الانتقالية في ٢٥ أكتوبر ٢٠٢١ .. وفي كل الأحوال هذه قضية يبقى حق تقييمها والفصل فيها للشعب السوداني لا لغيره.
وبلغ سعادة السفير قمة النزق بوصفه لِطَيْفٍ واسعٍ من القوى المدنية الديمقراطية – ممثلةً في تنسيقية “تقدم” – بأنها سبب النزاع المسلح الحالي وأنها قوى عميلة مأجورة يسعى الغرب لإيصالها للحكم، وذلك تطاول يتجاوز كل الحدود ويعتدي على الحقيقة وهو يعلم ذلك، فلا بد أنه كان شاهداً على من كان يقرع طبول الحرب ومن كان يسعى حتى اللحظات الأخيرة لتجنب وقوعها، ولو راجع مواقف القوى الديمقراطية السودانية لوجد أنها في كل مواثيقها المشتركة تنادي بسياسة خارجية متوازنة تقوم على رعاية المصالح الوطنية وتحقيق التعاون الإقليمي والدولي في كافة المجالات، كما ظلت تناهض التدخل الخارجي – من أية دولةٍ كانت – الذي يحاول توفير الحماية لنظم الاستبداد والحكم الشمولي في مواجهة حق الشعوب في الانتقال الديمقراطي، ورفضت خطط النظام السابق لعرض أراضي الوطن ومياهه الإقليمية لإقامة قواعد عسكرية أجنبية مقابل حماية النظام، وفي هذه السياق طالبنا ونطالب كل دول العالم بالامتناع عن أية أفعال أو أقوال تساهم في زيادة اشتعال نار الحرب في بلادنا أو توسيع رقعتها ونرحب بكل جهدٍ دولي وإقليمي يسعى للمساعدة في وضع حد لها ومعالجة الكارثة الإنسانية، مدركين أن مبتغى شعبنا العاجل هو إيقاف الحرب والخلاص من أهوالها، وأن إرادته التي عَبّر عنها عَبْر ثورة عظيمة مشهودة هي الانعتاق من الاستبداد ونظم الحكم الشمولي وتأسيس دولة مدنية ديمقراطية ذات سيادة وقرار وطني مستقل تبني علاقتها الخارجية على أساس خدمة مصالح شعبها والتعاون مع المجتمع الاقليمي والدولي دون وصاية أو إملاءات.
ختم السفير مقاله بالدعوة لإطلاق حوار شامل داخل السودان وإعلان استعداد بلاده للإسهام في عودة السلام والاستقرار إلى أرض السودان، وهو الجانب الوحيد الايجابي من مقاله، والذي كان سيكون له معنى ومصداقية لو أنه لم يقترن بدعوته الضمنية لإعاقة طريق التحول الديمقراطي لأن السلام المستدام والاستقرار الحقيقي لا يتحققان في غياب الديمقراطية.
16 يونيو 2024